• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الاصول .
              • القسم الفرعي : مقدمات علم الأصول / بحث الاصول .
                    • الموضوع : الدرس 31 _ مقدمات علم الاصول 31 .

الدرس 31 _ مقدمات علم الاصول 31

نجيب على الميرزا بأجوبة ثلاثة:

أوّلاً: إنَّ إطلاق العرف لفظ (الصلاة) على أفرادها المختلفة كمّية وكيفية وبحالاتها المختلفة، إنَّما هو باعتبارها أفراداً حقيقيَّة للصلاة، وليس باعتبارها أفراداً شبيهة بالصحيح الأعلائي تنـزيلاً وادعاءً. ومن هنا تراه يستعملها في جميع أفرادها بلا لحاظ عناية وتنـزيل، ولا يوجد أيّ تفاوت في مرحلة الاستعمال بين المرتبة العالية وبقية المراتب.

ثانياً: لو سلّمنا بأنَّ لفظ (الصلاة) موضوع للصحيح الأعلائي؛ أي صلاة العالم القادر المختار، فإنَّ ذلك لا يلزمه نفي الحاجة إلى تصوير جامع؛ لأنَّ للصحيح الأعلائي نفسه أفراداً متعدّدة؛ فصلاة الظهر للعالم القادر المختار فرد، وصلاة العصر له فرد، وصلاة العيد له فرد، وهكذا، وبالتالي هذا الصحيح الأعلائي يحتاج إلى تصوير جامع له، فما فررنا به من الجامع ردّنا إليه.

ثالثاً: إنَّ تخصيص الحاجة إلى تصوير الجامع بصلاة الحاضر والمسافر لعلّة وحدة مرتبتهما لا وجه له؛ لأنَّ صلاة الظهر والعصر في مرتبة واحدة أيضاً، وكلاهما في مرتبة صلاة المغرب، وهكذا كلّها صلوات عالية ليست إحداها أعلى من الأخرى.

ثمَّ إنَّه بناءً على كون لفظ الصلاة موضوعاً للمرتبة العالية، يصحّ ما ذكره من عدم التمسك بإطلاق قوله (عليه السّلام): «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب»، على اعتبار الفاتحة لمن يصلّي جالساً، وذلك من جهة عدم إحراز التنـزيل والادعاء بعد فرض أنَّ الموضوع له ­ وهو المرتبة العالية ­ لا يشمل المشكوك فيه.

فالخلاصة إلى هنا: إنَّه لا بدَّ من تصوير جامع لأفراد الصلاة، وهو معنى كلّي منطبق على أفرادها؛ سواء قلنا بأنَّه موضوع للصحيح أم للأعم.

المحاولة الأولى لتصوير الجامع على القول بالصحيح:

ذكر صاحب الكفاية في تصوير الجامع لخصوص الصحيح أنَّه: «لا إشكال في وجوده بين الأفراد الصحيحة». وقد استدلّ على ذلك بأنَّ الأثر الخارجي البسيط يكشف عن كون المؤثّر واحداً. وفي المقام نجد أنَّ أثر الصلاة واحد بسيط، وهو النهي عن الفحشاء والمنكر مثلاً، أو كونها معراج المؤمن أو قربان كلّ تقي، كما في بعض الروايات، فلا بدّ أن يكون لأفرادها جامع ماهوي ذاتي، يكون هو المؤثر للأثر الواحد.

ولكنّه أشكل على نفسه قائلا: «والإشكال فيه بأن الجامع لا يكاد يكون أمراً مركباً، إذ كلّ ما فرض جامعاً، يمكن أن يكون صحيحاً وفاسداً، لما عرفت، ولا أمراً بسيطاً، لأنَّه لا يخلو: إمّا أن يكون هو عنوان المطلوب، أو ملزوماً مساوياً له، والأول غير معقول، لبداهة استحالة أخذ ما لا يتأتى إلا من قبل الطلب في متعلَّقه، مع لزوم الترادف بين لفظة الصلاة والمطلوب، وعدم جريان البراءة مع الشك في أجزاء العبادات وشرائطها».

مفاد الإشكال، مع توضيح منّا بشكل مفصّل، هو أنَّ هذا الجامع لا يخلو إمّا أن يكون مركباً أو بسيطاً، فإنَّ كان مركباً، فيرد عليه أنَّ كلّ مركب يتداخل فيه الصحيح والفاسد؛ فصلاة الحاضر مثلاً المركّبة من أربع ركعات وعدّة من الأجزاء والشرائط صحيحة للحاضر وفاسدة للمسافر، فتتداخل الصحة والفساد في عنوانها.

وإن شئت فقل: إنَّ معنى كون الجامع مركّباً، هو أنَّ مفهوم الصلاة نفس المركب من أجزائها وشرائطها الداخلة تقيّداً. وعليه، فهي غير شاملة للأفراد الصحيحة الفاقدة لبعض الأجزاء أو الشرائط، فتكون فاسدة بالنسبة لهذا البعض.

هذا إذا كان الجامع مركّباً، وأمّا إن كان الجامع بسيطاً، فلا يخلو، إمّا أن يكون هو عنوان (المطلوب)، أو ملزوماً مساوياً له؛ كعنوان (المحبوب) مثلاً. فإن كان الأوَّل، فيرد عليه ثلاثة إشكالات:

أوّلاً: لزوم الدور؛ فإنَّ عنوان المطلوب متوقف على طلب المولى، والفرض أنَّ العنوان موجود في مرحلة المسمّى؛ أي قبل الطلب، فيكون الطلب متوقفاً عليه، فيلزم توقّف الشيء على نفسه.

ثانياً: لو كان معنى (الصلاة) هو (المطلوب)، للزم ترادفهما، وهذا مستهجن عرفاً؛ إذ لا يصحّ لديهم استعمال أحدهما بدل الآخر، فضلاً عن صحّة انطباق (المطلوب) على بقية العبادات؛ الصوم مطلوب، والحج مطلوب، والخمس مطلوب... فيلزم أن تكون كلّها صلاة، وهو باطل جزما. اللهم إلا أن يقال: إنَّ المراد من المطلوب هو المطلوب الشخصي الحاصل من الأمر في «وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ »( )؛ لوضوح عدم صدق ذلك على سائر المطلوبات.

ثالثاً: لو كان الجامع لأفراد الصلاة الصحيحة بسيطاً، للزم أن يكون الشكّ في جزئية أو شرطية شيء من الصلاة شكاً في المحصِّل؛ إذ لا إجمال في المأمور به، وهو العنوان البسيط، والشك في المحصِّل مجرى الاشتغال، مع أنَّ المشهور القائل بالصحيح قائل بجريان البراءة في هذا المورد.

وبهذا الإشكال الأخير يشكل لو كان البسيط هو ملزوم المطلوب، كالمحبوب مثلاً، بل يشكل أيضاً بلزوم الترادف، كما لا يخفى.

يجيب صاحب الكفاية بأنَّ الجامع ليس مركّباً، بل هو بسيط، ولكنَّه ليس المطلوب ليرد ما تقدم، بل هو ملزوم المطلوب؛ أي المحبوب مثلاً.

ويجيب على إشكال عدم جريان البراءة بأنَّ هذا الإشكال إنَّما يتمّ لو كان العنوان شيئاً والمحصِّل شيئاً آخر؛ كالطهارة، فإنَّها حالة معنوية مسبَّبة عن الغسلات والمسحات، فإنَّه في مثل هذه الحالات لا تجري البراءة، فيرد الإشكال، أمَّا إذا كان العنوان متّحداً مع الأفراد، فتجري البراءة؛ إذ لا يكون هناك سبب ومسبَّب؛ إذ المأمور به ليس شيئاً آخر غير الأفراد، فالشك لا محالة يرجع إلى الشك في دخول شيء في نفس المأمور به، فتجري البراءة.

فالخلاصة: إنّ الجامع متّحد مع الأفراد المختلفة زيادة ونقصاً.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=2416
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 19-12-2012
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 27