• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الاصول .
              • القسم الفرعي : الاصول العملية / بحث الاصول .
                    • الموضوع : الدرس 111 _ شرائط البراءة 2 .

الدرس 111 _ شرائط البراءة 2

  [خاتمة في شرائط الأصول العلمية: شرائط البراءة]
  [اشتراط البراءة العقلية بالفحص] 

وأمّا الشبهة الموضوعية الوجوبية: فقد ذكر المشهور من الأعلام أنّ القاعدة وإن اقتضت عدم وجوب الفحص فيها أيضاً، إلا أنّه خرج عنها فيما إذا توقّف امتثال التكليف غالباً على الفحص، كما إذا كان موضوع التكليف من الموضوعات التي لا يحصل العلم بها إلاّ بالفحص عنه، كما أشار إلى ذلك الشيخ الأنصاري (رحمه الله)، في عبارته المتقدمة.
وقد مثلّوا لذلك بالاستطاعة للحج والنصاب في الزكاة، فإنّ العلم بحصول أوّل مرتبة الاستطاعة لمن كان فاقداً لها أو العلم ببلوغ المال حدّ النصاب يتوقّف غالباً على الفحص والحساب. وعليه، فلولا الفحص يلزم الوقوع في مخالفة التكليف كثيراً.
وقد استشهدوا لذلك، بما ورد من الأمر بالتسبيك عند الاشتباه في زكاة النقدين، ففي رواية زيد الصائغ قال: «قلت لأبي عبد الله: إنّي كنت في قرية من قرى خراسان يقال: لها بخارى، فرأيت فيها دراهم تعمل ثلث فضّة وثلث مسّا وثلث رصاصا وكانت تجوز عندهم ­... إلى أن قال ­ قلت: فإن أخرجتها إلى بلدة لا ينفق فيها مثلها فبقيت عندي حتى حال عليها الحول أزكيها؟ قال: إن كنت تعرف أنّ فيها من الفضة الخالصة ما يجب عليك فيه الزكاة فزكّ ما كان لك فيها من الفضّة الخالصة من فضّة ودع ما سوى ذلك من الخبيث، قلت: وإن كنت لا أعلم ما فيها من الفضّة الخالصة إلا أنّي أعلم أنّ فيها ما يجب فيه الزكاة؟ قال: فاسبكها حتى تخلص الفضّة ويحترق الخبيث ثم يزكّى ما خلص من الفضة لسنة واحدة»[1]. فإنّ الأمر بالتسبيك يدلّ على وجوب الفحص. وفيها: أوّلاً: أنّها ضعيفة بجهالة محمد بن عبد الله ابن هلال، وبزيد الصايغ، فإنّه مهمل.
وثانياً: أنّها أجنبية عن المقام، وهو وجوب الفحص في الشبهة البدوية التي لا علم بأصل التكليف فيها لظهورها في العلم اجمالاً ببلوغها النصاب. وإنّما الشكّ في مقداره.

ثمّ إنّه قد تعدّى جماعة من الأعلام ممّا ورد في باب الزكاة إلى باب الماليات، كالدين المردّد بين الأقلّ والأكثر مع ضبطه في الدفتر وتمكنّه من الرجوع إليه لمعرفة مقداره. ولكن الإنصاف: ومع قطع عن الصغرى ­ وهو أن العلم بحصول أوّل مرتبة الاستطاعة أو العلم ببلوغ المال حدّ النصاب يتوقف غالباً على الفحص ­ وعدم المناقشة فيها. أنّ ما ذكروه دليلاً في المقام ­ وهو أنّه لولا الفحص للزم الوقوع في مخالفة التكليف كثيراً ­ ليس بدليل، لأنّ قبح مخالفة التكليف عقلاً إنّما هو لو كان التكليف واصلاً إلى المكلّف صغرى وكبرى، ومع عدم وصول الصغرى، كما هو المفروض في المقام، فلا قبح حينئذٍ، وإن كانت المخالفة كثيرة لكون المكلّف معذوراً، إذ لا يجب عليه تحصيل موضوع الحكم.
والخلاصة: إنّه في الشبهة الموضوعية الوجوبية لا يوجد ما يخرجها عن القاعدة، وهي عدم وجوب الفحص فيها.

فرع: ذكر الميرزا النائيني (رحمه الله) أنّ عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعية، إنّما هو فيما إذا لم تكن مقدمات العلم حاصلة، بحيث لا يحتاج حصول العلم بالموضوع إلى أزيد من النظر في تلك المقدمات، فإنّ في مثل هذا يجب النظر ولا يجوز الاقتحام في الشبهة ­ وجوبية كانت أو تحريمية ­ إلاّ بعد النظر في المقدمات الحاصلة، لعدم صدق الفحص على مجرّد النظر فيها، إذ الفحص إنّما يكون بتمهيد مقدّمات العلم التي هي غير حاصلة، فلا يجوز الأكل والشرب اعتماداً على استصحاب الليل إذا توقف العلم بطلوع الفجر على مجرّد النظر إلى الأفق، وكذا لا يجوز الاقتحام في المايع المردّد بين كونه خلاّ أو خمراً إذا توقف العلم به على مجرّد النظر في الإناء أو السؤال عن الذي في جنبه... إلخ». (انتهى كلامه).
أقول: إنّما يتمّ هذا الكلام إذا كان عنوان الفحص وارداً في الروايات فلا محيص حينئذٍ عمّا ذكره الميرزا (رحمه الله)، إلاّ أنّك عرفت عدم أخذه عنواناً للحكم في الروايات فلا يهمنا التعرض لمعناه وأنّه لا يصدق إلا بتمهيد مقدمات العلم. وعليه، فمقتضى اطلاق أدلّة الترخيصات، هو جواز الاقتحام مطلقاً. والله العالم.

هذا تمام الكلام في الشبهات الموضوعات تحريمية كانت أم وجوبية.

 

[1] وسائل الشيعة: باب 7 من أبواب زكاة الذهب والفضة، ح1.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=1157
  • تاريخ إضافة الموضوع : الخميس: 21-09-2017
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12