• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الخمس .
              • القسم الفرعي : ما يجب فيه الخمس / الخمس (أرشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 1147 _كتاب الخمس 27 .

الدرس 1147 _كتاب الخمس 27

ومنها: رواية الحسن بن زياد عن أبي عبد اﷲ (عليه السلام) (قَاْل: إنَّ رجلاً أتى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين! إنِّي أصبتُ مالاً لا أعرف حلاله من حرامه، فقال له: أخرج الخُمس من ذلك المال، فإنَّ اﷲ (عز وجل) قد رضي من المال بالخُمُس، واجتنب ما كان صاحبه يعلم (يعمل))([1]).

وفيها أوَّلاً: أنَّها ضعيفة بجهالة الحكم بن بهلول.

وثانياً: أنَّ دلالتها غيرُ تامَّةٍ، فإنَّه يظهر من ذيلها أنَّها واردةٌ في مَنْ أصاب مالاً من شخص آخر، ولم يكن ذلك الشَّخص مبالياً في كَسْبه بالحلال والحرام، وكانت أمواله مجتمعةً من الحلال والحرام.

وبالجملة، فالمال المختلط بالحرام كان قبل الانتقال إليه، ومحلّ الكلام ما لو كان مختلطاً عنده.

ومهما يكن، فيُحتمل أن يكون المراد بالخُمُس هو الخُمُس المعروف الَّذي قد رضيَه اﷲ تعالى في كلّ ما استفاده الشَّخص من حيث كونه غنيمةً، لا من حيث كونه ممَّا لا يعرف حلاله من حرامه.

وعليه، فإذا كان الأمر كذلك، فالوزر حينئذٍ على الشَّخص الآخر الَّذي كسب الحرام، وأمَّا الشَّخص المنتقل إليه المال فله المهنأ، وعليه خمسه خُمُس الغنيمة.

ويُحتمل أيضاً: ورود هذه الرِّواية في ما كان حلاله وحرامه لأجل اشتماله على الرِّبا، وقد ورد في كثير من الرِّوايات العفو عنه في مثل الفرض، كحسنة الحلبيّ عن أبي عبد اﷲ (عليه السلام) (قَاْل: أتى رجل أبي (عليه السلام)، فقال: إنِّي ورثتُ مالاً، وقد علمتُ أنَّ صاحبه الَّذي ورثته منه قد كان يُربي، وقد أعرف أنَّ فيه رباً وأستيقن ذلك، وليس يطيب لي حلاله؛ لحال علمي فيه، وقد سألتُ فقهاء أهل العراق وأهل الحجاز، فقالوا: لا يحلّ أكله، فقال أبو جعفر (عليه السلام): إن كنت تعلم بأنَّ فيه مالاً معروفاً رِباً، وتعرف أهله، فخذ رأس مالك ورُدّ ما سوى ذلك، وإن كان مختلطاً فكُلْه هنيئاً، فإنَّ المال مالك، واجتنب ما كان يصنع صاحبه، فإنَّ رسول اﷲ (ص) قد وضع ما مضى من الرِّبا، وحرَّم عليهم ما بقي، فمَنْ جهل وسع له جهله حتَّى يعرفه، فإذا عرف تحريمه حرم عليه، ووجب عليه فيه العقوبة إذا ركبه، كما يجب على مَنْ يأكل الرِّبا)([2]).

والخلاصة: أنَّ رواية الحسن بن زياد ضعيفة سنداً ودلالةً.

ومنها: مرسلة الشَّيخ الصَّدوق (رحمه اﷲ) في الفقيه ­ (قَاْل: جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: يا أمير المؤمنين! أصبتُ مالاً أغمضتُ فيه، أفلي توبة؟ قَاْل: إئتني بخُمُسه، فأتاه بخُمُسه، فقال: هو لك، إنَّ الرَّجل إذا تاب تاب ماله معه)([3]).

وفيه أوَّلاً: أنَّها ضعيفةٌ بالإرسال.

وثانياً: أنَّ دلالتها غيرُ تامَّةٍ؛ إذ لا يظهر منها أنَّ ما أخذه (عليه السلام) من الخُمُس من حيث اختلاطه بالحرام، بل قد يكون من باب الغنيمة.

ويؤكِّد ذلك: ذيل المرسلة، فهو ظاهر في أنَّ توبته هي سبب حلّيّة ماله، لا أنَّ إخراج الخُمُس منه جعل الباقي حلالاً حتى يكون الخُمُس خُمُس التَّحليل.

وعليه، فيُحتمل ورود هذه المرسلة فيمَنْ لم يكن محترزاً في معاملاته عن مثل الرِّبا، حيث قد ورد في جملة من الرِّوايات زوال أثر الربا بالتَّوبة:

منها: صحيحة أبي المعزا (قَاْل: قَاْل أبو عبد اﷲ (عليه السلام): كلُّ رباً أكله النَّاس بجهالة، ثمَّ تابوا فإنَّه يقبل منهم إذا عرف منهم التَّوبة، وقَاْل: لو أنَّ رجلاً ورث من أبيه مالاً، وقد عرف أنَّ في ذلك المال رباً، ولكن قدِ اختلط ­ في التِّجارة ­ بغيره حلال كان حلالاً طيّباً فَلْيأكله، وإن عرف منه شيئاً أنَّه رِباً فَلْيأخذ رأس ماله وليردّ الرِّبا، وأيّما رجل أفاد مالاً كثيراً قد أكثر فيه من الرِّبا فجهل ذلك ثمَّ عرفه بعد فأراد أن ينزعه، فما مضى فله، ويدعه في ما يستأنف)([4]).

ومنها: صحيحة محمَّد بن مسلم (قَاْل: دخل رجلٌ على أبي جعفر (عليه السلام) من أهل خُراسان قد عمل بالرِّبا حتَّى كثر ماله، ثمَّ إنَّه سأل الفقهاء، فقالوا: ليس يقبل منك شيءٌ إلاَّ أن تردّه إلى أصحابه، فجاء إلى أبي جعفر (عليه السلام) فقصّ عليه قصّته، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): مخرجك من كتاب اﷲ (فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ) ]البقرة: 275]، والموعظة: التَّوبة)([5])، وكذا غيرها من الرِّوايات.

وعليه، فمرسلة الشَّيخ الصَّدوق (رحمه اﷲ) ليست إلاَّ كإحدى هذه الرِّوايات، فلا يُفهم منها أنَّ ما يأخذه (عليه السلام) من الخُمُس هو خُمُس التَّحليل، بل ظاهرها أنَّ حلّيّة باقي المال إنَّما هو لأجل التَّوبة، فالتَّوبة هي السَّبب المحلّل لباقي المال، وليس الخُمُس، فتكون خارجةً عن محلّ الكلام.

ومن جملة الرِّوايات المستدلّ بها على وجوب الخُمُس في المقام: ما رواه الشَّيخ الصَّدوق (رحمه اﷲ) في الخِصال (قال: حدَّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي اﷲ عنه))، قال: حدَّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمَّد بن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد اﷲ (عليه السلام) (قَاْل: الخُمُس على خمسة أشياء: على الكنوز، والمعادن، والغوص، والغنيمة، ونسي ابن أبي عمير الخامس)([6]).

قال الشَّيخ الصَّدوق (رحمه اﷲ) ­ بعد ذِكْره لهذه الرِّواية ­: (قال مصنِّف هذا الكتاب (رضي اﷲ عنه): أظنُّ الخامس الذي نسيه ابن أبي عمير مالاً يرثه الرَّجل، وهو يعلم أنَّ فيه من الحلال والحرام، ولا يعرف أصحاب الحرام فيؤدِّيه إليهم، ولا يعرف الحرام بعينه فيجتنبه، فيخرج منه الخمس)([7]).

 

([1]) الوسائل باب 10 من أبواب ما يجب فيه الخمس ح1.

([2]) الوسائل باب 5 من أبواب الرِّبا ح3.

([3]) الوسائل باب 10 من أبواب ما يجب فيه الخُمُس ح3.

([4]) الوسائل باب 5 من أبواب الرِّبا ح2.

([5]) الوسائل باب5 من أبواب الرِّبا ح7.

([6]) الوسائل باب 3 من أبواب ما يجب فيه الخُمُس ح7.

([7]) المقنع للشيخ الصدوق: ص171، والخصال: ص291.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=2863
  • تاريخ إضافة الموضوع : الإثنين: 09-01-2023
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 06 / 15