• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : مبحث النية في الصلاة / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس341 _النية في الصلاة 4 .

الدرس341 _النية في الصلاة 4

وأمَّا قصد الوجوب أو الندب فقد ذكرنا هناك عدم اشتراط ذلك.

وأمَّا قصد التعيين فلا بدّ منه فيما لو كان التكليف متعدِّداً، كما في صلاتي الظُّهر والعصر، فلو أتى بأربع ركعات متقرِّباً إلى الله تعالى من غير قصد عنوان الظُّهر ولا العصر بطل، ولم يقع امتثالاً لشيء منهما، وكذا فريضة الفجر ونافلته، فإذا أتى بذات الرّكعتين من غير قصد شيء من العنوانين بطل، ولم يقع مصداقاً لشيءٍ منهما.

ثمَّ إنَّ التعيين قد يحصل بغير قصد الظُّهر أو العصر، قال المصنِّف R في الذكرى: «ولو نوى فريضة الوقت أجزأ عن نيَّة الظُّهر أو العصر مثلاً لحصول التعيين به، إذ لا مشارك لها. هذا إذا كان في الوقت المختصّ، أمَّا في المشترك فيحتمل المنع لاشتراك الوقت بين الفريضتين؛ ووجه الإجزاء أنَّ قضيَّة الترتيب يجعل هذا الوقت للأُولى؛ ولو صلَّى الظُّهر، ثمَّ نوى بعدها فريضة الوقت أجزأ وإن كان في المشترك...».

ثمَّ إنَّه كما لا يشترط قصد الوجوب أو الندب لا يشترط أيضاً قصد الأداء أو القضاء، حتَّى أنَّ المحرِّرين للمسألة جعلوا ذلك كلّه مسألة واحدة.

نعم، إذا توقَّف التعيين على قصد أحدهما وجب ذلك، كما لا يخفى.

(1) قال المصنِّف R في الذكرى: «فاعلم أنَّه يجب عند إحضار الذَّات والصِّفات والقصد إليها أنْ يجعل قصده مقارِناً لأوَّل التكبير، ويبقى على إستحضاره إلى انتهاء التكبير، فلو عزبت قبل تمام التكبير ففي الاعتداد بها وجهان:

أحدهما: نعم، لِعُسر هذه الاستدامة الفعليَّة، ولأنَّ ما بعد أوَّل التكبير في حكم الاستدامة، والاستمرار الحكمي كاف فيها.

والثاني: عدم الاعتداد بها، لأنَّ الغرض بها انعقاد الصَّلاة، وهو لا يحصل إلاَّ بتمام التكبير، ومِنْ ثَمَّ لو رأى المتيمّم الماء في أثناء التكبير بطل تيمّمه؛ والوجه وجوبه، إلاَّ أنْ يؤدي إلى الحرج، ومن الأصحاب من جعل النيَّة بأسرها بين الألف والراء، وهو مع العسر مقتضٍ لحصول أوَّل التكبير بغير نيَّة...».

أقول: أمَّا بالنسبة إلى القول الأخير، أي جعل النيَّة بأسرها بين الألف والراء.

فيرد عليه ­ مضافاً لِمَا ذكره المصنِّف R ­ أنَّه لو أريد من قوله: «بين الألف والراء» الاجتزاء بها في هذا الوقت، وإن كانت بين الباء والراء لزم منه خلوّ أكثر التكبير عن النيَّة.

ويحتمل أن يريد حصول تمام النيَّة عند همزة لفظ الجلالة، إلاَّ أنَّها تبقى مستمرَّةً إلى الرَّاء، فيكون المراد حضورها بين الألف والراء، وهو مثل سابقه في الإشكال عليه.

وأمَّا ما ذكره المصنِّف R ­ من أنَّ وقتها عند أوَّل جُزء من التكبير ­ فهو المعروف بين الأعلام، بل في المدارك: «هذا الحكم ثابت بإجماعنا، ووافقنا عليه أكثر العامَّة...».

أقول: قد ذكرنا في مبحث نيَّة الوضوء أنَّ الفعل الصَّادر من المكلَّف إنَّما يصدر عنه بالاختيار بعد تصوّر الفعل ومبادئه وغايته.

ومن المعلوم أنَّ الإنسان يغفل كثيراً أثناء الفعل عن تلك التصوُّرات، ومع ذلك يصدر عنه الفعل بالاختيار، وما هذا إلاَّ لحصول الداعي في النفس الذي يبعث على التحرُّك.

وبالجملة، فإنَّ الإنسان إذا أراد أن يفعل فعلاً ما فإنَّه يتصوُّره مع غايته، وينشأ من تلك التصوُّرات حالة للنفس تبعث على فعله خارجاً.

وتلك الحالة تسمَّى بالداعي والباعث، فإذا اجتمعت تلك التصوُّرات مع الدَّاعي فتسمَّى بالنيَّة الفعليَّة، وإذا ذهل الإنسان حال العلم عن تلك التصوُّرات، وبقي الدَّاعي والباعث فهي حينئذٍ الاستدامة الحكميَّة.

وعليه، فمَنْ قال بوجوب مقارنة النيَّة لأوَّل الفعل أراد بذلك النيَّة الفعليَّة، أي الإرادة التفصيليَّة، أي الحديث النفسي والصُّورة المخطرة بالبال كما تقدَّم شرحها مفصَّلاً.

ومن هنا لا يمكن صدور العمل ­ بناءً على ذلك ­ إلاَّ بعد تلك التصوُّرات، وأمَّا بناءً على كون النيَّة هي الداعي كما ذكرنا سابقاً، فيمكن حينئذٍ تقدُّم النيَّة، كما إذا تصوَّر الفِعْل والغاية منه في زمان سابق عليه، وصار ذلك داعياً وباعثاً إلى صدور العمل في هذا الزمان، وهذا هو الملاك في صحَّة العبادة، إذ المدار في صحتها صدورها عن قصدٍ وإرادة، وهذا حاصل، وأمَّا الإرادة التفصيليَّة فلا دليل على اعتبارها حين الشروع في الفعل.

(1) لا إشكال بين الأعلام في وجوب استدامة النيَّة حكماً إلى آخر العمل، وإنَّما الخلاف في تفسيرها، فالمشهور بينهم أنَّها بمعنى أنْ لا ينوي نيَّة تنافي النيَّة الأُولى.

وعليه، فالاستدامة الحكميَّة من الأمور العدميَّة، فهي عدم الإتيان بنيَّة تنافي النيَّة الأُولى.

وقد يُستدلّ على الاستدامة الحكميَّة: بأنَّ استدامة النيَّة الفعليَّة ­ والتي هي عبارة عن تصوُّر الفِعْل والغاية مع الحالة الباعثة للنفس على الاشتغال ­ لمَّا كانت متعذَّرةً في الأعمال الطويلة ومتعسِّرةً في الأعمال القصيرة اقتُصر حينئذٍ على الاستدامة الحكميَّة، بل ذكر بعض الأعلام أنَّ استدامة النيَّة الفعليَّة متعذرة دائماً، سواء في الأعمال الطويلة أو القصيرة، بدليل أنَّ لازم ذلك أنْ يكون للإنسان قلبان يتوجَّه بأحدهما إلى تصوُّر الفِعْل ومقدماته وغايته المعبَّر عنه بالصَّورة المُخْطرة بالبال، ويتوجَّه بالآخر إلى الإتيان بأجزاء الفعل، وبما أنَّه لم يجعل الله لرجلٍ من قلبين في جوفه، فلذا كان ذلك متعذِّراً.

والإنصاف: أنَّ الدليل على وجوب الاستدامة الحكميَّة بالمعنى المشهور هو توقُّف صدق كون العمل منويّاً عليها، كما هو الحال في كلِّ عملٍ مركب، فإنَّ المكلف ينوي العمل أوَّلاً حين الابتداء به، ثمَّ يبقى مستمرًّا على ذلك، أي لا ينوي نيَّةً تخالف النيَّة الأُولى.

وعليه، فيكون العمل منسوباً إليه ومقصوراً عله وإن ذهل في الأثناء، ومَنْ أراد معرفة باقي المعاني للاستدامة الحكميَّة فَلْيرجع إلى ما ذكرناه في مبحث نيَّة الوضوء، فقد ذكرنا ذلك بالتفصيل غير المملّ.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=451
  • تاريخ إضافة الموضوع : الخميس: 22-09-2016
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12