• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الاصول .
              • القسم الفرعي : الاصول العملية / بحث الاصول .
                    • الموضوع : الدرس 230 _ تنبيهات الإستصحاب 51 .

الدرس 230 _ تنبيهات الإستصحاب 51

[الخلاصة]

 *- التنبيه الثالث عشر: هل يجب الرجوع إلى عموم العام أو أنه يجب استصحاب حكم المخصص.
*- ينبغي التنبيه على أمر مهم، وهو: أنه ما هو الأصل عند الشك في العموم الأزماني وفي مصب العموم الأزماني بعد العلم بأصل وجوده.
*- الكلام في: جريان الاستصحاب في خيار الغبن وعدم جريانه.



ثم أنه ينبغي التنبيه على أمر مهم، وهو: أنه ما هو الأصل عند الشك في العموم الأزماني وفي مصب العموم الأزماني بعد العلم بأصل وجوده؟ وبعبارة أخرى، تارة نشك في أصل وجود العموم الأزماني، كما في قوله: أكرم العلماء، ونشك في استمرار وجوبه في جميع الأيام سواء كان العموم المشكوك فيه من قبيل العموم الاستغراقي أو المجموعي، وأخرى، نشك في مصب العموم الأزماني بعد العلم بوجوده أي هل العموم الأزماني قيد للمتعلق أو للحكم. ولا يخفى عليك ان الشك في أصل العموم الأزماني إنما هو إذا لم يلزم من عدم العموم الأزماني لغوية التشريع وإلّا فلا مورد للشك في قوله تعالى: ﴿أوفوا بالعقود﴾، فإنه لا معنى للقول بوجوب الوفاء بالعقد آن ما، وفي بقية الآنات لا يجب عليه وبإمكانه الفسخ، فإنه لا يبقى في العقود حجر على حجر.
إذا عرفت ذلك، فنقول: إن كان الشك في أصل العموم الأزماني سواء كان على نحو العموم الاستغراقي أو المجموعي. كما في قوله: أكرم العلماء، فعندنا صورتان:
الصورة الأولى: ما لو علم بوجوب الإكرام في اليوم الأوّل وشك في وجوبه في بقية الأيام. ففي هذه الصورة لا إشكال في أن الأصل يقتضي عدم العموم لأن أخذ العموم -ببقية الأيام- قيداً للحكم أو المتعلق يتوقف على لحاظه ثبوتاً وبيانه إثباتاً، ففي ما عدا اليوم الأوّل لا يجب الإكرام لأصالة البراءة.
الصورة الثانية: أن يُعلم وجوب الإكرام لصرف الطبيعة الجامعة بين أفراد الأيام، وكان الشك في وجوب كل فرد بحسب الأزمنة. ففي هذه الصورة يعلم إجمالاً بوجوب إكرام واحد في الأيام التدريجية، ويشك في وجوب الإكرام لكل فرد بحسب الأزمنة. ومقتضى القاعدة هي وجوب الاحتياط بإكرام العلماء في جميع الأيام مع الإمكان ولم يؤد ذلك إلى الحرج أو العسر.
ثم انه لو شككنا في كون العموم الأزماني بعد العلم بوجوده هل هو على نحو العموم الاستغراقي أو المجموعي. ذكرنا سابقاً في مبحث العام: انه إذا دار الأمر بين العموم الاستغراقي -بالنسبة للأفراد- وبين المجموعي فالأصل اللفظي الإطلاقي يقتضي الاستغراقية لاحتياج المجموعية إلى مؤنة زائدة وهي لحاظ جميع الإفراد على وجه الاجتماع وجعلهما موضوعاً واحداً. وكذا هنا، نقول: فإن العموم المجموعي يحتاج إلى مؤنة زائدة، وهي لحاظ جميع الأزمنة على وجه الاجتماع وجعلهما موضوعاً واحداً.
هذا كلّه إذا كان الشك في أصل العموم الأزماني. وأمّا إذا كان الشك في مصبّه أي هل هو قيد لنفس الحكم أو المتعلق بعد العلم بأصل وجوده سواء كان على نحو العموم الاستغراقي أو المجموعي. فقد عرفت سابقاً أن الأصل اللفظي يقتضي عدم كون المتعلق مصبّ العموم الأزماني فإن الشك في ذلك يرجع إلى الشك في تقييد المتعلق بقيد زائدٍ وأصالة الإطلاق تقتضي عدم التقييد، ومتيقن حينئذٍ أن يكون مصبّه نفس الحكم الشرعي للعلم باعتبار العموم الأزماني، فإذا كان الأصل عدم اعتباره في المتعلق فيتعيّن اعتباره حينئذٍ في الحكم.
لا يقال: إن إطلاق الحكم يقتضي عدم أخذ العموم الأزماني قيداً له. فإنه يقال: إن دليل الحكم لا يمكن أن يتكفل لبيان أزمنة وجوده، وعليه: فلا إطلاق حتى يقال إن إطلاق الحكم يقتضي عدم أخذ العموم الأزماني قيداً له، ويترتب على ذلك عدم جواز التمسك بالعموم عند الشك في أصل التخصيص أو في مقداره بل لا بدّ من الرجوع إلى استصحاب حكم العام فيما إذا كان الشك في أصل التخصيص أو إلى استصحاب حكم المخصص، إذا كان الشك في مقداره. بناءً على جريان الاستصحاب في الأحكام الكلّية.
هذا كلّه في الأحكام التكليفية. وأمّا الأحكام الوضعية: فما كان منها متعلقاً بالأعيان الخارجية كالملكية والزوجية والطهارة والنجاسة يكون مصبّ العموم الأزماني فيها نفس الحكم الوضعي دون الموضوع لعدم قابلية الأعيان الخارجية عرفاً للتقطيع بحسب الزمان ودون المتعلق، لأنه ليس لها متعلق حتى يمكن أخذه مصبّاً للعموم الأزماني، لأن المتعلق عبارة عن الفعل الذي تعلّق به التكليف أمراً أو نهياً، وأمّا هذه الأحكام الوضعية فليس لها متعلقات حتى يبحث فيها عن مصبّ العموم الأزماني، وعليه: فيكون مصبّ العموم الأزماني فيها نفس الحكم الوضعي. ويترتب على ذلك أن المرجع عند الشك في التخصيص الأزماني أو في مقداره هو الاستصحاب.
ومن هنا، يظهر عدم جواز التمسك بعموم قوله تعالى: ﴿أوفوا بالعقود﴾ لإثبات فورية الخيار في المعاملات الغُبنية.
وقد ذكر جماعة من الأعلام أنه لا بدّ من استصحاب بقاء الخيار في كل زمان شك فيه بعد العلم بثبوته عند ظهور الغُبن، لإن مفاد قوله تعالى: ﴿أوفوا بالعقود﴾ ليس وجوب الوفاء به تكليفاً وحرمة التصرف فيما انتقل عن المتعاقدين بل هو ارشاد إلى اللزوم، وأن الفسخ لا يؤثر شيئاً فيكون مدلوله حكماً وضعياً وهو لزوم العقد ويكون مصّب العموم الأزماني هو لزوم العقد وفي مثله لا مجال للتمسك بالعموم.
أقول: كون مفاد الآية الشريفة هو الإرشاد إلى لزوم العقد، وأنه لا يصّح التمسّك بالعموم فيها وان كان متيناً، إلّا أنه أيضاً لا يصّح الرجوع إلى الاستصحاب ولو مع قطع النظر عن عدم جريانه في الأحكام الكلّية، وذلك لوجود خصوصية في المقام تقتضي عدم جريان الاستصحاب هنا، وهي: أن مدرك خيار الغُبن؛ إما أن يكون الشرط الضمني وهو عبارة عن أن بناء العقلاء على أن المعاملة مشروط فيها تتساوى القيمتين فلو دار الثمن على قيمة المثمن أو زادت قيمة المثمن على الثمن تثبت الخيار للآخر -وتفصيله في علم الفقه-. وأمّا أن يكون مدركه قاعدة نفي الضرر أو الإجماع.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=1700
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 21-11-2018
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 27