• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : اوقات الفرائض والنوافل / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس51 _اوقات الفرائض والنوافل 31 .

الدرس51 _اوقات الفرائض والنوافل 31

 

(1) يقع الكلام في ثلاثة أمور:

الأول: وقت الصبح الذي هو طلوع الفجر، وكيفيّة معرفته.

الثاني: متى ينتهي الوقت، هل بطلوع الشَّمس، كما هو المشهور، أم بإسفارِ الصُّبْح، ويكون انتهاؤه إلى طلوع الشَّمس وقتاً للمضطرّ، كما عن الشيخ في كثير من كتبه؟.

الثالث: في وقت الفضيلة.

أمّا الأمر الأول: فالمعروف بين العلماء أنّ وقت الصبح هو طلوع الفجر الثاني، قال في المدارك: «أجمع العلماء كافّةً على أنّ أوّل وقت الصُّبْح طلوع الفجر الثاني المستطير في الأُفُق...»، وفي الجواهر: «بلا خلافٍ معتدٍّ به فيه بيننا، بل الإجماع بقسمَيْه عليه، والنصوص متظافرة، أو متواترة فيه، بل لعلَّه من ضروريات مذهبنا...».

والإنصاف: أن المسألة متسالم عليها بين المسلمين كافّة، فإنّ وقت الصّبح عند المذاهب الأربعة هو الفجر الثاني.

نعم، الخلاف في كيفّية تحقّقه.

وعليه، فلا حاجة للاستدلال عليه بالنصوص، وإلاَّ فهي كثيرة جدّاً.

نعم، نذكر بعضها للتبرُّك.

منها: حسنة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ­ في حديثٍ ­ «قال: إذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغَدَاة»[i]f297، وسيأتي أيضاً ­ إن شاء الله تعالى ­ كثير منها في ضمن الأبحاث الآتية.

وأمَّا كيفية معرفته: فالمعروف بين الأعلام أنَّ الفجر الثاني هو البياض المنتشِر في الأُفُق الذي هو كالقبطيَّة البيضاء، وكنهر سورى .

وأمَّا الفجر الأوَّل الكاذب: فهو البياض الحادث في الأفق المتصاعد في السماء الذي يشابه ذنب السرحان ­ أي: الذئب ­ وإنَّما شُبِّه به لخروجه مستدقّاً مستطيلاً، كذنب السرحان.

ويسمّى الفجر الثاني: بالصادق، لأنّه يصدق من رآه عن الصبح.

ثمَّ إنَّه يدلّ على ما ذكرنا عدّة من الروايات:

منها: صحيحة أَبِي بَصِيرٍ ليث المُرَادِي «قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله عليه السلام فَقُلْتُ: مَتَى يَحْرُمُ الطَّعَامُ عَلَى الصَّائِمِ، وتَحِلُّ الصَّلَاةُ، صَلَاةُ الْفَجْرِ؟ فَقَالَ (لي): إِذَا اعْتَرَضَ الْفَجْرُ، فكَانَ كَالْقُبْطِيَّةِ الْبَيْضَاءِ، فَثَمَّ يَحْرُمُ الطَّعَامُ على الصِّائمُ، وتَحِلُّ الصَّلَاةُ، صَلَاةُ الْفَجْرِ، قُلْتُ: أفَلَسْنَا فِي وَقْتٍ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ شُعَاعُ الشَّمْسِ؟ فَقَالَ: هَيْهَاتَ! أَيْنَ تَذْهَبُ، تِلْكَ صَلَاةُ الصِّبْيَانِ»[ii]f298، والقبطي: ثوب أبيض رقيق، يجلب من مصر، قال الفيومي في مصباحه: «القِبطُ بالكسر: نَصَارَى مِصْرَ، الواحد (قِبطيُّ) على القِيَاسِ، (والقُبطيُّ) ­ بالضم ­: ثوبٌ من كتَّان رقيق، يُعمَلُ بمصرَ نسبة إلى (القِبطِ) على غير قِياسٍ، فرقاً بينه وبين الإنسان، وثيابٌ (قُبطيَّةٌ) بالضم أيضا، وجُبَّة قُبطِيَّةٌ والجَمع قَبَاطيٌّ».

ومنها: حسنة علي بن عطية عن أبي عبد الله عليه السلام «أنَّه قال: الصّبح (الفجر) هو الذي إذا رأيته كانَ معترضاً، كأنَّه بياض نهر سورى (سوراء)»[iii]f299، قال الشيخ البهائي في كتاب الحبل المتين في شرح قوله عليه السلام في الحسنة المتقدِّمة: «(كأنه بياض سورى): وسورى وزن على بشرى، موضع بالعراق من أرض بابل، والمراد ببياضها: نهرها...».

ومنها: رواية عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ «قَالَ: كَتَبَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْحُصَيْنِ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي عليه السلام مَعِي: جُعِلْتُ فِدَاكَ! قَدِ اخْتَلَفَتْ مُوَالُوكَ (مواليك ح ل) فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُصَلِّي إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ الأَوَّلُ الْمُسْتَطِيلُ فِي السَّمَاءِ، ومِنْهُمْ مَنْ يُصَلِّي إِذَا اعْتَرَضَ فِي أَسْفَلِ الأُفُقِ، واسْتَبَانَ، ولَسْتُ أَعْرِفُ أَفْضَلَ الْوَقْتَيْنِ فَأُصَلِّيَ فِيه، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُعَلِّمَنِي أَفْضَلَ الْوَقْتَيْنِ، وتَحُدَّه لِي، وكَيْفَ أَصْنَعُ مَعَ الْقَمَرِ، والْفَجْرُ لَا يَتَبَيَّنُ مَعَه حَتَّى يَحْمَرَّ ويُصْبِحَ، وكَيْفَ أَصْنَعُ مَعَ الْغَيْمِ، ومَا حَدُّ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ والْحَضَرِ، فَعَلْتُ إِنْ شَاءَ اللَّه. فَكَتَبَ عليه السلام بِخَطِّه وقَرَأْتُه: الْفَجْرُ، يَرْحَمُكَ اللَّه! هُوَ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ الْمُعْتَرِضُ، ولَيْسَ هُوَ الأَبْيَضَ صُعَداً (صُعَدَاء خ ل)، فَلَا تُصَلِّ فِي سَفَرٍ، ولَا حَضَرٍ، حَتَّى تَتَبَيَّنَه، فَإِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وتَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ خَلْقَه فِي شُبْهَةٍ مِنْ هَذَا، فَقَالَ: «وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ »، فَالْخَيْطُ الأَبْيَضُ: هُوَ الْمُعْتَرِضُ الَّذِي يَحْرُمُ بِه الأَكْلُ والشُّرْبُ فِي الصَّوْمِ، وكَذَلِكَ هُوَ الَّذِي يُوجِبُ بِه الصَّلَاةَ»[iv]f300.

وهي، وإن كانت ضعيفة بطريق الكليني بسهل بن زياد، إلاّ أنها صحيحة بطريق الشيخ لأن الكاتب الحصين هو أبو الحصين بن الحصين الحصيني الذي وثقه الشيخ في رجاله.

ثمّ إنّ قوله عليه السلام في الرواية: «ولَيْسَ هُوَ الأَبْيَضَ صُعَداً»، إشارة إلى الفجر الأوَّل الكاذب.

ومنها: رواية هشام بن الهذيل عن أبي الحسن الماضي عليه السلام «قال: سألتُه عن وقتِ صلاة الفجر، فقال: حين يعترض الفجر، فتراه مثل نهر (سوراء) سُورَى»[v]f301، ولكنَّها ضعيفة بجهالة هشام بن الهذيل.

ثمَّ إنَّه ينبغي التنبيه على أمر مهمّ، وهو أنّه ورد في رواية ابن مهزيار المتقدَّمة: وكَيْفَ أَصْنَعُ مَعَ الْقَمَرِ، والْفَجْرُ لَا يَتَبَيَّنُ مَعَه حَتَّى يَحْمَرَّ ويُصْبِحَ؟...»، فهل يكفي التقدير مع القمر فيترتّب الحكم بجواز الصّلاة، ووجوب الإمساك، إذا كان البياض المنتشر غير متبين بالفعل، ولكنّه يتبين لولا ضوء القمر، أو لا بدّ من تبيّنه في الأفق بالفعل، ولا يكفي التقدير مع القمر؟.

ويترتب على هذا القول: أنه في الليالي المُقْمِرة يتأخّر طلوع الفجر مدّةً من الزمن عن غيرها من الليالي.

ذهب إلى هذا القول المحقِّق الهمداني في مصباحه قال: «مقتضى ظاهر الكتاب والسنة، وكذا فتاوى الأصحاب، اعتبار اعتراض الفجر، وتبيّنه في الأفق بالفعل، فلا يكفي التقدير مع القمر لو أثر في تأخّر تبيّن البياض المعترض في الأفق؛ ولا يقاس ذلك بالغيم ونحوه، فإن ضوء القمر مانع عن تحقّق البياض ما لم يقهره ضوء الفجر، والغيم مانع عن الرؤية لا عن التحقق، وقد تقدّم في مسألة التغيّر التقديري في مبحث المياه من كتاب الطهارة ما له نفع في مقام، فراجع».

 

[i] الوسائل باب 26 من أبواب المواقيت ح2.

[ii] الوسائل باب 27 من أبواب المواقيت ح1.

[iii] الوسائل باب 27 من أبواب المواقيت ح2.

[iv] الوسائل باب 27 من أبواب المواقيت ح4.

[v] الوسائل باب 27 من أبواب المواقيت ح6.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=52
  • تاريخ إضافة الموضوع : الخميس: 17-04-2014
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12