• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : مبحث قواطع الصلاة / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس 604 _ قواطع الصلاة 20 .

الدرس 604 _ قواطع الصلاة 20

لا زال الكلام في الأمر الأول: وهو إذا عطس الرَّجل -وهو في الصَّلاة- استحبّ له أن يحمد الله، كما هو المعروف والمشهور بين الأعلام.

أقول: يدلّ على ذلك -مضافاً للتسالم بين الأعلام قديماً وحديثاً، بحيث خرجت المسألة عن الإجماع المصطلح عليه- جملة من الأخبار:
منها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا عطس الرَّجل في الصَّلاة فليقل: الحمد لله»[1].
ومنها: حسنته عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا عطس الرَّجل في صلاته فليحمد الله عزّ وجلّ»[2].
وينبغي ضمُّ ربِّ العالمين مع التحميد، وكذا الصَّلاة على النبي وآله أيضاً، كما في مرسلة ابن أبي عمير عن بعض أصحابه قال: «عطس رجل عند أبي جعفر (عليه السلام)، فقال: الحمد لله، فلم يسمته أبو جعفر (عليه السلام)، وقال: نقَّصنا حقّنا، قال: إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وأهل بيته، قال: فقال الرَّجل، فسمَّته أبو جعفر (عليه السلام)»[3]. هذه الرواية ضعيفة بالإرسال.
ولا يخفى أنَّ ضمّ ذلك محمول على التأديب، وليس شرطاً في التحميد، كما لا بأس بزيادة لا شريك له أيضاً، كما في صحيحة محمَّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إذا عطس الرَّجل فليقل: الحمد لله لا شريك له، وإذا سميت سمّت الرَّجل فَلْيقل: يرحمك الله، وإذا ردَّ فَلْيقل: يغفر الله لك ولنا، فإنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) سُئِل عن آية، أو شيء فيه ذكر الله، فقال: كلما ذكر الله عزّ وجلّ فيه فهو حسن»[4]. وإنَّما قلنا: الرِّواية صحيحة لأنَّ الظَّاهر أنَّ عبد الله بن محمَّد الواقع في السَّند هو الأسدي الحجَّال المزخرف الثقة، وقد صرَّح الكليني (رحمه الله) في بعض الرِّوايات بمحمَّد بن عبد الله الحجَّال.

الأمر الثاني: إذا سمع العطسة -وهو في الصَّلاة- يستحبّ له أن يحمد الله.
ويدلّ عليه: موثَّقة أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قلتُ له: أسمع العطسة وأنا في الصَّلاة فأحمد الله، وأصلِّي على النَّبيِّ (صلى الله عليه وآله)؟ قال: نعم، وإذا عطسَ أخوك وأنت في الصَّلاة فقل: الحمد الله، وصلَّى الله على النَّبيِّ وآله، وإذا كان بينك وبين صاحبك اليمّ، (صلَّى الله على محمَّد وآله)»[5].
ونحوها روايته الأخرى[6]. ولكنَّها ضعيفة بطريق الشَّيخ (رحمه الله) بالحكم بن مسكين، وبطريق الصَّدوق (رحمه الله) بعليّ بن أبي حمزة البطائني.

الأمر الثالث: إذا عطس غيره يستحبّ للمصلّي تسميته، كما هو المعروف بين الأعلام،
وفي الجواهر: «إذا كان مؤمناً بلا خلاف أجده فيه»[7]. (انتهى كلامه)
أقول: قبل ذكر الأدلَّة ينبغي بيان معنى التسميت، ففي القاموس: التسميت ذِكْر الله تعالى على الشَّيء، والدُّعاء للعاطس، وفيه أيضاً التشميت، التسميت....
وعن نهاية ابن أثير: التسميت -بالسِّين والشِّين-: الدُّعاء بالخير والبركة، والمعجمة أعلاها؛ ويظهر من كثير من اللغويين والعلماء عدم اختصاصه بلفظ خاصّ، فيجزي أن يقول: يرحمك الله، أو يغفر الله لك، أو رحمة الله عليك، أو هداك الله.
وعن المحقِّق الكركي (رحمه الله) في حاشيته على الإرشاد: «وهو الدُّعاء للعاطس بصلاح الدِّين والدُّنيا»[8]. (انتهى كلامه)
ولكنَّ الأحوط الأولى: الإتيان به بالصِّيغة المعروفة، وهي يرحمكم الله، ففي حديث الأربعمائة عن عليٍّ (عليه السلام) قال: «إذا عطس أحدكم فسمِّتوه، قولوا: يرحمكم الله، وهو يقول: يغفر الله لكم ويرحمكم، قال الله عزّ وجلّ: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾»[9]. هذه الرواية ضعيفة بالقاسم بن يحيى وجدِّه الحسن بن راشد، فإنَّهما غير موثَّقَيْن.
وإطلاق التحيَّة على التسميت مجاز، كما سيأتي -إن شاء الله- في الأمر الرَّابع.

وأمَّا الرِّوايات الدَّالة على استحباب التسميت، فهي متواترة، ومن هنا كان التسميت من السُّنن الأكيدة ولا يختص بالمؤمن، وما ورد في بعض الأخبار من جعله من حقوق المؤمن على المؤمن لا يدلّ على الاختصاص. وعليه، فيشمل المخالف والكافر، وذلك لإطلاق جملة من الروايات.
وفي مرسلة ابن أبي نجران عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «عطس رجل نصراني عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال له القوم: هداك الله، فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : يرحمك الله، فقالوا له: إنَّه نصراني، فقال: لا يهديه الله حتَّى يرحمه»[10]. هذه الرواية ضعيفة بالإرسال.

ثمَّ لا يخفى أنَّه لم يرد في شيء من الرِّوايات استحباب التسميت للمصلِّي، وإنَّما الِّروايات عامَّة، فتشمل بعمومها استحبابه لحال الصَّلاة، وعلّلوه بأنَّه دعاء لغيره، وهو في حدّ ذاته فِعْل سائغ في الصَّلاة، فلا مانع من أن تشمله إطلاقات وعمومات أدلَّة الدُّعاء في الصَّلاة.
ولكن قد يستشكل بأنَّ الدُّعاء الذي دلَّت الأدلَّة على جوازه في الصَّلاة هو الدُّعاء الذي تتحقّق به المناجاة مع الله تعالى، لا المكالمة مع المخلوقين، فقولنا: يرحمك الله، تسميتاً للعاطس ليس إلَّا، كقولنا: سلام عليك، أو رحم الله والديك، أو صبحك الله بالخير، ونحوها، ممَّا هو دعاء لهم، على سبيل المخاطبة، فهو كلام مع المخلوقين، ومن أوضح مصاديق الكلام الذي يشمله إطلاق ما دلّ على حرمة التكلّم في أثناء الصَّلاة، كما مرّ.

والنسبة بين المنع عن التكلُّم في الصَّلاة وبين أدلَّة استحباب التسميت هي العموم والخصوص من وجه، لأنَّ أدلَّة المنع عن التكلّم في الصَّلاة تشمل التسميت وغيره، كما أنَّ استحباب التسميت تشمل الصَّلاة وغيرها، فيجتمعان في الصَّلاة.
فإن قلنا: بحرمة قطع الصَّلاة على الإطلاق حصل التنافي في مورد الاجتماع وتقدَّم أدلَّة الحرمة، لأنَّ دليل الاستحباب لا يزاحم دليل الحرمة.
وإن لم نقل بحرمة قطع الصَّلاة فلا معارضة حينئذٍ، إذ يمكنه الجمع بأن يسمّت ويعيد الصَّلاة، لأنَّها بطلت بكلام الآدمي.
وبما أنَّه عندنا لا يحرم قطع الصَّلاة –كما سيأتي إن شاء الله – وإنَّما احتطنا وجوباً بعدم القطع، فالأحوط وجوباً حينئذٍ عدم التسميت أثناء الصَّلاة، والله العالِم.

أما الأمر الرابع فيأتي في الدرس القادم إن شاء الله تعالى.

  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] وسائل الشيعة: باب 18 من أبواب قواطع الصلاة، ح1.
[2] وسائل الشيعة: باب 18 من أبواب قواطع الصلاة، ح2.
[3] وسائل الشيعة: باب 62 من أبواب أحكام العِشرة، ح1.
[4] وسائل الشيعة: باب 58 من أبواب أحكام العِشرة، ح2.
[5] وسائل الشيعة: باب 18 من أبواب قواطع الصلاة، ح3.
[6] وسائل الشيعة: باب 18 من أبواب قواطع الصلاة، ح4.
[7] جواهر الكلام: ج11، ص95.
[8] مصباح الفقيه: ص418.
[9] وسائل الشيعة: باب 58 من أبواب أحكام العِشرة، ح3.
[10] وسائل الشيعة: باب 65 من أبواب أحكام العِشرة، ح1.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=1529
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 06-03-2018
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 27