• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : مبحث أحكام السهو في الصلاة / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس 779 _ احكام السهو في الصلاة 7 .

الدرس 779 _ احكام السهو في الصلاة 7

ومنها: موثقة عمار في حديث قال: «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلٍ صلى ثلاث ركعاتٍ وهو يظن أنها أربعٌ، فلما سلم ذكر أنها ثلاثٌ؟ قال: يبني على صلاته متى ما ذكر، ويصلي ركعةً ويتشهد ويسلم، ويسجد سجدتي السهو، وقد جازت صلاته».[1]
ومنها: صحيحة العيص قال: «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلٍ نسي ركعةً من صلاته حتى فرغ منها، ثم ذكر أنه لم يركع؟ قال: يقوم فيركع ويسجد سجدتين».[2]
وقد أُشكل: بأنه لا دليل على أن وجوب سجود السهو لأجل خصوص التسليم، بل يحتمل أن يكون لأجل حصول القعود في موضع القيام، أو لأجل زيادة التشهد. وفيه -كما سيتضح لك إن شاء الله تعالى-: أنه لم يثبت وجود السجود للتشهد الزائد، ولا للقعود في موضع القيام، فيتعين حينئذٍ أن يكون للتسليم.
فالإنصاف: أن الاستدلال بهما متين.

وأما القول بعدم الوجوب:
فقد استدل له بصحيحتي زرارة وابن مسلم المتقدمتين المصرحتين بأنه «لا شيء عليه». ولكنك عرفت أن النفي في قوله (عليه السلام): بأنه «لا شيء عليه» راجع إلى نفي الإعادة لا إلى سجود السهو.
وقد استدل أيضاً لعدم الوجوب بصحيحة سعيد الأعرج المتقدمة، حيث ورد فيها: «وسجد سجدتين لمكان الكلام»[3] فلو كان التسليم الزائد موجباً لسجود السهو لذكر كما ذكر الكلام في قوله: «لمكان الكلام». وفيه: ما تقدم من أنه لا يمكن العمل بصحيحة سعيد الأعرج، لمنافاتها الأصول المذهب.
والخلاصة إلى هنا: أنه يجب السجود للتسليم في غير موضعه، والله العالم.

*قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وقال المفيد: يجبان أيضاً إذا لم يدر زاد سجدةً، أو نقص سجدةً، أو زاد ركوعا، أو نقص ركوعاً، وكان الشك بعد تجاوز محله*
هذا ما حكاه جماعة كثيرة عن الشيخ المفيد (رحمه الله) في العزية. والإنصاف: أنه لا دليل عليه بالخصوص.
نعم، يمكن أن يستدل له بما استدل للشك في الزيادة والنقيصة، كما سيأتي -إن شاء الله تعالى- قريباً عند نقل قول الصدوق (رحمه الله) بوجوب السجدتين لمن لم يدر زاد أو نقص.

*قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وقال المرتضى والصدوق: يجبان للقعود في موضع قيامٍ، وبالعكس*
وفي الحدائق: «صرح به الصدوق والمرتضى وسلار وأبو الصلاح وابن البراج وابن حمزة وابن إدريس والعلامة، وخالف فيه الشيخان والكليني والشيخ علي ابن بابويه وابن ابي عقيل وابن الجنيد والمحقق وابن عمه الشيخ نجيب الدين في الجامع، وهو اختيار العلامة في المنتهى». (انتهى كلامه).
أقول: قد استدل للوجوب بروايتين:
الرواية الأولى: صحيحة معاوية بن عمار قال: «سألته عن الرجل يسهو، فيقوم في حال قعودٍ، أو يقعد في حال قيامٍ؟ قال: يسجد سجدتين بعد التسليم، وهما المرغمتان ترغمان الشيطان».[4] ولا يضرها الإضمار.
الرواية الثانية: موثقة عمار بن موسى قال: «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن السهو، ما يجب فيه سجدتا السهو؟ فقال: إذا أردت أن تقعد فقمت، أو أردت أن تقوم فقعدت، أو أردت أن تقرأ فسبحت، أو أردت أن تسبح فقرأت، فعليك سجدتا السهو، وليس‌ في شيء مما يتم به الصلاة سهوٌ ...».[5] ولكن هذه الموثقة يوجد في ذيلها ما هو ينافي الصدر، حيث ذكر في ذيلها: «وعن الرجل إذا أراد أن يقعد فقام، ثم ذكر من قبل أن يقدم شيئاً، أو يحدث شيئاً؟ قال: ليس عليه سجدتا السهو حتى يتكلم بشيء ...»، وعليه، فإما أن نقول: بأن الذيل معارض للصدر فيتساقطان، أو نقول: الذيل بمنزلة القرينة للصدور، فيقدم عليه، ويقيد الوجوب حينئذٍ بما إذا تكلم -والمراد بالكلام كما ذكرنا سابقاً هو الكلام الآدمي- ولا يجب السجود على مجرد القيام في موضع القعود، كما هو محل الكلام.
ومما ينافي الصدر أيضاً: قوله في ذيل السؤال الأول -الذي هو الصدر-: «وليس في شيءٍ مما تتم به الصلاة سهو» فإنه يدل على أنه لو نسي شيئاً من الصلاة، ثم ذكر وتداركه في الصلاة فلا يكون ذلك موجباً لسجود السهو.
والخلاصة: أن موثقة عمار إنما تدل على وجوب سجدتي السجود لمن قام في موضع القعود إذا تكلم بشيءٍ لا مطلقاً، وبذلك تكون مقيدةً لصحيحة معاوية بن عمار وتحمل على هذا المعنى.

ومن هنا، يمكن القول: إنه لو لم يوجد معارض لصحيحة معاوية بن عمار لكانت موثقة عمار كافيةً في المقام؛ لأنها قيدت الوجوب في الصحيحة بما إذا تكلم، وهذا خارج عن محل النزاع، لما عرفت أن الكلام الآدمي سهواً يوجب السجود، ولو لم ينضم إليه شيء آخر.
هذا كله مع وجود المعارض للصحيحة، وهي جملة من الروايات:
منها: حسنة الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا قمت في الركعتين من الظهر أو غيرهما، ولم تتشهد فيهما، فذكرت ذلك في الركعة الثالثة قبل أن تركع، فاجلس فتشهد وقم، فأتم صلاتك، فإن أنت لم تذكر حتى تركع، فامض في صلاتك حتى تفرغ، فإذا فرغت، فاسجد سجدتي السهو بعد التسليم قبل أن تتكلم».[6] ونحوها حسنة الفضيل بن يسار.[7]
ووجه الدلالة: أنها فصلت بين صورتين: الصورة الأولى: إذا تذكر قبل الركوع. والصورة الثانية: إذا تذكر بعد الركوع.
وقد حكمت في الصورة الثانية: بوجوب سجدتي السهو بعد التسليم.
وفي الصورة الأولى حكمت: بالرجوع والجلوس للتشهد ولم يذكر فيها سجود السهو، ولو كان واجباً لذكر كما ذكر في الصورة الثانية، وهذا واضح جداً. ولا يخفى أن موردها القيام في موضع القعود.
ومنها: صحيحة أبي بصير قال: «سألته عمن نسي أن يسجد سجدةً واحدةً فذكرها وهو قائمٌ، قال: يسجدها إذا ذكرها ما لم يركع، فإن كان قد ركع فليمض على صلاته، وإذا انصرف قضاها، وليس عليه سهوٌ».[8] وهي وإن كانت ضعيفةً بطريق الشيخ بمحمد بن سنان ومضمرة، إلا أنها بطريق الشيخ الصدوق (رحمه الله) صحيحة ومسندة، وهي صريحة في عدم الوجوب، كما أن موردها القيام في موضع القعود.
ومنها: رواية الحلبي قال: «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يسهو في الصلاة، فينسى التشهد؟ فقال: يرجع فيتشهد، قلت: أيسجد سجدتي السهو؟ فقال: لا، ليس في هذا سجدتا السهو».[9] والاستدلال بها مبني على أن المراد بالتشهد هو التشهد الأول، ولو كان المراد هو التشهد الثاني فلا تدل على المطلوب حينئذٍ. والذي يهون الخطب أنها ضعيفة بمحمد بن سنان.
والخلاصة إلى هنا: أنه لا يجب السجود للقيام في موضع القعود، ولا للقعود في موضع القيام، والله العالم.

 

[1] وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، ح14.

[2] وسائل الشيعة: باب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، ح8.

[3] وسائل الشيعة: باب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، ح16.

[4] وسائل الشيعة: باب 32 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، ح1.

[5] وسائل الشيعة: باب 32 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، ح2.

[6] وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب التشهد، ح3.

[7] وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب التشهد، ح1.

[8] وسائل الشيعة: باب 14 من أبواب السجود، ح4.

[9] وسائل الشيعة: باب 9 من أبواب التشهد، ح4.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=1911
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 08-10-2019
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19