• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : مبحث أحكام السهو في الصلاة / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس 787 _ احكام السهو في الصلاة 15 .

الدرس 787 _ احكام السهو في الصلاة 15

*قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وما يجب في سجود الصّلاة*
[يقع الكلام في أمرين:
الأمر الأوّل: هل يجب الذّكر في سجدتي السّهو أم لا؟
الأمر الثاني: على فرض الوجوب، هل يشترط أن يكون بالكيفيّة الخاصّة الواردة في صحيحة الحلبي التي سنذكرها -إن شاء الله تعالى- أم يكفي مطلق الذّكر.

لا زال الكلام في الأمر الأوّل: وقلنا: أنّ من ذهب إلى الوجوب، فقد استدلّ له: بصحيحة الحلبي التي رواها المشايخ الثلاثة]

أقول:
على نسخة التهذيب يكون الفعل الصّادر من الإمام (عليه السّلام) من أجل التعليم، فيكون بياناً للحكم بالفعل، وهي حينئذٍ لا تدلّ على الوجوب؛ لأنّها حكت فعله، والفعل أعمّ من الوجوب؛ لأنّه مجمل، والقدر المتيقّن منه هو الاستحباب.
وأمّا على نسخة الفقيه والكافي، فيكون من باب حكاية القول لا الفعل، حيث قال: «تقول في سجدتي السّهو ...» وهي دالّة على الوجوب، ولكنّها محمولة على الاستحباب جمعاً بينها وبين موثّقة عمّار المتقدّمة الصّريحة في نفي الوجوب، أو كالصّريحة.

لا يقال -كما عن السّيّد أبو القاسم الخوئي (رحمه الله)-: إنّ الموثّقة معارضة للصّحيحة؛ لأنّها تدلّ على نفي مشروعيّة التسبيح، لا أنّها تدلّ على نفي الوجوب حتّى يجمع بينها وبين الصّحيحة بالحمل على الاستحباب، وعليه فبعد التّعارض، إذا لم تكن الموثّقة موافقة للعامّة حتّى تحمل على التقيّة، فلا ينبغي الشّكّ في ترجيح الصّحيحة عليها، فإنّها من الرّوايات المشهورة المعروفة.
فإنّه يقال: أوّلاً: أنّ حمل الموثّقة على كونها لنفي التشريع بعيد جدًّا عن سياقها، بل لا يخطر في البال؛ وذلك لأنّ السّائل لما توهّم وجوب التكبير والتسبيح فيهما، باعتبار أنّ السّجود المتعارف مشتمل على التسبيح، فقال الإمام (عليه السّلام): «لا» أي لا يجب ذلك «إنّما هما سجدتان فقط».
وثانياً: أنّ الترجيح بالشّهرة الرّوائيّة غير ثابت عند السّيّد أبو القاسم الخوئي (رحمه الله)، كما ذكره في علم الأصول مراراً وتكراراً.
والخلاصة إلى هنا: أنّ الذّكر في سجدتي السّهو مستحبّ وليس واجباً، والله العالم.

أما الأمر الثاني: أنّه على فرض الوجوب، هل يتعيّن الذّكر المخصوص، وهو ما اشتملت عليه صحيحة الحلبي، أم يكفي مطلق الذّكر؟
ظاهر جماعة من الأعلام: التعيّن، منهم الشّيخ (رحمه الله) في الجمل، وابن زهرة (رحمه الله) في الغنية، والعلامة (رحمه الله) في القواعد والنّهاية، والمصنّف (رحمه الله) هنا وفي الذّكرى واللمعة؛ خلافاً للشّيخ (رحمه الله) في المبسوط، والعلّامة (رحمه الله) في التحرير، بل كثير من الأعلام، حيث اكتفوا بمطلق الذّكر.
والإنصاف: أنّه على القول بدلالة الصّحيحة على الوجوب فيتعيّن حينئذٍ إحدى الصّيغتين المذكورتين في الصّحيحة؛ لأنّها تكون مقيّدةً للإطلاقات الآمرة بالسّجدتين، وبما أنّ الصّحيحة محمولة على الاستحباب، كما عرفت، فيجزئ حينئذٍ مطلق الذّكر، كما هو واضح.

نعم يبقى شيء في المقام: وهو أنّه بناءً على تعيّن الذّكر المخصوص الموجود في الصّحيحة، فهل يجوز الإتيان بكلّ ما تضمنته الصّحيحة، بما فيها من اختلاف النّسخ، كما عن المصنّف (رحمه الله) في الذّكرى وهنا، وغيره في غيرهما أيضاً، أم لا؟
أقول: مقتضى الإنصاف هو الاجتزاء بالصّيغة الثانية التي اشتملت عليها الصّحيحة، وهي: «بسم اللّه وباللّه، السّلام عليك أيّها النّبيّ» لاتّفاق رواة الصّحيحة عليها.

نعم، وقع الخلاف فيها: من حيث زيادة (الواو) قبل السّلام عليك أيها النّبيّ (صلى الله عليه وآله) وعدمها، والزّيادة واقعة في نسخة التهذيب.
ومن المعلوم تقدّم نسخة الكافي، وكذا نسخة الفقيه، على نسخة التهذيب، لما هو المعروف عن الكليني والصّدوق (رحمهما الله) من دقّة الضّبط في النّقل، بخلاف ما هو المعروف عن الشّيخ (رحمه الله).
حتّى أنّ صاحب الحدائق (رحمه الله) ذكر أنّه: «قلما يخلو حديث من أحاديثه -أي التهذيب- من علّة في سند أو متن».
(انتهى كلامه). وكلامه وإن كان فيه من المبالغة، إلّا أنّه صحيحة في الجملة.

وأمّا الصّيغة الأولى الموجودة في الصّحيحة: فقد عرفت أنّ الكليني (رحمه الله) رواها بصورة «اللّهمّ صلّ على محمّدٍ وآل محمّدٍ»، ورواها الشّيخ الصّدوق (رحمه الله)، والشيخ (رحمه الله) في التهذيب بصورة «وصلّى الله على محمّدٍ وآل محمّدٍ».

ومن المعلوم أنّ الواقعة واحدة، ولا يحتمل تعدّد الواقعة، بأن يكون الحلبي سمع من الإمام تارة: «اللّهمّ صلّ على محمّدٍ وآل محمّدٍ» وأخرى: «وصلّى الله على محمّدٍ وآل محمّدٍ»، وبما أنّه لا يحتمل تعدّد الواقعة فلا يحتمل أيضاً تعدّد الرّواية. وعليه، فيكون الصّادر عن الإمام (عليه السّلام) إحدى الصّورتين، وحيث لا يمكن تمييز إحداهما عن الأخرى فيكون من باب اشتباه الحجّة باللاحجّة، فإذا أراد الإتيان بالصّيغة الأولى فلابدّ من الجمع بين صورتي الصّلاة على النّبيّ (صلّى الله عليه وآله).
والذي يهوّن الخطب: أنّه لا يجب الذّكر، فإذا أراد أن يأتي بالذّكر في سجدتي السّهو فيكتفي بمطلق الذّكر بأيّ صيغة كانت.

*قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ويتشهّد بعدهما تشهّداً خفيفاً*
المعروف بين الأعلام: وجوب التّشهّد في سجدتي السّهو.
وفي الجواهر: «وأمّا التّشهّد فالمشهور نقلاً وتحصيلاً وجوبه، بل في التذكرة نسبته إلى علمائنا، مشعراً بدعوى الاجماع عليه كالذكرى وغيرها، بل في المعتبر وعن المنتهى الاجماع عليه ...».
(انتهى كلامه).
وفي المقابل: ذهب العلّامة (رحمه الله) في المختلف إلى عدم الوجوب وجعله مستحبّاً.

أقول: قد استدلّ للقول بالوجوب بدليلين:
الدليل الأوّل: الإجماع المدّعى. وفيه: ما عرفت من كونه منقولاً بخبر الواحد، وأدلّة حجيّة خبر الواحد لا تشمله، مضافاً لاحتمال كونه مدركيّاً فلا يكون إجماعاً تعبّداً كاشفاً عن رأي المعصوم (عليه السّلام).
الدليل الثاني: الرّوايات المستفيضة:
منها: صحيحة عبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال: «إذا لم تدر أربعاً صلّيت أم خمساً، أم نقصت أم زدت، فتشهّد وسلّم واسجد سجدتين بغير ركوعٍ ولا قراءةٍ، تتشهّد فيهما تشهّداً خفيفاً».[1]
ومنها: صحيحة علي بن يقطين قال: «سألت أبا الحسن(عليه السّلام) عن الرّجل لا يدري كم صلّى واحدةً أو اثنتين أم ثلاثاً، قال: يبني على الجزم، ويسجد سجدتي السّهو، ويتشهّد خفيفاً».[2]
ومنها: موثّقة أبي بصير قال: «سألته عن الرّجل ينسى أن يتشهّد، قال: يسجد سجدتين يتشهّد فيهما».[3] ومضمرات أبي بصير مقبولة؛ وكذا غيرها من الرّوايات.

 

[1] وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، ح4.

[2] وسائل الشيعة: باب 15 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، ح6.

[3] وسائل الشيعة: باب 7 من أبواب التشهد، ح6.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=1930
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 23-10-2019
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19