• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : مبحث الركوع / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس 513 _ الركوع 14 .

الدرس 513 _ الركوع 14

*قال الشهيد الأول في الدروس: ولا "واو" قبل الحمد، كما لا "واو" في ربّنا لك الحمد، رواه محمّد بن مسلم عن الصَّادق (عليه السّلام)، وأنّ المأموم يقوله بعد تسميع الإمام، وأنكر وروده بعض الأصحاب، مع أنّه جوّزه، وزاد أبو بصير في روايته عنه (عليه السّلام): بحول الله وقوته أقوم وأقعد، ولا بأس به* 
أي بعد قوله: سمع الله لمن حمده يقول: الحمد لله، بلا «واو» قبل الحمد، كما أنَّه لا «واو» بعد ربّنا في قولك: ربّنا لك الحمد، خلافاً للعامّة، حيث يقولون: ربّنا ولك الحمد.
 وبالجملة، يظهر من المصنِّف (رحمه الله) هنا -في الدروس- وفي الذِّكرى أنّه يستحبّ للمأموم مكان سمع الله لمن حمده أن يقول:  ربّنا لك الحمد، بعد قول الإمام: سمع الله لمن حمده.
 قال المصنِّف (رحمه الله) في الذكرى: وروى الحسين بن سعيد بإسناده إلى أبي بصير عن الصَّادق (عليه السلام): «سمع الله لمن حمده، الحمد لله رب العالمين، الرحمان الرحيم، بحول الله وقوته أقوم وأقعد، أهل الكبرياء والعظمة والجبروت».[1]، وبإسناده إلى محمّد بن مسلم عنه (عليه السلام): «إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، قال مَنْ خلفه: ربّنا لك الحمد، وإن كان وحده إماماً أو غيره قال: سمع الله لمن حمده، الحمد لله رب العالمين».[2] (إلى أن قال): وأنكر في المعتبر: ربّنا لك الحمد، وذكر أنّ المروي ما ذكره الشَّيخ.
 أقول: يظهر من الشَّيخ أيضاً أنَّه أنكر كون «ربّنا لك الحمد»، منقولة عن أهل البيت (عليهم السلام)، حيث حُكي عنه أنّه قال: ولو قال: ربّنا لك الحمد لم تفسد صلاته، لأنَّه نوع تحميد، لكنّ المنقول عن أهل البيت (عليهم السلام) أَولى.
 قال المصنّف رحمه الله في الذكرى: والذي أنكره في المعتبر تدفعه قضيّة الأصل، والخبر حجّة عليه، وطريقه صحيح، وإليه ذهب صاحب الفاخر واختاره ابن الجنيد، ولم يقيّده بالمأموم.
أقول: أوَّلاً: أنَّ أغلب علمائنا لم يذكروا من جملة المستحبّات «ربّنا لك الحمد».
      وثانياً: أنَّ تلك الرّوايتين المذكورتين في الذّكرى لم يذكر المصنّف (رحمه الله) في الذّكرى طريقه إلى الحسين بن سعيد، ولا طريق الحسين بن سعيد إلى أبي بصير، وإلى محمَّد بن مسلم، فتكون الرّوايتان ضعيفتين بالإرسال، وإن شهد (رحمه الله) بصحتها، لأنَّ اجتهاده ليس حجّةً على الآخرين. ولو كانت تلك الرّوايتان موجودتين في أصل الحسين بن سعيد لذكرتا في جوامع المحمدِين الثلاثة، وغيرها من الكتب المعتبرة. ولعلّ الأصل الذي وصل إلى الشّهيد رحمه الله كان مشتملاً على تلك الرّوايتين.
والخلاصة إلى هنا: أنَّه لم يثبت استحباب «ربّنا لك الحمد» إلَّا على القول بالتسامح في أدلّة السُّنن، وقد عرفت ما فيه، والله العالم.
*قال الشهيد الأول في الدروس: والأقرب أنّ تطويل الدّعاء هنا غير مستحبّ، فلو فعله فالأقرب: عدم البطلان ما دام اسم الصّلاة*
أقول: ذكرنا هذه المسالة بالتفصيل عند قول المصنِّف سابقاً: *ويسكن ولو يسيرا*، وبينا أنَّ تطويل الدُّعاء هنا أيضاً مستحب، وذكرنا صحيحة معاوية بن عمار التي يستفاد منها ذلك، فراجع.[3].
*قال الشهيد الأول في الدروس: ويستحبّ التكبير للرّكوع قائماً، وفي الخلاف: يجوز هاوياً، ورفع اليدين به، كما سلف*
أقول: يقع الكلام في ثلاثة أمور:
 الأوَّل: في استحباب التكبير للرّكوع أو وجوبه.
 الثاني: بعد القول بالاستحباب، هل يعتبر أن يكون التكبير للرّكوع في حال القيام، أم يجوز أن يكبّر وهو في حال الهوي للرّكوع ؟
 الثالث: في استحباب رفع اليدين حال التكبير، على نحو ما مرّ في تكبيرة الإحرام.
أمّا الأمر الثالث: فقد تقدّم الكلام فيه مفصّلا عند الكلام عن رفع اليدين في تكبيرة الإحرام، فراجع.[4].
وأمَّا الأمر الأوَّل: فالمعروف بين الأعلام هو الاستحباب.
وحُكي عن ابن أبي عقيل والدّيلمي وجوب التكبير، وهو ظاهر السَّيد المرتضى (رحمه الله) أيضاً، ونقل الشَّيخ (رحمه الله) في المبسوط القول: بالوجوب عن بعض أصحابنا، وتردَّد فيه المحقّق (رحمه الله) في الشّرائع، ثمَّ استظهر الندب.
وقدِ استُدلّ للقول بوجوب التكبير بجملة من الرّوايات:
 منها: صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إذا أردت أن تركع فقل وأنت منتصب الله أكبر، ثمَّ اركع...»[5].
 ومنها: حسنة زرارة المرويّة في الكافي قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «إذا أردت أن تركع وتسجد فارفع يدك وكبِّر، ثمَّ اركع واسجد»[6]، ورواها الشَّيخ رحمه الله في التهذيب، إلَّا أنَّه ترك قول: وكبر.
 ومنها: صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) انه قال: «إذا كنت إماماً أو وحدك فقل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلَّا الله، ثلاث مرات، تكمله تسع تسبيحات، ثمَّ تكبِّر وتركع»[7].
 ومنها: صحيحة حمّاد - حيث ورد فيها - رفع يديه حِيال وجهه، وقال: «الله أكبر، وهو قائم، ثمَّ ركع...»[8]، وظاهر الأمر في هذه الرّوايات هو الوجوب.
ولكن بإزاء هذه الرّوايات جملة من الرّوايات ظاهرة أو صريحة في استحباب التكبير للرّكوع، وبها يرفع اليد عن الرّوايات الظّاهرة في الوجوب، وتحمل على الاستحباب:
 ومنها: صحيحة زرارة المرويّة في الفقيه قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «إذا كنتَ كبَّرت في أوّل صلاتك بعد الاستفتاح بإحدى وعشرين تكبيرةً، ثمَّ نسيت التكبير كلّه، أو لم تكبِّر، أجزأك التكبير الأوَّل عن تكبير الصَّلاة كلّها»[9]، فإنَّ الرّخصة في تقديمها وتركه في مواضعها عمداً، كما هو قضية ظاهر العطف بكلمة «أو» ظاهرة بعدم كونها من حيث هي ممَّا يخلّ تركها بالصّلاة.
أضف إلى ذلك: أنَّ القائل بالوجوب لا يلتزم بجواز تقديمها.
وعليه، فتكون هذه الصّحيحة دالّة على استحباب تكبير الرُّكوع، ولكن أشكل على الصّحيحة بأنّها مرويّة في التهذيب بالعطف بـ «الواو»، هكذا: «ثمَّ نسيت التكبير كلّه، ولم تكبِّر، أجزأك...»، فيشكل الاعتماد عليها حينئذٍ لاختصاصها بمورد النسيان.
ولكنَّ الإنصاف: أنَّ هذا الإشكال في غير محلِّه، لِمَا ذكرناه في أكثر من مناسبة أنَّه إذا تعارضت نسخة الفقيه أو الكافي مع نسخة التهذيب تقدَّم نسخة الفقيه أو الكافي، لكونهما أضبط بكثير من التهذبيب، بل قال صاحب الحدائق رحمه الله: لا يخفى على من راجع التهذيب وتدبّر أخباره ما وقع للشّيخ من التحريف والتصحيف في الأخبار سنداً ومتناً، وقلّما يخلو حديث من أحاديثه من علّة في سند أو متن... ، فإنّ هذا الكلام وإن كان لا يخلو من من المبالغة إلَّا أنَّه في الجملة صحيحة.
والخلاصة: أنَّ هذه الصّحيحة تامّة الدّلالة على عدم الوجوب، وبها يرفع اليد عن الرّوايات الظّاهرة في الوجوب.
 ومنها: رواية أبي بصير قال: «سألته عن أدنى ما يجزي في الصَّلاة من التكبير، قال: تكبيرة واحدة»[10]، وهي ضعيفة بمحمّد بن سنان، فالتعبير عنها بالموثّقة، كما عن جماعة من الأعلام في غير محلّه.
 وأمّا الإضمار الموجود فيها فلا يضرّ، لما هو المعروف من حال أبي بصير من أنَّه لا يروي إلَّا عن الإمام عليه السلام.
 ثمَّ إنَّها أيضاً ضعيفة الدّلالة، لأنَّ الظاهر أنَّ السّؤال فيها إنّما هو بالنسبة إلى التكبيرات الافتتاحيّة، أي ما هو أدنى ما يجزي من التكبيرات الافتتاحيّة، وليس السّؤال عن تكبيرات الصَّلاة ليدخل فيه تكبير الرُّكوع.
_____
[1] الوسائل باب 17  من أبواب الرُّكوع ح3.
[2] الوسائل باب 17  من أبواب الرُّكوع ح4.
[3] الدرس 512 _ الركوع 13 على الموقع.
[4] كتابنا الصلاة المجلد الثالث ص435.
[5] الوسائل باب 1  من أبواب الرُّكوع ح1.
[6] الوسائل باب 2  من أبواب الرُّكوع ح1.
[7] الوسائل باب 51  من أبواب القراءة في الصلاة ح1.
[8] الوسائل باب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح1.
[9] الوسائل باب 6  من أبواب تكبيرة الإحرام ح1.
[10] الوسائل باب 1 من أبواب تكبيرة الإحرام ح5.

 


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=516
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 13-09-2017
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12