• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الاصول .
              • القسم الفرعي : مبحث الأوامر / بحث الاصول .
                    • الموضوع : الدرس 140 _ المقصد الأول في الاوامر 72 .

الدرس 140 _ المقصد الأول في الاوامر 72

المحاولة الخامسة: المقدمة العلمية

بعد الفراغ من المحاولة الرابعة فيما يتعلّق بالمقدمة المفوتة، تأتي النوبة إلى المقدمة العلمية؛ حيث تقدم أنّها لا تدخل ضمن المقدمات المفوتة؛ لأنّ الواجب لا يتوقف عليها عقلاً؛ إذ يمكن الإتيان به بغضّ النظر عن تعلّمه؛ فإنّ الجهل بشيء لا يسلب القدرة عنه، بخلاف المقدمة المفوّتة، فإنّ تركها يوجب سلب القدرة عن الإتيان بذيها.

ثم إنّ دليل وجوب المقدمة العلمية لمّا كان دليلاً لبياً، وهو إدراك العقل أن وظيفة العبد الذهاب إلى باب المولى والسؤال عن أوامره، فيقتصر فيه على القدر المتيقن، وهو فيما إذا لم يمكن تعلّمه بعد دخول الوقت، ولم يمكن الاحتياط، وإلا لو أمكن التعلّم بعد دخول الوقت بحيث لا يفوت الواجب، أو أمكن الاحتياط؛ كما لو دار الأمر بين القصر والتمام؛ فإنّه يمكن للمكلف أن يحتاط بالإتيان بالصلاة على النحوين، لم يجب التعلم حينئذٍ.

ولا إشكال في شمول دليل وجوب التعلّم لمّا إذا كان الواجب ابتلائياً دون ما نقطع بأنّنا لن نبتلى به، أمّا ما نحتمل أنّنا سنبتلي به، فقد ذهبت جماعة من الأعلام إلى وجوب تعلمه، وذهبت أخرى إلى عدمه بدعوى الاستصحاب الاستقبالي لعدم الابتلاء؛ فإنّا على يقين الآن بعدم الابتلاء، ونشكّ في حصوله لاحقاً، فنستصحب عدمه، وعليه لا يجب التعلم.

وقد أُشكل على هذا الاستصحاب بعدة إشكالات:

الأوّل: إنّ الاستصحاب المتعارف هو ما كان فيه اليقين سابقاً والشك لاحقاً، لا ما كان فيه اليقين حالياً والشك لاحقاً.

وفيه: أنّ أدلة الاستصحاب غير مختصّة باليقين السابق والشك اللاحق. ثمّ إنّ كون الاستصحاب الاستقبالي غير متعارف لا يخرجه عن الحجية.

الثاني: وهو للسيد الخوئي R؛ حيث نفى الاستصحاب المزعوم بالعلم الإجمالي بالابتلاء بقسم من الأحكام الشرعية في ظرفها. ومن المعلوم أنّ مثل هذا العلم الإجمالي مانع من جريان الأصول النافية في أطرافه؛ حيث إنّ جريانها في الجميع مستلزم للمخالفة القطعية العملية، وجريانها في البعض دون البعض الآخر مستلزم للترجيح بلا مرجّح، فلا محالة تسقط، فيستقلّ العقل بوجوب التعلم.

وفيه: أنّ العلم الإجمالي المدّعى منحلّ بكثير من الأحكام الابتلائية المعلومة تفصيلاً، أو على الأقل منحلّ بالعلم الإجمالي الصغير في مثل أحكام الصلاة والصوم وغيرهما؛ بحيث لا يزيد المعلوم إجمالاً عنه.

الثالث: وهو للسيد الخوئي R أيضاً، وهو أنّه لو أجرينا الاستصحاب في موارد احتمال الابتلاء، لما بقي تحت إطلاقات أدلّة وجوب التعلم إلا القليل.

وتوضيحه: إنّ ما دلّ على وجوب التعلم والمعرفة من الآيات والروايات؛ كقوله: «فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُون »( )، وقوله C: «هلاّ تعلمت»، وما شاكل ذلك، وارد في مورد هذا الاستصحاب؛ حيث إنّه في غالب الموارد لا يقطع الإنسان بل لا يطمئنّ بالابتلاء، فلو جرى الاستصحاب في هذه الموارد لم يبقَ تحت هذه العمومات والمطلقات إلا موارد نادرة.

وفيه: أنّ الموارد التي نطمئن بأنّنا سنبتلي بها كثيرة؛ كأحكام الصلاة والصوم والزواج والطلاق والديات... فالباقي تحت العمومات والإطلاقات كثير.

ثمّ إنّه قد يقال بأن أدلة وجوب التعلم أدلّة إرشادية لما حكم به العقل.

وجوب التعلم نفسي أم غيري أم إرشادي أم طريقي؟

تقدّم من قبل أن وجوب التعلم ليس وجوباً نفسياً تهيئياً؛ إذ لا مصلحة في متعلقه مستقلة عن مصلحة الواجب، ولا يلزم العقاب بتركه بل العقاب على مخالفة الواقع، فضلاً عن أنّ أدلة وجوبه النقلية يظهر منها أنّ تعلمه لأجل العمل لا لنفسه.

وليس وجوب التعلّم وجوباً غيرياً؛ لأنّ ملاكَي الغيرية منتفيان بالنسبة إليه؛ فوجوبه ليس مترشّحاً من وجوب نفسي؛ لفرض أنّه قبل الوقت لا يكون التكليف فعلياً، وكذا لا يتوقف وجود ذي المقدمة عليه؛ لما تقدم من أنّ الجهل بشيء لا يسلب القدرة عنه.

وأمّا الوجوب الإرشادي، فملاكه أن يكون وجود الأمر وعدمه على حدّ سواء؛ كما في مثل قولهL: «قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ »( )، فإنّه إرشاد إلى حكم العقل بوجوب الإطاعة للمولى. وكذا الآيات الشريفة الناهية عن العمل بغير العلم، فإنّها إرشاد إلى ما استقلّ به العقل، وهو عدم جواز العمل بالظن.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=2526
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 01-10-2013
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29