• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : اوقات الفرائض والنوافل / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس80 _اوقات الفرائض والنوافل 60 .

الدرس80 _اوقات الفرائض والنوافل 60

ومنها: صحيحة محمّد بن نعمان الأحول عن أبي عبد الله عليه السلام «قال: إذا دخل المسافر مع أقوام حاضرين في صلاتهم، فإن كانت الأولى فَلْيجعل الفريضة في الركعتين الأولتين، وإن كانت العصر فليجعل الأولتين نافلة، والأخيرتين فريضة»[i]f464.

والإنصاف: أنَّ هذه الصحيحة خارجة عن محلّ الكلام، إذ لا بدّ من حَمْل النافلة فيها على الفريضة المعادة، وإلاّ لو بقيت على ظاهرها لوجب ردّ علمها إلى أهلها.

والخلاصة إلى هنا: أنّه لا إشكال في جواز التطوّع في وقت فضيلة الفريضة، فضلاً عن وقت الإجزاء.

وممّا يؤيِّد ذلك: أنّه لو كان التطوّع حراماً لكان مستغرباً أشدّ الاستغراب عند العوام، إذ كيف يجوز تأخير الفريضة للاشتغال ببعض المباحات، بل المكروهات، ولا يجوز الاشتغال بالنوافل التي ورد الحثّ الشديد والترغيب البالغ والتأكيد على فعلها أداءً وقضاءً، وأنَّها من الصَّلاة التي هي خَيْر موضوع، وقُرَّة عين النبي صلى الله عليه وآله، وخير العمل.

ومن هنا استدلّ صاحب كشف اللثام على الجواز بالأولويّة، قال: «ولجواز التأخير من غير اشتغال بصلاة فمعها أولى...».

ولا يبعد قوله بملاحظة ما ذكرنا، وغيره من القرائن الكثيرة التي منها أنَّه لو كان يحرم التطوّع في وقت الفريضة لاشتهر بين جميع المتشرِّعة؛ الرواة والمتفقهة، والمقلِّدة، وأتباعهم، غاية الاشتهار، بل كانت الخطباء خطبت به على رؤوس المنابر، وحذَّرت منه، لكونه في معرض وقوع النّاس فيه، بل ابتلاؤهم به من المقطوع به بسبب ما اشتهر من أمر الصَّلاة والحث عليها، والله العالم.

والخلاصة إلى هنا: أنّ مقتضى الجمع بين أدلّة المجوِّزين وبين الروايات المتقدِّمة ­ بناءً على تماميّتها في المنع عن النافلة في وقت الفريضة، أو وقت فضيلتها ­ هو حمل النهي على الكراهة، بمعنى أقليّة الثواب.

وأقوى من ذلك القول: بأنّ النهي عرضي لا حقيقي، وقد نشأ هذا النهي من باب الاهتمام بفضيلة الفريضة، فيكون البدء بالفريضة فيه رجحان وفضل، فالإتيان بالنافلة في وقت الفضيلة مفوِّت لهذا الفضل والرجحان، من دون حزازة ومنقصة في الإتيان بالنافلة، من حيث هي.

تنبيه: اِختلف الأعلام في جواز التنفّل لمن عليه فائتة، فقيل: بالمنع، ومنهم صاحب الحدائق رحمه الله، بل نسب ذلك إلى المشهور.

وذهب الأكثر إلى الجواز، وهو الصحيح، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

وقد يستدلُّ للمنع بعدَّةِ أدلةٍ:

منها: المرسل المتقدِّم «لا صلاة لمن عليه صلاة»[ii]f465، وقد ذكرنا سابقاً أنَّها نبويّة ضعيفة بالإرسال.

أضف إلى ذلك: أنَّ المتبادر عرفاً من هذا التركيب هو أنَّه لا صلاة كاملة.

ومنها: ما ذكره صاحب الحدائق رحمه الله من الاستدلال للمنع بالروايات الدَّالة على وجوب ترتب الحاضرة على الفائتة، وأنّه يجب تأخير الحاضرة إلى أن يتضيَّق وقتها، ببيان: أنَّه إذا وجب ذلك في الفريضة ­ التي هي صاحبة الوقت ­ ففي نافلتها بطريق أولى، وأولى منه في غير نافلتها.

ويرد عليه: أنّ المانع عن فعل الحاضرة قبل الفائتة ­ بناءً على القول به ­ إنَّما هو وجوب الترتيب بين الفرائض، فيكون حال الحاضرة بالنسبة إلى الفائتة حال العصر بالنسبة إلى الظهر، فتنظير النافلة عليها قياس مع الفارق.

نعم، لو كان مناط إيجاب تأخير الفريضة إلى آخر وقتها المضايقة في أمر القضاء لا غير لكان للأولويّة التي ادَّعاها وجه، لكن من أين علم ذلك مع مخالفته لظاهر الروايات التي سنذكرها في محلِّها ­ إن شاء الله تعالى ­؟!.

ومنها: ما ذكره صاحب الحدائق رحمه الله أيضاً، حيث قال: «لنا    ­ ما سيأتي إن شاء الله تعالى ­ في المقصد الآتي من قوله تعالى: « وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي ]طه: 14[ المفسَّر في الأخبار بذكر الصَّلاة الفائتة»، وقد ذكر في المقصد الآتي: أنَّ القضاءَ على الفور، وبالنتيجة فهو قائل بالمضايقة، لا بالمواسعة.

وعليه، فبما أنَّ القضاء واجب مضيّق وفوري فلا يجوز التنفّل حينئذٍ لمن عليه القضاء لاستلزامه التأخير في القضاء، وهو غير جائز.

وفيه أوَّلاً: أنَّ الأقوى ­ كما سيأتي إن شاء الله تعالى ­ هو القول بالمواسعة، لا المضايقة.

وثانياً: لو سلّمنا بالقول بالمضايقة، إلاَّ أنّ المراد بالفوريّة والمضايقة هي الفورية والمضايقة العرفيّة.

ومن المعلوم أنّ الاشتغال بالنافلة، وما جرى مجراها من الأفعال المستحبة أو المباحة، خلال التشاغل بالقضاء لا ينافي الفوريّة والمضايقة العرفيّة.

نعم، لو كان المراد هو الفوريّة والمضايقة بحسب الدقّة العقليّة لكان ذلك منافياً لهما، إلاّ أنّك عرفت أنّ المراد هو الفوريّة العرفيّة.

ومنها: صحيحة زرارة المتقدّمة عن أبي جعفر عليه السلام «أنّه سُئِل عن رجلٍ صلّى بغير طَهُورٍ، أو نسيَ صلواتٍ لم يصلّها أو نام عنها، قال: يقضيها إذا ذكرها، في أيِّ ساعةٍ ذكرها ­ إلى أن قال: ­ ولا يتطوّع بركعةٍ حتّى يقضي الفريضة كلّها»[iii]f466.

والإنصاف: أنَّ هذه الصحيحة ظاهرة في المنع عن التطوّع بالنافلة لمن عليه فائتة، ولكن هذا النهي محمول على الكراهة جمعاً بين الأخبار كما سيأتي ­ إن شاء الله تعالى ­ في أدلة المجوِّزين.

 

[i] الوسائل باب 18 من أبواب صلاة الجماعة ح4.

[ii] مستدرك الوسائل باب 46 من أبواب المواقيت ح2.

[iii] الوسائل باب 61 من أبواب المواقيت ح3.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=81
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 16-09-2014
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12