• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : مبحث أحكام السهو في الصلاة / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس 788 _ احكام السهو في الصلاة 16 .

الدرس 788 _ احكام السهو في الصلاة 16

وقد عرفت أنّ العلّامة (رحمه الله) في المختلف: ذهب إلى الاستحباب، جمعاً بين هذه الرّوايات وبين موثّقة عمّار المتقدّمة، حيث ورد في ذيلها: «وليس عليه أن يسبّح فيهما، ولا فيهما تشهّدٌ بعد السّجدتين».[1] وهذا هو الإنصاف، فإنّ هذه الموثّقة لصراحتها في نفي الوجوب، يحمل الأمر في الرّوايات المتقدّمة على الاستحباب.
وأمّا القول: بأنّ المشهور أعرض عنها. فقد عرفت ما فيه كبرًى وصغرًى، فلا حاجة للإعادة.

ثمّ إنّ المراد من التّشهّد الخفيف: هو التّشهّد المقتصر فيه على الواجب منه الخالي من الأذكار الطّويلة المستحبة، أي الشّهادتين، والصّلاة على النّبيّ وآله (عليهم السّلام).
وبالجملة، فالمراد بالتّشهّد الخفيف هو التّشهّد الخفيف المتعارف في الصّلاة، وهو: أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد.
وبعض الأعلام: قد اكتفى بالتّشهّد الخفيف هنا -أي في سجود السّهو- بأشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد. وفيه: لا دليل على الاكتفاء بذلك، وتوصيفه بالتشهد الخفيف لا يدلّ على ذلك، بل ينصرف إلى التّشهّد الخفيف المتعارف في الصّلاة، وهو الذي ذكرناه.

*قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ويسلّم التسليم المخرج من الصّلاة*
المشهور بين الأعلام: وجوب التسليم في سجدتي السّهو، وفي الذّكرى: نسبة القول بالوجوب إلى فتوى الأصحاب.
ولكن صريح العلّامة (رحمه الله) في المختلف: عدم الوجوب، بل في تعليق الإرشاد: أنّ عبارات جميع الأصحاب خالية من إيجابه، وأنّه لم يثبت بالإجماع.

أقول: أمّا من ذهب إلى الوجوب، فقد استدل ببعض الرّوايات:
منها: صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السّلام)، قال: «إذا لم تدرِ خمساً صلّيت أم أربعاً، فاسجد سجدتي السّهو بعد تسليمك وأنت جالسٌ، ثمّ سلّم بعدهما».[2]
ومنها: صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السّلام)، قال: «إذا لم تدرِ خمساً صلّيت أم أربعاً، فاسجد سجدتي السّهو بعد تسليمك وأنت جالسٌ، ثمّ سلّم بعدهما».[3]

ثمّ إنّك قد عرفت: أنّ العلّامة (رحمه الله) في المختلف ذهب إلى الاستحباب، جمعاً بين هاتين الصّحيحتين وبين موثّقة عمّار المتقدّمة، باعتبار أنّ نفي التّشهّد يستلزم نفي التسليم، وهذا هو الصّحيح، والكلام هنا هو الكلام في التّشهّد.
والخلاصة: أنّ التسليم في سجدتي السّهو مستحبّ، كالتّشهّد فيهما.

ثمّ إنّ المراد من التسليم في الرّوايات وفتاوى الأعلام: هو التسليم الذي يخرج به عن الصّلاة، بل الظّاهر كفاية خصوص السّلام عليكم.

*قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وقال الحلبي يخرج منهما بالتسليم على النّبيّ (صلّى الله عليه وآله)*
حكي عن أبي الصّلاح الحلبي (رحمه الله) أنّه -بعد أن أمر بالتّشهّد الخفيف بعد رفع الرأس من السّجدتين- قال: «وينصرف منهما بالتسليم على محمّد وآله (صلى الله عليه وآله)». (انتهى كلامه). وفيه: لا دليل على ما ذكره، ولعلّه يريد شيئاً آخر لم نوفّق للوصول إليه.

*قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والأقرب: فعلهما قبل الكلام، ولو أخّرهما أتى بهما بعد*
قال المصنّف (رحمه الله): «يجب البدار بهما على الفور، لما روي من أنّهما قبل الكلام. (إلى أن قال): فلو تركهما لم يقدح في صحّة الصّلاة، بل يجب الإتيان بهما بعد وإن طالت المدّة». (انتهى كلامه).
وفي الحدائق: «المشهور بين الأصحاب (عطّر الله مراقدهم) أنّ وجوب السّجدتين المذكورتين فوريّ». (انتهى كلامه).
وفي الجواهر: «ويجبان على الفور عرفاً، كما صرّح به بعضهم، بل قد يشعر ما في شرح المولى الأكبر بالإجماع عليه، كما أنّه في الذّخيرة والكفاية نسب وجوب المبادرة إليهما قبل فعل المنافي للأصحاب مشعرين بدعوى الإجماع عليه». (انتهى كلامه).
وبالمقابل: حكي عن ظاهر العلّامة (رحمه الله) في النّهاية، والمصنّف (رحمه الله) في الألفيّة، والشّهيد الثاني (رحمه الله) في شرحها، القول: باستحباب الفوريّة، ووافقهم بعض الأعلام المتأخّرين.

أقول: قد استدل للقول بالفوريّة العرفيّة ببعض الأدلّة:
منها: أنّ الأمر يدلّ على الفوريّة. وفيه -ما ذكرناه في مبحث علم الأصول-: أنّ الأمر لا يدلّ لا على الفوريّة، ولا على التّراخي.
ومنها: الرّوايات الدّالّة على أنّهما بعد التّسليم، أو بعد تسليمك وأنت جالس، كما في صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال: «إذا لم تدرِ خمساً صلّيت أم أربعاً، فاسجد سجدتي السّهو بعد تسليمك وأنت جالسٌ، ثمّ سلّم بعدهما».[4] وفي صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال: «إذا لم تدرِ خمساً صلّيت أم أربعاً، فاسجد سجدتي السّهو بعد تسليمك وأنت جالسٌ، ثمّ سلّم بعدهما».[5] فإنّ الظّاهر من البعديّة هو البعديّة العرفيّة القريبة، أي إنّه يبادر إلى فعل السّجدتين بعد الفراغ من الصّلاة قبل أن يتحوّل من مكانه، فيكون التحديد بكونه جالساً جارياً مجرى الغالب من ضيق هذا الوقت المستلزم لحصولهما فوراً عرفاً، وهذا الدليل قوي.
ومنها: الرّوايات الدّالّة على أنّ سجدتي السّهو بعد التسليم وقبل التكلّم، أي قبل فعل المنافي، باعتبار أنّ التكلّم الوارد في الرّوايات إنّما ذكر من باب المثال، وأنّه أحد أفراد فعل المنافي، كما في ذيل صحيحة الحلبي: «فإذا فرغت، فاسجد سجدتي السّهو بعد التّسليم، قبل أن تتكلّم».[6] وكما في ذيل صحيحة ابن أبي يعفور: «ويسجد سجدتي السّهو، وهو جالسٌ، قبل أن يتكلّم».[7] فإنّ كون السّجدتين قبل التكلّم كناية عن فوريّة الإتيان بهما عرفاً، أي أنّ وقتهما هو الزّمان المتّصل بالصّلاة التي جرت العادة في الغالب بعدم تلبّس المصلّي بالكلام، أو الانتقال من مجلسه. وعليه، فلا مدخليّة لفعل المنافي من حيث هو في الحرمة، وإنّما المحرّم ترك السّجدتين في الزّمان المتّصل بالصّلاة، سواء تلبّس حاله بكلام أم لا؛ وهذا هو الأقوى.
والخلاصة: أنّ ما ذهب إليه المشهور من الفوريّة العرفيّة، وهو الصّحيح.

 

[1] وسائل الشيعة: باب 20 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، ح3.

[2] وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، ح1.

[3] وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، ح3.

[4] وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، ح1.

[5] وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، ح3.

[6] وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب التشهد، ح3.

[7] وسائل الشيعة: باب 7 من أبواب التشهد، ح4.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=1931
  • تاريخ إضافة الموضوع : الخميس: 24-10-2019
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 27