• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الاصول .
              • القسم الفرعي : الاصول العملية / بحث الاصول .
                    • الموضوع : الدرس 45 _ تنبيهات البراءة 12. أصالة التخيير 1 .

الدرس 45 _ تنبيهات البراءة 12. أصالة التخيير 1

 [تنبيهات البراءة]
  [التنبيه الخامس: التبعيض في الاحتياط المخلّ بالنظام]
*قال صاحب الكفاية: الرابع: أنه قد عرفت حسن الاحتياط عقلاً ونقلاً، ولا يخفى أنه مطلقاً كذلك حتى فيما كان هناك حجّة على عدم الوجوب أو الحرمة، أو أمارة معتبرة على أنه ليس فرداً للواجب أو الحرام...*
هذا هو التنبيه الخامس عندنا والرابع عند صاحب الكفاية، ويقع الكلام في ثلاثة أمور: الأوّل: في حسن الاحتياط حتى مع قيام الدليل على نفي التكليف الوجوبي والتحريمي. الثاني: أنّ الاحتياط حسن إذا لم يؤدِّ إلى اختلال النظام. الثالث: في كيفية تبعيض الاحتياط فيما إذا أدّى إلى اختلال النظام.

أمّا الأمر الأوّل: وهو في حسن الاحتياط حتى مع قيام الدليل على نفي التكليف الوجوبي والتحريمي.
قال الشيخ الأنصاري: «أنه لا شك في حكم العقل والنقل برجحان الاحتياط مطلقاً حتى فيما كان هناك أمارة مغنية عن أصالة الإباحة... إلخ». (انتهى كلامه).
حاصله مع توضيح منّا: إنّ الاحتياط حسن مطلقاً حتى في صورة قيام الدليل على عدم التكليف الالزامي في الشبهات الحكمية، وحتى في صورة قيام أمارة معتبرة على أنّه ليس فرداً للواجب أو الحرام في الشبهات الموضوعية.
والسّر فيه: أنّه مع قيام الحجّة على عدم التكليف لا ينتفي موضوع الاحتياط، وهو احتمال وجود التكليف واقعاً.
ومن المعلوم، أنّ حسنه مبنيّ على رجاء تحصيل الواقع، لا على خصوص تحصيل المؤمّن من العقاب، حتى يتوهّم عدم بقاء الموضوع للحسن العقلي عند قيام الحجّة على نفي التكليف.

أمّا الأمر الثاني: وهو أنّ الاحتياط حسن إذا لم يؤدِّ إلى اختلال النظام.
أنّه لا شك أنّ حسن الاحتياط مقيّد بما إذا لم يلزم منه اختلال النظام، وإلاّ كان قبيحاً.
ثمّ لا يخفى عليك، أن لّزوم اختلال النظام رافع لحسن الاحتياط، ولا يمنع من نفس الاحتياط. والسّر فيه: أنّ الاحتياط عبارة عن الجمع بين المحتملات لغرض إدراك المصلحة الواقعية وإحراز الواقع المحتمل، وهذا موجود أيضاً عند الإخلال بالنظام. وعليه، فالاحتياط ثابت عند الإخلال بالنظام، لكنّه غير حسن.

أمّا الأمر الثالث: وهو في كيفية تبعيض الاحتياط فيما إذا أدّى إلى اختلال النظام.
أنّه قد عرفت أنّ الاحتياط في نفسه حسن، لأنّ موضوع حكم العقل بحسن الاحتياط هو احتمال التكليف، ولا فرق في هذا الاحتمال بين كونه ظنّاً أو شكّاً أو وهماً، ولا ترجيح للاحتمال القوي -كالظن- على الضعيف، فلا عبرة بقوّة الاحتمال.

نعم، يبقى الكلام في كيفية التبعيض في الاحتياط إذا استلزم اختلال النظام.
والإنصاف: أنّ التبعيض في الاحتياط يكون على صورتين:
الصورة الأولى: أن يرجّح بعض الأطراف بحسب المحتمل، فإن كان المورد ممّا اهتم به الشارع المقدّس ­ كالدماء والأموال ­ قدّمه على غيره، سواء كان احتمال التكليف قوياً أم ضعيفاً. وبالجملة، لا عبرة بقوّة الاحتمال وضعفه.
ومن هنا، قال الشيخ الأعظم (رحمه الله): «ويحتمل التبعيض بحسب المحتملات فالحرام المحتمل إذا كان من الأمور المهمّة في نظر الشارع كالدماء والفروج بل مطلق حقوق الناس بالنسبة إلى حقوق الله يحتاط فيه وإلاّ فلا...الخ». (انتهى كلامه).
الصورة الثانية: أن يرجّح بعض الأطراف بحسب الاحتمال، فإذا كان هناك تكاليف متعدّدة محتملة، بعضها مظنون وبعضها مشكوك أو موهوم، أخذ بالمظنون وترك الاحتياط في غيره، فقويّ الاحتمال على هذا الوجه أولى بالاحتياط من ضعيفة، ولا عبرة حينئذٍ بالمحتمل، سواء كان من الأمور المهمّة أم لا. والله العالم.


[خاتمة في أصالة التخيير: دوران الأمر بين المحذورين]
*قال صاحب الكفاية: فصل إذا دار الأمر بين وجوب شيء وحرمته لعدم نهوض حجّة على أحدهما تفصيلاً بعد نهوضها عليه اجمالاً...*
تُعرف هذه المسألة بأصالة التخيير، أو مسألة دوران الأمر بين المحذورين. وذكرنا سابقاً، أنّ الأصول العمليّة الجارية في الشبهات الحكمية والموضوعية أربعة: البراءة، والتخيير، والاشتغال، والاستصحاب.

ولكن المعروف بين الأعلام هو عقد فصول ثلاثة فقط: البراءة والاشتغال والإستصحاب، ولم يعقدوا فصلاً مستقلاً لأصالة التخيير، بل أدرجوا هذه المسألة في خاتمة مبحث البراءة. ولعل السّر في ذلك: هو قلّة مباحثها.
ومهما يكن، فإنّ مجرى أصالة التخيير هو ما إذا علم بجنس الالزام ولم يمكن الاحتياط لأجل عدم التمكّن من الموافقة والمخالفة القطعيتين للتكليف المعلوم بالاجمال.
ثمّ إنّ الإنصاف: هو عقد مسألة واحدة لأصالة التخيير، سواء كان منشأ الشكّ بين الوجوب والحرمة فقدان النصّ، أو اجماله، أو تعارض النصّين، أو اشتباه الأمور الخارجية. وعليه، فنقول:
تارةً يكون كلّ من الواجب والحرام المحتملين توصّلياً يسقط الغرض منه بمجرّد الموافقة كيفما اتفق.
وأخرى يكون أحدهما أو كلاهما تعبّدياً يتوقّف سقوط التكليف فيه على قصد الامتثال.
وعلى الأوّل:
تارةً تكون الواقعة المبتلى بها واحدة، كما في المرأة المردّد وطؤها في وقت معيّن بين الوجوب والحرمة لأجل الحلف المردّد تعلّقه بالفعل أو الترك.
وأخرى تكون الواقعة متعدّدة كالمثال المتقدم، إذا كان الحلف المردّد تعلّقه بالفعل أو الترك في كلّ ليلة جمعة.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=1077
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 03-01-2017
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12