الدرس 201 / الاثنين: 31 تشرين1 2022
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والصَّدقة تقضي الدَّين، وتَخْلُف بالبركة، وتزيد المال(1)
(1) كما يُستفاد من جملة من الرِّوايات:
منها: موثقة غيَّاث بن إبراهيم عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَاْل: إنَّ الصَّدقة تقضي الدَّين، وتَخْلُف بالبَرَكة»([1]).
ومنها: رواية السَّكونيّ عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَاْل: قَاْل رسولُ الله (ص): تصدَّقُوا، فإنَّ الصَّدقة تزيد في المالِ كثرةً، فتصدَّقوا رحمكم الله!»([2])، وهي ضعيفة بعدم وثاقة الجهم بن الحكم المدائني وكذا غيرهما.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وإنَّ التَّوسعة على العِيال من أعظم الصَّدقات(2)
(2) لا يخفى: أنَّ جَعْل التَوسعة على العِيال من أعظم الصدقات فضلاً هو من باب المجاز، فهو ليس منها حقيقةً؛ ووجهه مشابهة التوسعة لها في الفضل.
ومهما يكن، فقدِ استدلّ لذلك بجملة من الرِّوايات:
منها: صحيحة أبي حمزة الثُّماليّ عن عليِّ بن الحسين (عليه السلام) «قال: أَرْضَاكُم عِنْد الله أَسْبَغُكم على عيالِه»([3])، ومالك بن عطيّة الموجود في السَّند متَّحد مع الأحمسيّ البجليّ الثقة، كما استظهرناه أخيراً.
ومنها: صحيحة معمَّر بن خلاَّد عن أبي الحسن (عليه السلام) «قَاْل: ينبغي للرَّجل أن يُوسِّع على عيالِه كيلا يتمنُّوا موته...»([4]).
ومنها: حسنة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَاْل: كان عليُّ بن الحسين (عليه السلام) إذا أصبح خرج غادياً في طلب الرِّزق، فقيل له: يا ابن رسول الله! أين تذهب؟ فقال: أتصدَّق لعيالي، قِيل له: أتتصدَّق؟ فقال: مَنْ طلب الحَلَال فهو من الله صدقة عليه»([5]).
ويُستفاد من هذه الحسنة أنَّ الصَّدقة على العيال ليست حقيقةً من باب الصَّدقة، وإنَّما هي مشابهةٌ لها في الفضل، وكذا غيرها من الرِّوايات.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ويستحبُّ زيادة الوقود لهم في الشِّتاء(1)
(1) كما في حسنة ياسر الخادم «قَاْلَ: سَمِعْتُ الرِّضَا (عليه السلام) يَقُولُ: يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ قُوتِ عِيَالِهِ فِي الشِّتَاءِ، وَيَزِيدَ فِي وَقُودِهِمْ»([6]).
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وتجوز على الذِّميّ، وإن كان أجنبيّاً(2)
(2) الأمر الثالث: يقع الكلام فيه في أمرَيْن:
الأوَّل: في جواز الصَّدقة على الكافر الحربيّ، وعدمه.
الثَّاني: في جوازها على الكافر الذِّميّ، وعدمه.
أمَّا الأمر الأوَّل: فالمعروف بين الأعلام عدم جواز الصَّدقة المندوبة على الكافر الحربيّ؛ للنَّهي عن موادَّته وبرّه.
ولكن عن جماعة من القدماء جواز ذلك، كما في المحكيّ عن مجمع البيان: «الإجماع على جواز أن يبرّ الرَّجل مَنْ شاء من أهل الحرب، قرابةً كان أو غير قرابة، وإنَّما الخلاف في إعطائهم الزَّكاة، والفِطْرة، والكفَّارات، فلم يجوِّزه أصحابنا، وفيه خلاف بين الفقهاء...».
وقد يُستدلّ لهم بعموم الحثِّ على الإحسان والمعروف وصلة الأرحام، وأنَّ لكلِّ كبد حرَّى أجراً.
وفيه: ما عرفته من حال الإجماع المنقول بخبر الواحد، مع إمكان إرادتهم خصوص الذِّميّ؛ لأنَّه دليل لُبِّي يُقتصر فيه على القدر المتيقَّن.
بل يُشكَل عليهم: بأنَّ ضرورة الشَّريعة تقتضي الحثَّ على قطع رحم الكافر، وعلى الإساءة لهم بكلِّ ما يمكن؛ لأنَّهم دوابّ الأرض المؤذية كما في قوله تعالى: « إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُون ﴾ ]الأنفال: 55[.
ومن المعلوم أنّ الصَّدقة عبادة، كما هو واضح، ولا يكون متعلّق العبادة أمراً محرَّماً؟!
ومنه تعرف عدم صحَّة الاستدلال بعموم الحثّ والإحسان والمعروف وصلة الأرحام، بل هي مخصَّصة بلا إشكال.
الأمر الثَّاني: المعروف بين الأعلام جواز الصَّدقة على الكافر الذِّميّ، ولو كان من غير أرحامه، أي كان أجنبياً؛ وذلك لقوله تعالى: «لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمŒ ﴾ ]الممتحنة: 89[.
([1]) الوسائل باب 1 من أبواب الصدقة ح1.
([2]) الوسائل باب 1 من أبواب الصدقة ح8.
([3]) الكافي ج4 باب كفاية العيال والتوسع علهيم ح1، ص11.
([4]) الكافي ج4 باب كفاية العيال والتوسع علهيم ح3، ص11.
([5]) الكافي ج4 باب كفاية العيال والتوسع علهيم ح11، ص12.
([6]) الكافي ج4، باب كفاية العيال والتوسع عليهم ح14، ص12.
|