• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : مبحث القيام / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس371 _القيام في الصلاة 12 .

الدرس371 _القيام في الصلاة 12

(1) إذا عجز عن القعود بجميع أنحائه صلَّى مضطجعاً، وفي الجواهر: «بلا خلاف أجده فيه بيننا كما اعترف به بعضهم، بل الإجماع عليه، إن لم يكن محصّلاً، فهو محكي في كشف اللثام، وغيره...»، وفي الحدائق: «أنَّه لا خلاف بينهم في أنَّه لو عجز عن القعود بجميع وجوهه المتقدّمة، فإنّه ينتقل إلى الاضطجاع...»، وفي المدارك: «هذا ممّا لا خلاف فيه بين العلماء...».

أقول: هناك تسالم بين جميع الأعلام في جميع الأعصار والأمصار على الانتقال إلى الاضطجاع عند العجز عن العقود بجميع أنحائه، بحيث خرجت المسألة عن الإجماع المصطلح عليه.

ويدلّ عليه ­ مضافاً إلى ذلك ­: عدَّة من الرِّوايات بلغت حدّ الاستفاضة:

منها: حسنة أبي حمزة عن أبي جعفر N «في قول الله عزَّ وجل: « الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ ]آل عمران: 191[ قال: الصّحيح يصلّي قائماً، وقعوداً: المريض يصلي جالساً، وعلى جنوبهم: الذي يكون أضعف من المريض الذي يصلّي جالساً»[i]f648.

ومنها: موثَّقة سماعة «قال: سألتُه عن المريض لا يستطيع الجلوس، قال: فليصلِّ وهو مضطجع، وَلْيضع على جبهته شيئاً إذا سجد، فإنَّه يجزي عنه، ولن يكلَّفه الله ما لا طاقة له به»[ii]f649، وقد عرفت أنَّ مضمرات سماعة مقبولة.

ومنها: ما رواه السَّيد المرتضى R في رسالة المحكم والمتشابه ­ نقلاً من تفسير النعماني ­ بإسناده عن عليٍّ N ­ في حديث ­ «قال: وأمَّا الرُّخصة التي هي الإطلاق بعد النهي ­ إلى أن قال: ­ ومثله قوله عز وجل: « فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ ]النساء: 103[، ومعنى الآية أنَّ الصَّحيح يصلِّي قائماً، والمريض يصلِّي قاعداً، ومَنْ لم يقدر أن يصلِّي قاعداً صلَّى مضطجعاً، ويُومئ بإيماء، فهذه رخصة جاءت بعد العزيمة»[iii]f650.

ولكنَّها ضعيفة، لأنَّ في السَّند عدَّة من الأشخاص، بعضهم ضعيف، كالحسن بن علي بن أبي حمزة وأبيه، وبعضهم مجهول كأحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي.

ومنها: مرسلة الفقيه «قال: وقال رسول الله C: المريض يصلِّي قائماً، فإنْ لم يستطع صلَّى جالساً، فإن لم يستطِع صلَّى على جنبه الأيمن، فإن لم يستطِع صلَّى على جنبه الأيسر، فإنْ لم يستطِع استلقى وأومأ إيماءً، وجعل وجهه نحو القبلة، وجعل سجوده أخفض من ركوعه»[iv]f651، ولكنَّها ضعيفة بالإرسال.

ومنها: رواية دعائم الإسلام، حيث ورد في ذيلها: «فإنْ لم يستطِع أن يصلِّي جالساً، صلَّى مضطجعاً لجنبه الأيمن، ووجهه إلى القبلة، فإن لم يستطِع أن يصلِّي على جنبه الأيمن، صلَّى مستلقياً ورجلاه ممَّا يلي القبلة يومئ إيماءً»[v]f652، وهي أيضاً ضعيفة بالإرسال.

ومنها: موثقة عمَّار عن أبي عبد الله N «قال: المريض إذا لم يقدر أن يصلِّي قاعداً، كيف قدر صلَّى، إمَّا أن يوجّه فيومِئ إيماءً، وقال: يوجّه كما يوجّه الرَّجل في لحده، وينام على جنبه الأيمن، ثمَّ يومِئ بالصَّلاة، فإن لم يقدر أن ينام على جنبه الأيمن، فكيف ما قدر فإنَّه له جائز، وَلْيستقبل بوجهه القبلة، ثمَّ يومِئ بالصَّلاة إيماءً»[vi]f653.

ومنها: ما عن المحقِّق R في المعتبر «أنَّه قال: روى أصحابنا عن حمَّاد عن أبي عبد الله N قال: المريض إذا لم يقدر أن يصلِّي قاعداً، يوجّه كما يوجّه الرّجل في لحده، وينام على جانبه الأيمن، ثمَّ يومِئ بالصَّلاة، فإن لم يقدر على جانبه الأيمن فكيف ما قدر فإنَّه جايز، ويستقبل بوجهه القبلة، ثمَّ يومِئ بالصَّلاة إيماءً»[vii]f654.

ونقل المصنِّف R في الذكرى والشَّهيد الثاني R في الرَّوض هذه الرِّواية عن حمَّاد.

وظاهر الفاضل الخراساني في الذخيرة أنَّ هذه الرِّواية هي رواية عمَّار المذكورة، وأنَّ المحقق R في المعتبر أسندها إلى حمَّاد وتبعه الشَّهيدان، حيث قال ­ بعد موثَّقة عمَّار المذكورة ­: «وفي متن هذه الرِّواية اضطراب، ونقلها في المعتبر بوجه آخر، وتبعه على ذلك الشَّهيدان، وهو هكذا: «المريض إذا لم يقدر أن يصلي قاعداً يوجَّه كما يوجَّه الرَّجل في لحده»؛ وهي على هذا الوجه تسلم من الاضطراب، وأسندها إلى حمَّاد، وهي كذلك في بعض نسخ التهذيب».

قال صاحب الحدائق R: «وظنِّي بعدُ ما تمحّله، وما أدري ما الحامل له على ذلك، مع أنَّ المحقِّق في المعتبر كثيراً ما ينقل أخباراً زائدةً على ما في الكتب الأربعة من الأصول التي عنده، وما ذكره من التعلّل بالاضطراب، وأنَّه برواية المحقِّق تسلم من الاضطراب، فلا يخفى على المتتبع لروايات عمَّار ما في كثير منها من الغرائب والاضطراب، كما نبهنا عليه في غير موضع ممَّا تقدَّم، ونسخ المعتبر، وكذا كتابي الشَّهيدين متّفقة على حمَّاد دون عمَّار؛ وبالجملة، فالظاهر عندي أنَّها رواية مستقلة متناً وسنداً».

أقول: لا يهمّنا كثيراً البحث عن كونها روايةً مستقلةً، أو هي نفس رواية عمَّار، لأنَّه على القول بأنَّها رواية مستقلة فهي ضعيفة بالإرسال لِعدم ذكر المحقِّق R طريقه إلى حماد.

وعلى القول بأنَّها نفس رواية عمَّار فتأخذ حكمها حينئذٍ.

ومهما يكن، فهذه الأخبار المستفيضة متّفقة الدَّلالة على وجوب الاضطجاع عند العجز عن الجلوس.

ولكن في مقابل هذه الرِّوايات، يوجد بعض الرِّوايات دلَّت على أنَّ مَنْ عجز عن الصَّلاة من جلوس صلَّى مستقلياً لا مضطجعاً:

منها: رواية عبد السَّلام بن صالح الهروي عن الرِّضا N عن آبائه S: «قال: قال رسول الله C إذا لم يستطِعِ الرَّجل أن يصلِّي قائماً فليصلِّ جالساً، فإن لم يستطِعْ جالساً فَلْيصلِّ مستلقياً، ناصباً رجليه بحيال القبلة يومِئ إيماءً»[viii]f655، ولكنَّها ضعيفة بجهالة كلٍّ من جعفر بن محمَّد الحسن (الحسيني)، وعيسى بن مهران.

ورواها أيضاً الشَّيخ الصَّدوق R في باب إسباغ الوضوء[ix]f656 عن الرِّضا N بسند فيه بعض المجاهيل.

ومنها: مرسلة الشَّيخ الصدوق R «قال: وقال الصَّادق N: يصلِّي المريضُ قائماً، فإنْ لم يقدِرْ على ذلك صلَّى جالساً، فإنْ لم يقدِرْ أن يصلِّي جالساً صلَّى مستلقياً...»[x]f657، وهي ضعيفة بالإرسال.

ومثلها مرسلة محمَّد بن إبراهيم عمَّن حدثه عن أبي عبد الله N، إلاَّ أنَّه قال: «يصلِّي المريض قاعداً، فإنْ لم يقدر صلَّى مستلقياً»[xi]f658، وهي ضعيفة أيضاً بالإرسال، وبجهالة محمَّد بن إبراهيم.

وهذه الرِّوايات ­ مضافاً إلى ضعف سندها ­ يمكن تقييدها بما سبق فتحمل حينئذٍ على صورة العجز عن الاضطجاع، ومع عدم إمكان الحمل، ومع فرض صحتها سنداً تحمل على التقيَّة.

ومع عدم صحَّة الحمل على التقيَّة، وفرض صحتها سنداً يرد علمها إلى أهلها، إذ لم أرَ مفتياً بها على الإطلاق، والله العالم.

 

[i] الوسائل باب 1 من أبواب القيام ح1.

[ii] الوسائل باب 1 من أبواب القيام ح5.

[iii] الوسائل باب 1 من أبواب القيام ح22.

[iv] الوسائل باب 1 من أبواب القيام ح15.

[v] المستدرك باب 1 من أبواب القيام ح5.

[vi] الوسائل باب 1 من أبواب القيام ح10.

[vii] المستدرك باب 1 من أبواب القيام ح4.

[viii] الوسائل باب 1 من أبواب القيام ح18.

[ix] الوسائل باب 54 من أبواب الوضوء ح4.

[x] الوسائل باب 1 من أبواب القيام ح13.

[xi] الوسائل باب 1 من أبواب القيام ذيل ح13.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=481
  • تاريخ إضافة الموضوع : الخميس: 01-12-2016
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12