(1) قال الشَّيخ R في المبسوط: «يجوز أن يكون المؤذِّنون اثنين اثنين إن أذَّنوا في موضعٍ واحد، فإنَّه أذان واحد، فأمَّا إذا أذَّن واحد بعد الآخر فليس ذلك بمسنون، ولا بمستحبّ...».
وفسَّر المحقِّق R في المعتبر، والعلاَّمة R في المنتهى قوله: «واحداً بعد الآخر» بأن يبني كلّ واحد على فصول الآخر، وهو المعبّر عنه بالتراسل، فإنَّه على هذه الكيفيَّة لا يصدق على واحد منهما أنَّه مؤذِّن.
أقول: قد لا تكون هذه الكيفيَّة مشروعة، إذ لم يعهد الأَذان بهذه الطريقة.
(2) قال المصنِّف R في الذكرى: «يجوز أن يتولَّى الأَذان والإقامة واحد، وأن يؤذِّن واحد ويقيم غيره، وهل يستحبّ اتِّحاد المؤذِّن والمقيم؟ لم يثبت عندنا ذلك...».
أقول: مع فَقْد النصّ يجوز كلّ من الوجهَيْن، مع عدم ثبوت الاستحباب لأحدهما بالخصوص.
(1) قال المصنِّف R في الذكرى: «الظَّاهر أنَّ الإقامة منوطة بإذن الإمام صريحاً، أو بشاهد الحال، كحضوره عند كمال الصّفوف، ورى العامَّة عن عليٍّ N: المؤذِّن أَمْلك بالأَذن، والإِمام أملك بالإقامة»[i]f394.
أقول: لا دليل على إناطة الإقامة بالإمام، والرِّواية التي ذكرها المصنِّف R لا يعتمد عليها لضعفها الشديد.
(2) قال المصنِّف R في الذكرى: «إذا وُجِد من يتطوع بالأَذان لم يجز تقديم غيره وإعطاؤه من بيت المال، لحصول الغرض بالمتطوِّع، ولو لم يوجد متطوِّع جاز رزقه من بيت المال، قال الشيخ: من سهم المصالح، ولا يكون من الصدقات، ولا الأخماس، لأنّ لذلك أقواماً مخصوصِين، ويجوز أن يعطيَه الإمام من ماله...».
أقول: لا إشكال في جواز الارتزاق من بيت المال، بل عن غير واحد من الأعلام نسبته إلى الأصحاب، مشعِراً بدعوى الإجماع عليه، بل عن العلاَّمة R في جملة من كتبه دعواه صريحاً عليه.
بل الإنصاف: أنَّ هناك تسالم بين الأعلام في جميع الأعصار والأمصار على ذلك.
نعم، قيَّده جماعة من الأعلام، ومنهم المصنِّف R: بعدم وجود المتطوِّع، بل لعلَّه متَّفق عليه بينهم، ضرورة عدم المصلحة للمسلمين في ارتزاقه مع وجود المتبرِّع.
نعم، إذا كان المتبرِّع فاقد بعض صفات الكمال التي في وجودها مصلحة للمسلمين، كالعدالة ونحوها، اتَّجه حينئذٍ الجواز.
قال المصنِّف R في الذكرى: «لو احتيج إلى الزيادة على واحدٍ، ولم يوجد متطوع، جاز أن يرزق الزائد تحصيلاً للمصلحة...»، وقد عرفت وجهه.
ثمَّ إنَّ بيت المال مركَّب من الزكاة والخمس والصدقات والخراج والمقاسمة، ونحوها.
(1) المشهور بين الأعلام حرمة أخذ الأُجرة على الأَذان، وفي الجواهر: «لكن خيرة الأكثر، بل المشهور، نقلاً وتحصيلاً، الحرمة، بل عن المختلف: هذا مذهب أصحابنا إلاَّ مَنْ شذ، بل في حاشية الإرشاد للكركي: لا خِلاف في تحريم أخذ الأُجرة عليه، سواء من السلطان، أو من طائفة من الناس، كأهل محلّة، أو قرية...».
ثمَّ إنَّه لا فرق في الأُجرة بين كونها من أوقاف المسجد، أو بيت المال المعدّ للمصالح، أو من زكاة، ونحوها، أو من متبرِّع، كلّ ذلك للإطلاق.
هذا، وبالمقابل ذهب جماعة من الأعلام إلى الكراهة، منهم السَّيد المرتضى والكاشاني (رحمهما الله).
وفي الذكرى والمحكي عن البحار وتجارة مجمع البرهان: أنَّ القول بالكراهة متِّجه.
وفي المدارك: «لا بأس به»، وفي المحكي عن التحرير والمنتهى: «أنَّ في الأُجرة نظراً».
أقول: يقع الكلام في أمرَيْن:
الأوَّل: في مقتضى القاعدة.
الثاني: في مقتضى الرِّوايات الواردة في المقام.
أمَّا بالنسبة للأمر الأوَّل: فتارةً نتكلم عن أَذان الصَّلاة، وأُخرى عن أذان الإعلام.
أمَّا أذان الصَّلاة: فقد استُدل لحرمة أخذ الأُجرة عليه بدليلَيْن:
الأول: منافاة قصد الأُجرة لقصد الامتثال المعتبر في العبادة.
وفيه: أنَّ هذا الوجه إنَّما يتمّ بناءً على كون قصد أخذ الأُجرة لوحظ داعياً في عرض داعويَّة قصد امتثال الأمر.
وأمَّا لو كان قصد أخذ الأُجرة ملحوظاً في طول داعويَّة قصد الامتثال بنحو داعي الداعي فلا إشكال حينئذٍ، وقد التزمنا به في قضاء الأجير.
|