(1) وهي تكبيرة الإحرام والقيام و الرُّكوع والسُّجود والقراءة والذِّكر والتشهّد والتسليم، وبناءً على أنَّ النيَّة جُزء، كما هو ظاهر المصنِّف R وجماعة من الأعلام، فتصبح تسعة.
وعن بعضهم إضافة الترتيب والموالاة، فتصبح أفعال الصَّلاة أحد عشر.
والمصنِّف R هنا لم يجعل الذِّكر من الأفعال مستقلاًّ، فالثمانية عنده هي النيَّة وتكبيرة الإحرام، والقيام والرُّكوع والسجود والقراءة والتشهُّد والتسليم.
(2) لعل اعتبار النيَّة في الصَّلاة من الضروريات، وفي المدارك: «أجمع العلماء كافَّةً على اعتبار النيَّة في الصَّلاة، بحيث تبطل بالإخلال بها عمداً وسهواً على ما نقله جماعة... ».
وبالجملة، فالتسالم بين الأعلام قديماً وحديثاً، وفي جميع الأعصار والأمصار، على اعتبارها في الصَّلاة، يغنينا عن كثير من البحث من هذه الجهة.
(3) المعروف بينهم أنَّها ركن، وفي الجواهر: «إجماعاً منَّا محصَّلاً ومنقولاً، مستفيضاً أو متواتراً، بل من العلماء كافَّةً، كما في المحكي عن المنتهى والذكرى، بل عن التنقيح: لم يقل أحد بأنَّها ليست بركن...».
أقول: لا إشكال في أنَّها ركن، ولكن لا بمعناه المصطلح، وهو ما كان تركه وزيادته عمداً وسهواً موجباً للبطلان، لأنَّ الزيادة هنا غير متصوَّرة، بناءً على تفسيرها بالدَّاعي، فإنَّه مستمرّ من أوَّل العمل إلى آخره، فلا تعقل الزيادة.
وأمَّا بناءً على تفسيرها بالإخطار كما نُسب إلى المشهور، حيث إنَّ النيَّة عندهم هي الصورة المخطرة في البال، وأنَّها حديث نفسي، وتصوير فكري، وذلك بأنْ يُحْضر المصلِّي مثلاً عند إرادة الدُّخول في الصَّلاة ما يترجمه بقوله: أُصلِّي فرض الظُّهر أداءً لوجوبه قربةً إلى الله تعالى، فإنه يُحْضر ذلك بباله وينظر إليه بفكره، وهذا ما يعبَّر عنه بالنيَّة المخطرة بالبال : فزيادتها، وإن كانت ممكنة، ولكنَّها غير قادحة، كما لا يخفى.
(1) اختلف الأعلام في أنَّ النيَّة جُزء من الصَّلاة، كالرُّكوع والسُّجود، أو شرط خارج عن ماهيتها، كالطَّهارة والسّتر ونحوهما، والأكثر على أنَّها شرط، وفي الجعفريَّة: «إنَّ شبهها بالشَّرط أكثر»، وفي المقاصد العليَّة: «أنَّها بالشَّرط أشبه»، وفي جامع المقاصد: «أنَّ الذي يختلج في خاطري أن خاصَّةَ الشَّرط والجُزء معاً قدِ اجتمعا في النيَّة، فإنْ تقدمها على جميع الأفعال حتَّى التكبير الذي هو أوَّل الصَّلاة يلحقها بالشروط، ولا يقدح في ذلك مقارنتها له أو لشيءٍ منه، لأنَّها تتقدمه وتقارنه، وهكذا يكون الشَّرط.
واعتبار ما يعتبر في الصَّلاة فيها، بخلاف باقي الشروط إنْ تحقق ذلك يلحقها بالأجزاء، وحينئذٍ فلا تكون على نهج الشُّروط والأجزاء، بل تكون متردّدة بين الأمرين وإن كان شبهها بالشّروط أكثر»، وقريب منه ما في المسالك.
وفيه: ما لا يخفى، فإنَّه لا يعقل التردُّد بين الجُزء والشَّرط، وكيف يكون الشَّيء الواحد مردَّداً بين الجزئيَّة والشرطيَّة.
ومهما يكن، فقد ذهب المصنِّف R في الذكرى إلى أنَّها جُزء، واستدلّ بأنَّها مقارنة للتكبير الذي هو جزء أو ركن.
قال R فيها: «وظاهر أنَّ النيَّة مقارنة للتكبير الذي هو جُزء وركن، فلا يبعد انتظامها في الأجزاء، وخصوصاً عند من أوجب بسط النيَّة على التكبير، أو حضورها من أوَّله إلى آخره، ولأنَّ قوله تعالى: « وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ ]البينة: 5[ مشعر باعتبار العبادة حال الإخلاص، وهو المراد بالنيَّة، ولا نعني بالجُزء إلاَّ ما كان منتظماً مع الشَّيء، بحيث يشمل الكلّ حقيقةً واحدة...».
وفيه: أنَّ اعتبار المقارنة لا يقتضي الجزئيَّة قطعاً، إذ المراد بالجُزء ما دخل في الماهية قيداً وتقيّداً، بخلاف الشَّرط فإنَّه داخل في الماهية تقيّداً وخارج قيداً، ومقارنة الشيء للجُزء لا تجعله جزءاً.
وأمَّا الآية الشريفة فلا إشعار فيها باعتبار العبادة حال الإخلاص بدخول الإخلاص في العبادة على وجه الجزئيَّة.
ثمَّ لو سلّمنا بالإشعار إلاَّ أنَّ مناط الحجيَّة هو الظهور، ولا يكفي الإشعار.
|