(2) المعروف بين الأعلام: استحباب الضجعة بعد نافلة الفجر على الجانب الأيمن، والروايات الواردة مستفيضة جدّاً.
وورد أيضاً من طرق العامَّة: حيث رواه أبو هريرة وعائشة عن النبي صلى الله عليه وآلها[i]f104، وورد أيضاً: أنَّ النبي صلى الله عليه وآله فعله[ii]f105.
وأمَّا من طرقنا فقد عرفت أنَّ الروايات كثيرة:
منها: صحيحة سُليمان بن خالد «قال: سألته عمَّا أقول إذا اضطجعت على يميني بعد ركعتي الفجر، فقال أبو عبد الله عليه السلام: إقرأ الخمسَ آياتٍ التي في آخر آل عمران إلى « إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَاد ﴾ ]آل عمران: 194[، وقل: استَمْسَكتُ بعُرْوَة الله الوثقى التي لا انفصام لها، واعتصَمْتُ بحَبْل الله المتين، وأعوذ بالله من شرِّ فَسَقةِ العرب والعجم، آمنت بالله، وتوكلّت على الله، أَلْجَأتُ ظهري إلى الله، فوّضت أمري إلى الله، من يتوكّل على الله فهو حسبه، إنّ الله بالغ أمره، وقد جعل الله لكلِّ شيءٍ قدراً حسبيَ الله ونعم الوكيل، اللهمَّ مَنْ أصبحتْ حاجته إلى مخلوق فإنّ حاجتي ورغبتي إليك، الحمد لربِّ الصباح، الحمد لفالق الإصباح، ثلاثاً»[iii]f106.
ويستحبُّ أن يصلِّي على النبي صلى الله عليه وآله مائةَ مرةٍ بين ركعتَيْ الفجر وفريضتها ليَقِيَ الله وجهَه من النَّار، رواه الشيخ الصدوق في الفقيه «قال: رُوِيَ أنَّ مَنْ صلَّى على محمدٍ وآل محمدٍ مائة مرَّة بين ركعتي الفجر وركعتي الغداة، وقى الله وجهه حرّ النار، ومَنْ قال: مائة مرّة سبحان ربي العظيم وبحمده، أستغفر الله ربي وأتوب إليه، بنى الله له بيتاً في الجنّة...»[iv]f107، ولكنّها ضعيفة بالإرسال.
قال المصنِّف في الذكرى: «وهذه الضجعة ذكرها الأصحاب، وكثير من العامة، قال الأصحاب: ويجوز بدلُها السجدةَ والمشيَ والكلام، إلاَّ أنَّ الضجعة أفضل».
أقول: لم يثبت أنَّ الضجعة أفضل من السجدة، بل لعلّ السجدة أفضل، ففي صحيحة إبراهيم بن أبي البلاد «قال: صلّى أبو الحسن الأوّل عليه السلام صلاةَ الليلِ في المسجدِ الحرامِ، وأنا خلفه، فصلَّى الثمان، وأوتر، وصلَّى الركعتَيْن، ثمَّ جَعَلَ مكانَ الضجعةِ سجدةَ»[v]f108، والمراد من محمَّد بن الحسين الواقع في السند هو أبو جعفر الزيَّات الثقة.
وأمَّا جواز جعل الكلام، والقيام، والقعود، بدل الضجعة فتدلّ عليه: مرسلة الحسين بن عثمان، عن رجلٍ، عن أبي عبد الله عليه السلام «قال: يُجزيكَ من الاضطجاع بعد ركعتي الفجر القيامُ، والقعودُ، والكلامُ، بعد ركعتَيْ الفَجْرِ»[vi]f109، وهي ضعيفة بالإرسال.
كما أنَّه إذا خاف الشهرة: يجزيه أن يضع يده على الأرض، ولا يضطجع، روى عمر بن يزيد «قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن خفت الشهرة في التُّكْأَة فقد يجزيك أن تضع يدك على الأرض، ولا تضطجع، وأومأ بأطراف أصابعه من كفِّه اليمنى، فوضعها في الأرض قليلاً، وحكى أبو جعفر عليه السلام ذلك»[vii]f110، ولكنه ضعيف بعدم وثاقة محمد بن عمر بن يزيد.
ثمَّ إنَّه ورد النهي عن النوم بين صلاة الليل والفجر، ويجعل مكانه الضجعة، روى سليمان بن حفص المروزي «قال: قال أبو الحسن الأخير عليه السلام: إياكَ والنوم بين صلاة الليل والفجر، ولكن ضجعة بلا نوم، فإن صاحبه لا يُحْمَد على ما قدَّم من صلاته»[viii]f111، ولكنَّه ضعيف بعليّ بن محمّد القاساني، وبجهالة سليمان بن حفص المروزي.
(1) ذكرنا هذه الروايات، وما يتعلق بها، عند قول المصنِّف سابقاً: «إلاَّ الوتر»، فراجع.
[i] مسند أحمد: ج2/ص415، سنن أبي داود: ج2/ص21، ح 1261.
[ii] صحيح البخاري: ج2/ص31، صحيح مسلم: ج1/ص508، ح 736.
[iii] الوسائل باب 32 من أبواب التعقيب ح1.
[iv] الوسائل باب 34 من أبواب التعقيب ح1.
[v] الوسائل باب 33 من أبواب التعقيب ح7.
[vi] الوسائل باب 33 من أبواب التعقيب ح2.
[vii] الوسائل باب 33 من أبواب التعقيب ح5.
[viii] الوسائل باب 35 من أبواب التعقيب ح1.
|