• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : اوقات الفرائض والنوافل / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس62 _اوقات الفرائض والنوافل 42 .

الدرس62 _اوقات الفرائض والنوافل 42

(1) يقع الكلام في أمرين:

الأول: في وقت صلاة الليل، وأنه يبدأ من نصف الليل إلى الفجر، أو من أوله إليه.

الثاني: في أفضلية كونها قريبة من الفجر الثاني.

أمَّا الأمر الأوَّل: فقدِ ادَّعى جماعة من الأعلام الإجماع على أنّه من نصف الليل إلى الفجر الثاني.

وفي المدارك: «أنّ ما بعد الانتصاف وقت لصلاة الليل فهو مذهب علمائنا أجمع...»، وفي الجواهر: «بلا خلاف محقّق أجدُه...».

وفيه: أنّ الإجماع دليل لبّي يُقتصر فيه على القدر المتيقّن، وهو كون ما بعد الانتصاف وقتاً لها، وأمّا أن ما قبله ليس وقتاً لصلاة الليل فلا، إذ يحتمل أن يكون مرادهم هو جواز وشرعية الصلاة بعده.

وأما عدم الجواز قبل الانتصاف: فلا نقطع بأنهم يريدون ذلك، ومع الظن، أو الشك، فلا يمكن التمسك بالإجماع، لأنَّه ليس دليلاً لفظيّاً يمكن التمسّك بإطلاقه في حال الظن، أو الشكّ، بل هو دليل لبّي يُقتصر فيه على القدر المتيقّن، وقد عرفته.

وقد يستدلّ لهم بالأخبار أيضاً:

منها: مرسلة الفقيه «قال: وقال أبو جعفر عليه السلام: وقت صلاة الليل ما بين نصف الليل إلى آخره»[i]f354.

وفيها: أوَّلاً: أنَّها ضعيفة بالإرسال.

وأمَّا القول: بأنّ ضعفها مجبور بعمل الأصحاب.

فقد عرفت: أنَّ عمل مشهور المتقدّمين لا يجبر ضعف السند.

مضافاً إلى عدم إحراز عملهم بها، إذ لعلّهم استندوا في المسألة إلى غيرها من الأدلّة، ومجرد ذكرها في كتبهم لا يدل على الاستناد إليها.

ثانياً: يحتمل كون المراد من وقت صلاة الليل في المرسلة ­ الذي هو ما بين النصف إلى آخر الليل ­ هو وقت الفضيلة، كما سيتضح لك.

ومنها: صحيحة فُضَيل عن أحدهما «أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله كان يصلّي بعدما ينتصف الليل ثلاث عشرة ركعة»[ii]f355.

ومنها: رواية عُبَيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام «أنّه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلّى العشاء آوى إلى فراشه، فلم يصلّ شيئاً حتّى ينتصف الليل»[iii]f356، وهي ضعيفة، لأنّ في إسناد الشيخ الصدوق إلى عبيد بن زرارة: الحكم بن مسكين، وهو غير موثّق.

ومنها: معتبرة زرارة المتقدِّمة، حيث ورد في ذيلها «وكان ­ أي رسول الله صلى الله عليه وآله ­ لا يصلّي بعد العشاء حتّى ينتصف الليل، ثمّ يصلّي ثلاث عشرة ركعة...»[iv]f357، وقد عرفت: أنّ موسى بن بكر الواسطي الموجود في السند هو من المعاريف.

ومنها: حسنة عمر بن أُذَيْنة عن عدّةٍ «أنَّهم سمعوا أبا جعفر عليه السلام يقول: كان أمير المؤمنين عليه السلام لا يصلّي من النّهار شيئاً حتّى تزول الشَّمس، ولا من الليل بعدما يصلّي العشاء الآخرة حتّى ينتصف الليل»[v]f358.

والجواب عن هذه الروايات: أنّه لا يستفاد منها إلاّ أنّ ما بعد الانتصاف وقت لها، ولا تدلّ على أنّ ما قبل الانتصاف ليس بوقت، لاحتمال أن يكون تأخير النبي صلى الله عليه وآله، والأمير عليه السلام إلى النصف لإيقاعها في وقت فضيلتها، فلا تدلّ على عدم الجواز قبل ذلك.

ومنها: الروايات المستفيضة الدَّالة على جواز التقديم على الانتصاف لمثل المسافر، أو الشاب، أو خائف الجنابة، ونحوهم، والتي سنذكرها قريباً ­ إن شاء الله ­.

ويفهم من هذه الأخبار: أنّ صلاة الليل إذا ما كانت جائزةً اختياراً قبل الانتصاف فلا معنى حينئذٍ لتخصيص الجواز بخصوص هذه الأصناف، بل تخصيصهم بالذكر يدلّ على أنّ الوقت الاختياري هو ما بعد الانتصاف.

وفيه: أنّه من المحتمل كون الترخيص لهذه الأصناف لرفع المرجوحيّة في فعل صلاة الليل قبل الانتصاف، إذ من المعلوم أن من جوَّز فعلها قبل الانتصاف اختياراً إنما جوَّزه مع المرجوحية، بخلاف فعلها بعد الانتصاف، فإنّه لا مرجوحيّة فيه، بل هي فضيلة.

وعليه، فالتقديم لهذه الأصناف لأجل رفع المرجوحيّة، أي: أقليّة الثواب.

ومنها: رواية محمد بن مسلم «قال: سألته عن الرجل لا يستيقظ من آخر الليل حتّى يمضي لذلك العشر والخمس عشرة، فيصلّي أول الليل أحبّ إليك، أم يقضي؟ قال: لا، بل يقضي أحب إلي، إنّي أكره أن يتخذ ذلك خُلقاً. وكان زرارة يقول: كيف تقضى صلاة لم يدخل وقتها، إنّما وقتها بعد نصف الليل»[vi]f359.

وفيه: أوَّلاً: أنها ضعيفة بمحمّد بن سنان.

وثانياً: أنَّ الشاهد فيها هو قول زرارة، وزرارة، وإن كان من الأعاظم، إلاّ أن قوله ليس بحجّة، ولعلّه اجتهاد منه.

ومنها: موثّقة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام «قال: إنّما على أحدكم إذا انتصف الليل أن يقوم، فيصلي صلاته جملةً واحدةً ثلاث عشرة ركعة، ثمّ إن شاء جلس فدعا، وإن شاء نام، وإن شاء ذهب حيث شاء»[vii]f360.

وقدِ استدلّ بها السيد الخوئي رحمه الله على عدم جواز التقديم، لأنّه عليه السلام قيّد الصَّلاة المأمور بها بانتصاف الليل، ومفهومها: أنّه ليس لأحد أن يقوم فيصلي... فيما إذا لم ينتصف الليل.

وقال قبل ذلك: «ولم أرَ مَنْ استدلَّ بها في المقام».

وفيه: أنّه من المحتمل قويّاً أن يكون مفهومها أنّه ليس لأحد أن يقوم قبل الانتصاف للصلاة، لأنها مرجوحة في هذا الوقت، بخلاف كونها بعد الانتصاف، فالنهي حينئذٍ لأجل المرجوحيّة، لا لأجل عدم الجواز.

ومنها: ­ ولعلّه الأقوى دلالةً ­ وجود الروايات الكثيرة الآتية قريباً ­ إن شاء الله تعالى ­ الدّالة على أنّ قضاء صلاة الليل بعد الفجر أفضل من تقديمها على الانتصاف.

وجه الاستدلال بها: أنّ المكلّف قادر على الإتيان بها أوّل الليل، وقبل الانتصاف، وإذا كان هذا الوقت وقتاً لها، فكيف يكون الإتيان بها بعد خروج وقتها، أعني: قضاءها بعد الفجر أفضل من الإتيان بها في وقتها، ومعنى هذا: أنّ القضاء أفضل وأرجح من الأداء، وهو في غير محلّه.

وجوابه: أنّ الظاهر من هذه الروايات الآتية أنَّ علّة أفضليّة القضاء كون التقديم يؤدِّي إلى الاعتياد على ترك التهجد في آخر الليل، الذي هو أفضل، وقد علّلت بعض الروايات الآتية ذلك بــــ «أنّي أكره أن يُتخذ ذلك خُلقاً».

وعليه، فلا يبعد أن يكون تقديمها بالذات أفضل من القضاء، لولا مخافة الاعتياد، فإذا لم يحصل الاعتياد فيكون التقديم أفضل.

ومنها: رواية أبي الجارود عن أبي جعفر المروية في تفسير علي بن إبراهيم «اعلموا أنّه لم يأتِ نبيّ قط إلاّ خلا بصلاة الليل، ولا جاء نبيّ قطّ بصلاة الليل في أوّل الليل»[viii]f361، والمراد بقوله: «إلاَّ خلا» أي: مضى من الدنيا مواظباً عليها.

ولكنّها: ضعيفة، لأنّ كثير من عيّاش القطان الراوي عن أبي الجارود ضعيف.

والإنصاف: أنه يجوز التقديم اختياراً، وإن كان التأخير إلى ما بعد الانتصاف أفضل.

 

[i] الوسائل باب 43 من أبواب المواقيت ح2.

[ii] الوسائل باب 43 من أبواب المواقيت ح3.

[iii] الوسائل باب 43 من أبواب المواقيت ح1.

[iv] الوسائل باب 10 من أبواب المواقيت ح3.

[v] الوسائل باب 36 من أبواب المواقيت ح5.

[vi] الوسائل باب 45 من أبواب المواقيت ح7.

[vii] الوسائل باب 35 من أبواب التعقيب ح2.

[viii] تفسير علي بن إبراهيم: سورة المزمل، الآية: 20.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=63
  • تاريخ إضافة الموضوع : الإثنين: 12-05-2014
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12