[الخلاصة]
* في التكسّب وأقسامه.
* الكلام في: القسم الأوَّل من الأقسام السِّتة، وهو ما حرم لعينه: منها: القمار.
* ويقع الكلام في أربعة أمور: الأمر الثالث: في حرمة المراهنة على اللعب بغير الآلات المعدَّة للقِمار. تتمة الكلام في الأمر الثالث.
* ويقع الكلام في أربعة أمور: الأمر الرَّابع: في حكم المسابقة والمغالبة بغير رِهان.
* الكلام في: حرمة أحاديث القُصَّاص والسُّمَّار المشتملة على الكَذِب.
* الكلام في: حرمة حضور المجالس التي يلعب فيها بالقمار.
* أما تتمة الكلام في حرمة حضور المجالس التي يلعب فيها بالقمار، فيأتي في الدرس القادم إن شاء الله تعالى.
وأمَّا ما ورد في قيء الإمام (عليه السلام) البيض الذي قامر به الغلام، كما في رواية عبد الحميد بن سعيد، قَالَ: «بَعَثَ أَبُو الْحَسَنِ (عليه السلام) غُلَاماً يَشْتَرِي لَهُ بَيْضاً، فَأَخَذَ الْغُلَامُ بَيْضَةً أَوْ بَيْضَتَيْنِ، فَقَامَرَ بِهَا، فَلَمَّا أَتى بِهِ أَكَلَهُ، فَقَالَ لَهُ مَوْلًى لَهُ: إِنَّ فِيهِ مِنَ الْقِمَارِ، قَالَ: فَدَعَا بِطَشْتٍ فَتَقَيَّأَ فَقَاْءَه».[1] ففيه أوَّلاً: أنَّها ضعيفة بجهالة عبد الحميد بن سعيد. وثانياً: أنَّ هذا ينافي العصمة والطَّهارة، لأنَّ ما دلَّ على عدم جواز الغَفْلة على المعصوم (عليه السلام) في تَرْك الواجب، وفعل الحرام، دلَّ على عدم جواز الجهل عليه في ذلك. ثمَّ إنَّه مع قطع النَّظر عن كلِّ ذلك، فلعلَّ تقيُّؤَه (عليه السلام) للحذر من أنْ يصير الحرام جزءاً من بدنه (عليه السلام)، لا للردِّ على المالك، مع العلم أنَّ الأموال كلّها للإمام (عليه السلام)، وهو أَوْلى بالنَّاس من أنفسهم، فكيف بأموالهم؟!
والخلاصة: أنَّ الأئمَّة (عليهم السلام) لهم في حركاتهم من أفعالهم وأقوالهم شؤون لا يعلمها غيرهم.
الأمر الرَّابع: في حكم المسابقة والمغالبة بغير رِهان، في غير ما نصَّ على جواز المسابقة فيه، كالمصارعة، وحَمْل الأثقال، ورمي الأحجار، ونحو ذلك، فهل هذه محرمة، أم لا؟
أقول: المعروف بين الأعلام هو الحرمة. وعن التذكرة وغيرها: الإجماع على الحرمة.
وبالمقابل ذهب جماعة من الأعلام إلى الجواز، منهم الشَّهيد الثاني وصاحب الحدائق وصاحب الجواهر والسَّيّد أبو القاسم الخوئي (رحمهم الله) وغيرهم من الأعلام.
ومهما يكن، فقدِ استُدلَّ للقول بالحرمة ببعض الأدلَّة:
منها: الإجماع المنقول. وفيه: ما ذكرناه في أكثر من مناسبة من عدم حجيَّته، لاسيَّما معِ احتمال الاستناد إلى الأدلَّة الأخرى، فيكون مدركيّاً أو محتملَ المدركيَّة، فلا يكون كاشفاً عن رأي المعصوم (عليه السلام).
ومنها: صِدْق مفهوم القمار عليه، لأنَّه مطلق المسابقة والمغالبة، ولو بدون العوض. وفيه: ما ذكرناه سابقاً من أنَّ القمار أُخِذ في مفهومه الرِّهن، فلا يصدق بدون الرِّهن. وأمَّا حرمة اللعب بالنَّرد والشَّطْرَنـْج، وبكلِّ آلات القِمار مع عدم الرَّهن، فهو للرِّوايات المتقدِّمة الواردة في حرمة النَّرْد والشَّطْرَنـْج، لا من جهة صدق مفهوم القِمار عليها.
ومنها: ما دلَّ على حرمة اللهو، كما سيأتي -إن شاء الله تعالى-، وقد عُلِّل تحريم اللعب بالنَّرد والشَّطْرَنـْج في بعض الرِّوايات بأنَّه من اللهو والباطل. وبالجملة، فإنَّ المغالبة بغير رهن من اللهو والباطل. وفيه -كما سيأتي إن شاء الله-: أنَّه لا دليل على حرمة مطلق اللهو. وثانياً: أنَّ النسبة بين اللهو المسابقة عموم من وجه، إذ قد تكون المسابقة لغرض عقلائي كتقوية البدن والتفريج عن النَّفس، ونحو ذلك.
والخلاصة: أنَّ الأقوى هو الجواز، وذلك للسِّيرة القطعية من العلماء والعوام على المغالبة بالأبدان وغيرها. ثمَّ لو فرضنا لا يوجد دليل على الجواز فإنَّ مقتضى الأصل هو البراءة، والله العالم.
*قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وأحاديث القُصَّاص والسُّمَّار المشتملة على الكَذِب*
السّمَّار: الذي يحدِّث باللَّيل. ويدلُّ على حرمة ذلك مضافاً لحرمة الكذب -الذي سيأتي الكلام عنه بالتفصيل إنْ شاء الله تعالى- جملة من الرِّوايات:
منها: حسنة هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إنَّ أمير المؤمنين (عليه السلام) رأى قاصّاً في المسجد فضربه وطرده».[2]
ومنها: مرسلة الصَّدوق رحمه الله في الاعتقادات، قال: «ذُكِر القَصَّاصون عند الصَّادقِ (عليه السلام)، فقال: لعنهم الله! إنَّهم يشنِّعون علينا».[3]
ومنها: مرسلته الأخرى في الاعتقادات، قال: «وسُئِل الصَّادقُ (عليه السلام) عن القُصَّاص يَحِلُّ الاستماعُ لهم؟ فقال: لا».[4]
ومنها: مرسلته الثالثة فيها أيضاً، قال: «وسُئِلَ الصَّادق (عليه السلام) عَنْ قَوْلِ الله: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾، فقال (عليه السلام): هم القُصَّاص».[5] وهذه الرِّوايات الثلاث ضعيفة بالإرسال.
*قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والحضور في مجالس المنكر لغير الإِنْكار أو الضَّرورة*
قال في الحدائق: «وكما يحرم اللعب بذلك -أي القمار وآلاته- كذلك يحرم حضور المجالس التي يلعب فيها بذلك، والنَّظر إلى ذلك» (انتهى كلامه).
وفي الجواهر: «نعم، لا يبعد القول بحرمة الجلوس في مجالس المنكر، ما لم يكن للردِّ أو للضَّرورة، بل كان للتنزُّه ونحوه ممَّا يندرج به في اسم اللاهين واللاعبين، خصوصاً في مثل حضور مجلس الطَّبل والرَّقص، ونحوهما من الأفعال التي لا يشك أهل الشَّرع والعُرْف في تبعيَّته حاضريها في الإثم لأهلها، بل هم أهلها في الحقيقة، ضرورة أنَّ النَّاس لو تركوا حضور أمثال هذه المجالس لم يكن اللاهي واللاعب يفعلها لنفسه، كما هو واضح» (انتهى كلامه).
أما تتمة الكلام في حرمة حضور المجالس التي يلعب فيها بالقمار، فيأتي في الدرس القادم إن شاء الله تعالى.
[1] وسائل الشيعة: باب 35 من أبواب ما يكتسب به، ح2.
[2] وسائل الشيعة: باب 28 من أبواب ما يكتسب به، ح1.
[3] وسائل الشيعة: باب 28 من أبواب ما يكتسب به، ح2.
[4] وسائل الشيعة: باب 28 من أبواب ما يكتسب به، ح3.
[5] وسائل الشيعة: باب 28 من أبواب ما يكتسب به، ح5.
|