• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الاصول .
              • القسم الفرعي : الاصول العملية / بحث الاصول .
                    • الموضوع : الدرس 211 _ تنبيهات الإستصحاب 32 .

الدرس 211 _ تنبيهات الإستصحاب 32

لا زال الكلام فيما نظرّه الميرزا النائيني (رحمه الله)، وكنا قد تكلمنا عن مسألة الرضاع.

وأيضاً ما ذكره (رحمه الله) من تنظير الحكم الظاهري المجعول في باب الأصول العملية -من حيث عدم إثبات اللوازم- بالحكم الواقعي المجعول في باب إجازة العقد الفضولي بناء على الكشف الحكمي فيها، في محله أيضاً.
والكشف الحكمي في البيع: عبارة عن ترتيب آثار الملكية من قبل مع عدم حصول نفس الملكية، وبعبارة أخرى: هو عبارة عن ترتيب كلّ أحكام الملك سابقاً غير أنّ العين ليست بملك، والكشف الحكمي منسوب إلى شريف العلماء أستاذ الشيخ الأنصاري (رحمه الله).

وأما ما ذكره (رحمه الله) من كون المرأة ذات بعل -ليكون الزنا بذات البعل- بناء على الكشف الحقيقي فهو في محلّه.
وقد عرّف الكشف الحقيقي في البيع: بأنّ الملكية حاصلة حين العقد وآثر العقد فيها، من دون أن يكون تأثير العقد مراعى إلى زمان الإجازة، وعليه: فالإجازة معرّفة لكون ذلك العقد مؤثراً تمام التأثير وكاشفة عنه.
وبالجملة، فبناءً على الكشف الحقيقي والكشف الحكمي يجوز التصرف في المبيع والثمن، إذا علم أن المجيز يجيز العقد لتحقق شرطه واقعاً فيحكم بالجواز ظاهراً وواقعاً، ومع عدم العلم بالإجازة فيحرم التصرف في الظاهر ويجوز في الواقع، ويكون حلالاً على تقدير أن يجيز المالك وإلّا فيحرم في الظاهر والواقع.

نعم، هناك كشف حقيقي بمعنى آخر غير المعنى الأول وقد قبله أكثر الأعلام وهو الصحيح. وفي الواقع هو برزخ بين الكشف والنقل. وهو عبارة عن النقل في الملكية والكشف في المملوك بأن يكون اعتبار الملكية بعد الإجازة والمعتبر قبلها، فبالإجازة يزول سلطان المالك الأصلي، ويأتي سلطان المشتري لكن المسلّط عليه وهو المبيع من زمان العقد، فالملكية لاحقة للإجازة وبهذا الاعتبار صحّ التعبير بالنقل، والمملوك سابق. وبهذا الاعتبار صحّ التعبير بالكشف، ويرتب فعلاً تمام آثار مملوكية المبيع من زمان سابق ويحكم بملكية المنافع للمشتري، بعد أن كانت محكومة بأنها للمالك. وبناءً، على هذا المعنى للكشف الحقيقي لا يجوز التصرف في الظاهر والواقع حتى مع العلم بالإجازة، فإن الفرض أن الملكية تحصل بالإجازة فلا معنى لجواز التصرف في مال الغير قبل الإجازة. ومنه تعرف أنه على هذا المعنى للكشف الحقيقي لا يكون الزنا بالمرأة زنا بذات البعل، بل يحرم مباشرتها للعاقد عليها حتى لو علم بالإجازة بعد ذلك. هذا تمام الكلام في الوجه الأوّل للفرق الحكمي بينهما. وقد عرفت أنه غير تام.

الوجه الثاني: هو ما ذهب إليه صاحب الكفاية (رحمه الله)، وتبعه عليه جماعة من الأعلام: وحاصله: «ان الوجه في اعتبار مثبتات الأمارة دون الأصول العملية، هو أن الأمارة كما تحكي عن المؤدى بالمطابقة، فكذلك تحكي عن اللازم والملازمة بالالتزام، فالأمارة لها حكايات متعدّدة مطابقية وإلتزامية، فدليل اعتبارها يشمل تلك الحكايات فتكون الأمارة الواحدة باعتبار تعدّد حكايتها بمنزلة أمارات متعدّدة قائمة بعضها على المؤدى وبعضها على لوازمه وبعضها على ملزوماته وملازماته، وعليه، فباشتمالها على كل حكاية تكون مشمولة لدليل الاعتبار مستقلاً بلحاظ التعبّد بأثره في عرض الحكاية الأخرى، وهذا بخلاف الأصول العملية، فإنها من جهة عدم كشفها عن المؤدى ولوازمه يكون التنزيل فيها مقصوراً على خصوص المؤدى بلحاظ التعبّد بأثره الشرعي بلا واسطة عقلية أو عادية، فلا يكون المتعبّد به في استصحاب الحياة مثلاً، إلّا عنوان المتيقن من حيث تيقنه به بلحاظ ما يترتب عليه من الأثر الشرعي بلا واسطة دون غيره ممّا هو لازمه». (انتهى كلامه)

هذا، وقد أُشكل على هذا الوجه من التفرقة بينهما: بأنه نمنع تعدد الحكاية في الأمارة، بل هي لا تحكي إلّا عن خصوص المؤدى دون لوازمه وملازماته، وذلك لأن المخبر عن الشيء كالحياة مثلاً، قد لا يلتفت إلى لوازمه من نبات اللحية، ونحو ذلك فضلاً عمّا يستتبعه من اللوازم الشرعية، مع أنه من المعلوم ان حكاية الخبر عن الشيء إنما هي فرع التفات المخبر إليه وبدونه لا يمكن الحكاية.

أما الإنصاف في هذا الإشكال، فيأتي في الدرس القادم إن شاء الله تعالى.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=1637
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 03-10-2018
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12