• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : اوقات الفرائض والنوافل / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس79 _اوقات الفرائض والنوافل 59 .

الدرس79 _اوقات الفرائض والنوافل 59

لا يُقال: إنّها مختصة بالرواتب، فلا تشمل غيرها.

فإنَّه يُقال: هذا الاحتمال بعيد، لقوله عليه السلام «والفضل إذا صلّى الإنسان...»، إذ لا يمكن حمله على الرواتب، لأنّه لا إشكال في كون الأفضل أن يبدأ بالنوافل الراتبة قبل الفريضة حين دخول وقت الفريضة، كما تقدّم، فلا معنًى للقول حينئذٍ بأفضليّة البدء بالفريضة.

إن قلت: لا يصحّ الاستشهاد بهذه الفقرة على كون المراد بالنوافل مطلق النوافل الأعمّ من الراتبة، وذلك لأن هذه الفقرة من كلام الكليني رحمه الله، لا من كلام الإمام عليه السلام.

ويؤيِّده: خلوّ رواية الصدوق رحمه الله عن هذه الفقرة.

قلت: لو كانت هذه الفقرة من كلام الكليني رحمه الله لنبَّه عليه، إذ إنّ الإتيان بها متصلةً بكلام الإمام عليه السلام مع عدم الإشارة إلى كونها من كلام الكليني يكون تدليساً، والكليني رحمه الله منزّه عن ذلك.

وأما خلوّ رواية الصدوق رحمه الله منها فلا يضرّ بذلك.

أضف إلى ذلك: أنّ الشيخ رحمه الله روى هذه الرواية مع تلك الفقرة عن محمّد يحيى الذي هو شيخ الكليني في تلك الرواية.

وعليه، فإذا كان شيخ الكليني رحمه الله يروي هذه الرواية، مع تلك الفقرة، فكيف تكون من كلام الكليني رحمه الله؟!.

ثمَّ إنّه لو سلّمنا أنّ هذه الفقرة من كلام الكليني رحمه الله إلاّ أنّه يكفي الاستدلال على المدَّعى بصدر الرواية.

وأمَّا القول باختصاصها بالرواتب فيحتاج إلى قرينة، بل هي مطلقة.

والخلاصة: أنّ مقتضى الجمع بين هذه الموثّقة، وبين الروايات المتقدِّمة ­ بناءً على تماميتها في المنع عن النافلة في وقت الفريضة، أو وقت فضيلتها ­ هو حمل النهي على الكراهة، بمعنى أقليّة الثواب، بل إذا أردنا أن نتوسّع في ذلك فنقول: إنَّ النهي عن التطوّع في وقت الفضيلة إنّما هو نهي عرضي لا حقيقيّ، وقد نشأ هذا النهي لأجل الاهتمام بفضيلة الفريضة، فيكون البدء بالفريضة فيه رجحان وفضل، فالإتيان بالنافلة في وقت الفضيلة مفوِّت لهذا الفضل والرجحان، من دون أن تكون حزازة ومنقصة في الإتيان بالنافلة من حيث هي.

ومنها: حسنة محمّد بن مسلم «قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام إذا دخل وقت الفريضة أتنفل أو أبدأ بالفريضة؟ قال: إنّ الفضلَ أن تبدأ بالفريضة، وإنَّما أُخِّرت الظهر ذراعاً من عند الزوال من أجل صلاة الأوّابين»[i]f459.

وهذه الحسنة ظاهرة جدّاً في جواز الإتيان بالنافلة في وقت الفضيلة، وإنَّما الأفضل أن يبدأ بالفريضة، فقوله عليه السلام: «إنَّ الفضل...»، أي: إنَّ الأفضل، وأمَّا قوله عليه السلام: «وإنَّما أُخِّرت الظهر ذراعاً» فيحتمل أن يكون دفعاً للتنافي بين كون الأفضل البدء بالفريضة، وبين كون الأفضل تأخير الفريضة إلى مقدار ذراعٍ في الظهر، وذراعين في العصر.

ويكون حاصل دفع هذا التنافي أن يقال: إنّ الأفضل أن يبدأ بالفريضة عند حلول فضيلتها إذا كان النافلة التي يريد أن يأتي بها المصلِّي من غير الرواتب.

وأمَّا إذا كانت من الرواتب فالأفضل حينئذٍ البدء بها، وتأخير الفريضة، لأنَّ نافلة الزَّوال المعبَّر عنها بصلاة الأوّابين هي عند الشارع المقدس بمنزلة الفرائض من حيث الأهمية فكأن الشارع المقدس لا يرضى بتركها.

ومنها: صحيحة عمر بن يزيد «أنّه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الرواية التي يروون أنَّه لا يتطوّع في وقت فريضة، ما حدّ هذا الوقت؟ قال: إذا أخذ المقيم في الإقامة، فقال له: إنّ الناس يختلفون في الإقامة، فقال: المقيم الذي يصلّى معه»[ii]f460.

والإنصاف: أنّ هذه الصحيحة حاكمة على الأخبار الناهية عن التطوّع في وقت الفريضة ومفسِّرة لها.

ومقتضى تحديد ذلك الوقت بما إذا أخذ المقيم في الإقامة اختصاص المنع بهذه الصورة فقط.

نعم، الذي يرد على هذه الصحيحة هو عدم شمولها للمنفرِد الذي لا يصلِّي جماعة، فالأقرب اختصاصها بموردها، أي: مَنْ ينتظر الجماعة، لا مطلقاً، فلا تكون حاكمة على الأخبار الناهية عن التطوّع في وقت الفريضة، والتي هي نصّ في شمول المنع للمنفرد الذي لا يصلِّي جماعة.

ومهما يكن، فهي نصّ في جواز التطوّع في وقت فضيلة الفريضة في الجملة، ولو لخصوص مَنْ ينتظر الجماعة.

ومنها: إطلاق الأخبار الكثيرة المتقدِّمة عند البحث عن جواز تقديم النافلة على الزَّوال الدَّالة على أنَّ النافلة بمنزلة الهدية، وأنَّها في أيِّ ساعة من ساعات النَّهار أتى بها قُبِلت، فراجع ما ذكرناه هناك.

ومنها: جملة من النصوص الواردة في قضاء النوافل كموثَّقة أبي بصير «قال: قال أبو عبد الله عليه السلام إن فاتك شيء من تطوعّ اللّيل والنّهار فاقضه عند زوال الشَّمس، وبعد الظهر عند العصر، وبعد المغرب، وبعد العتمة من آخر السحر»[iii]f461.

وكخبر عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام «فقال: سألته عن رجلٍ نسيَ صلاة الليل والوتر، فيذكر إذا قام في صلاة الزوال، فقال: يبدأ بالنوافل (بالزَّوال) فإذا صلّى الظُّهر صلى صلاة اللّيل، وأوتر ما بينه وبين العصر أو متى أحبّ»[iv]f462، ولكنَّه ضعيف بعبد الله بن الحسن، فإنَّه مهمل، وكذا غيرها من الأخبار الواردة في قضاء النوافل.

ومنها: صحيحة سليمان بن خالد «قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل دخل المسجد، وافتتح الصَّلاة، فبينما هو قائم يصلِّي إذ أذّن المؤذِّن، وأقام الصَّلاة، قال عليه السلام: فليصلِّ ركعتين، ثمَّ ليستأنف الصَّلاة مع الإمام»[v]f463.

قال صاحب الرياض رحمه الله: «لا ربط لهذه الصحيحة بالمقام، لكون هذه النافلة مستثناة إجماعاً».

وفيه: أنَّه لا إجماع في المقام، وعلى تقديره فقد عرفت ما فيه.

وعليه، فتكون هذه الصحيحة دالّة على المدّعى.

 

[i] الوسائل باب 36 من أبواب المواقيت ح2­3.

[ii] الوسائل باب 35 من أبواب المواقيت ح9.

[iii] الوسائل باب 57 من أبواب المواقيت ح10.

[iv] الوسائل باب 49 من أبواب المواقيت ح1.

[v] الوسائل باب 56 من أبواب صلاة الجماعة ح1.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=80
  • تاريخ إضافة الموضوع : الإثنين: 15-09-2014
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12