• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : لباس المصلي / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس191 _لباس المصلي 64 .

الدرس191 _لباس المصلي 64

أقول: مقتضى الإنصاف هو أنَّ كلاً منهما مخالف للعامَّة، فكما أنَّ الصحيحتين مخالفتان للعامَّة لظهورهما في نفي الحليَّة الوضعية المساوقة للبطلان كذلك الموثَّقة مخالفة للعامَّة، لظهورها في مانعية الحرير من صحَّة الصَّلاة، وإنَّما حكم فيها بالجواز لكون الحرير ممّا لا تتمّ به الصَّلاة، وإلا لولا ذلك لكان عدم الجواز مما لا إشكال فيه، وهو مخالف لمذهب العامَّة.

ومقتضى القاعدة حينئذٍ هو تساقط كل من الطائفتين، لعدم كون إحداهما موافقة للكتاب دون الأخرى، وبعد التساقط نرجع إلى الأصل العملي، إذ لا يوجد عموم فوقاني يمكن الرجوع إليه، ومقتضى الأصل العملي هو البراءة عن تقييد الصَّلاة بعدم وقوعها في مثل هذا الحرير الذي لا تتمّ به الصَّلاة، بناءً على ما هو مقتضى الإنصاف من جريان البراءة في الأقلّ والأكثر الإرتباطيَّين، والله العالم.

(1) في المدارك: «هذا هو المعروف من مذهب الأصحاب»، وفي الجواهر: «وفاقاً للأكثر بل المشهور نقلاً، وتحصيلاً...»، وفي المقابل حكى العلاّمة في المختلف عن بعض المتأخرين القول بالمنع. قال صاحب المدارك: «وهو مجهول القائل والدليل» قال في الجواهر    ­ تعليقاً على كلام صاحب المدارك ­: «لكن فيه أنَّ ابن حمزة في المحكي عن الوسيلة في آخر كتاب المباحات ممّن صرح بالمنع، قال: وما يحرم عليه لُبْسه يحرم فرشه، والتدثر به والاتّكاء عليه، وإسباله ستراً، بل عن المبسوط مثل ذلك أيضاً...».

أقول: الدليل الذي دل على المنع من الحرير إنّما دل على حرمة لُبْسه والصَّلاة فيه، فهذا هو المنصوص في بعض الروايات، والمتبادَر من البعض الآخر، حتّى من مثل النبوي المتقدِّم: «هذان محرّمان على ذكور أمتي»، فإنّ المتبادَر منه إرادة الْلُبْس، وهو لا يصدق على الافتراش والركوب والاتكاء عليه، ونحو ذلك.

وقد يستدلّ لمذهب المشهور بصحيحة علي بن جعفر «قال: سألتُ أبا الحسن N عن الفراش الحرير، ومثله من الديباج، والمصلّى الحرير، هل يصلح للرجل النوم عليه، والتكأة، والصَّلاة؟ قال: يفترشه، ويقوم عليه، ولا يسجد عليه»[i]f327.

وقد استدلّ أيضاً برواية مسمع بن عبد الملك البصري عن أبي عبد الله N «أنّه قال: لا بأس أن يأخذ من ديباج الكعبة فيجعله غلاف مصحف، أو يجعله مصلَّى يصلّي عليه»[ii]f328، ولكنّها ضعيفة لأنّ في طريق الشيخ الصدوق R إلى مسمع بن عبد الملك الملقب بكردين، القاسم بن محمد الجوهري، وهو ضعيف.

وأمَّا ما عن الفِقه الرَّضوي «لا تصلّ على شيءٍ من هذه الأشياء إلاَّ ما يصلح لُبْسه»[iii]f329، فلا يعتدّ به لما عرفت من عدم ثبوت كون ما في الفقه الرضوي رواية، بل لعلّ الثابت هو العدم، إلاّ ما ذُكر فيه بعنوان «روي»، فتكون رواية مرسلة، والمراد من هذه الأشياء: الميتة والحرير والذهب.

ثمّ إنّه بقي شيء في هذه المسألة، وهو أنَّ صاحب المدارك بعد أنْ صرح باختصاص النهي باللُبْس دون الافتراش، قال «وفي حكم الافتراش التوسّد عليه، والالتحاف به، أمَّا التدثر به فالأظهر تحريمه لصدق اسم اللبس عليه».

وفيه: أنّ التدثّر كالالتحاف به لا يصدق عليه اللُبْس لأنّ التدثّر عبارة عن التغطّي بالدثار حال الاضطجاع.

نعم، إذا أريد منه الالتفاف به في سائر الأحوال، وليس فقط في حال الاضطجاع فيحرم حينئذٍ، وتبطل به الصَّلاة لصدق اسم اللبس عليه، والله العالم.

(1) قال المصنّف R في الذكرى: «يجوز لبس الحرير للنساء إجماعاً...»، وفي المدارك: «أمّا جواز لبسهنّ له في غير الصَّلاة مع الاختيار فهو قول العلماء كافّة، قاله في المعتبر والمنتهى....»، وفي الجواهر: «إجماعاً أو ضرورةً من المذهب، بل الدين....».

أقول: لا إشكال في المسألة من حيث جواز اللُبْس لهنّ، بل هي من الواضحات والمسلمات عند الجميع في جميع الأعصار والأمصار.

وقد استدل لذلك أيضاً ببعض الأخبار، منها رواية ليث المرادي «قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله N: إِنَّ رَسُولَ الله C كَسَا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حُلَّةَ حَرِيرٍ فَخَرَجَ فِيهَا، فَقَالَ: مَهْلاً يَا أُسَامَةُ! إِنَّمَا يَلْبَسُهَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَه فَاقْسِمْهَا بَيْن نِسَائِك»[iv]f330، ولكنها ضعيفة بأبي جميلة.

ومنها: حديث المناهي عن الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمد عن آبائه S ­ في حديث المناهي ­ «قال: نهى رسول الله C عن لبس الحرير والديباج والقزّ للرجال، فأمَّا النساء فلا بأس»[v]f331، وقد عرفت في أكثر من مناسبة أن حديث المناهي ضعيف جدّاً.

ومنها: رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر N «قال: سألته عن الديباج هل يصلح لبسه للنساء؟ قال: لا بأس»[vi]f332، ولكنها ضعيفة لأن عبد الله بن الحسن الذي يروي عن جده علي بن جعفر مهمل، هذا كله بالنسبة لجواز لبس النساء للحرير.

 

[i] الوسائل باب 11 من أبواب لباس المصلّي ح1.

[ii] الوسائل باب 11 من أبواب لباس المصلّي ح7.

[iii] الوسائل باب 16 من أبواب لباس المصلّي ح6.

[iv] الوسائل باب 13 من أبواب لباس المصلّي ح5.

[v] الوسائل باب 27 من أبواب الإحرام ح1.

[vi] الوسائل باب 16 من أبواب لباس المصلّي ح3.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=301
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 05-05-2015
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 27