• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : مبحث الاذان والاقامة / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس314 _الاذان والاقامة 16 .

الدرس314 _الاذان والاقامة 16

وأمَّا الرِّوايات الدَّالة على الجواز فهي كثيرة أيضاً:

منها: صحيحة حمَّاد بن عثمان «قال: سألتُ أبا عبد الله N عن الرَّجل يتكلَّم بعدما يقيم الصَّلاة؟ قال: نعم»[i]f360.

ومنها: صحيحة عبيد بن زرارة «قال: سألتُ أبا عبد الله N قلتُ: أيتكلَّم الرَّجل بعدما تقام الصَّلاة؟ قال: لا بأس»[ii]f361.

وهذه الصَّحيحة ذكرها ابن إدريس R في آخر السَّرائر نقلاً من كتاب محمَّد بن عليّ بن محبوب عن جعفر بن بشير عن عبيد بن زرارة، وقد ذكرنا في أكثر من مناسبة أنَّ ابن إدريس R ذكر أنَّ كتاب النوادر لمحمَّد بن عليّ بن محبوب كان عنده بخطّ جدّه الشَّيخ الطّوسي R، والشَّيخ له طريق صحيح إلى الكتاب المزبور.

ومنها: رواية محمَّد الحلبي «قال: سألتُ أبا عبد الله N عن الرَّجل يتكلَّم في أَذانه أو في إقامته؟ فقال: لا بأس»[iii]f362، ولكنها ضعيفة بمحمَّد بن سنان.

ومنها: رواية الحسن بن شهاب «قال: سمعتُ أبا عبد الله N يقول: لا بأس أن يتكلَّم الرَّجل وهو يقيم الصَّلاة، وبعدما يقيم إن شاء»[iv]f363، وهي ضعيفة لِعدم وثاقة الحسن بن شهاب.

ومقتضى الجمع العرفي: حَمْل ما دلَّ على المنع على الكراهيَّة.

هذا، وقد ذكرت بعض الوجوه للجمع بين الأخبار:

منها: حَمْل الأخبار المجوِّزة على ما قبل قوله: (قد قامتِ الصَّلاة)، والأَخبار المانعة على ما بعدها، بقرينة صحيحة ابن أبي عمير «قال: سألتُ أبا عبد الله N عن الرَّجل يتكلَّم في الإقامة، قال: نعم، فإذا قال المؤذِّن: قد قامتِ الصَّلاة، فقد حرم الكلام على أهل المسجد، إلاَّ أن يكونوا قد اجتمعوا من شتَّى، وليس لهم إمام، فلا بأس أن يقول بعضهم لبعض: تقدَّم يا فلان!»[v]f364.

وعبَّر بعضهم عنها بالرِّواية لاشتراك ابن أبي عمير، ولكنَّ الظَّاهر أنَّ المراد منه محمَّد بن أبي عمير الذي أجمع الأصحاب على تصحيح ما يصحّ عنه.

وفيه: أنَّ هذا الجمع في غير محلِّه، لأنَّ صحيحة حمَّاد بن عثمان المجوِّزة صريحة في جواز الكلام بعد (قد قامتِ الصَّلاة) «سألتُ أبا عبد الله N عن الرّجل يتكلّم بعدما يقيم الصَّلاة»، فإنَّها واضحة في ذلك، كما أنَّ رواية أبي هارون واضحة في المنع مطلقاً، وإن كان قبل (قد قامتِ الصَّلاة).

ومنها: حَمْل الأَخبار المانعة على الحكم الوضعيِّ، أي البطلان، وحمل الأَخبار المجوِّزة على الحكم التكليفيِّ، بقرينة صحيحة ابن مسلم الآمرة بإعادة الإِقامة.

وفيه: أنَّ صحيحة حمَّاد واضحة في السَّؤال عن الصّحَّة والفساد، كما أنَّ بعض أخبار المنع واضحة في كونها في الحكم التكليفيِّ، فقوله N في صحيحة زرارة: «حرم الكلام على الإِمام»، وكذا في صحيحة ابن أبي عمير، ظاهر في الحرمة التكليفيَّة.

نعم، يستحبّ إعادة الإِقامة، لِصحيحة ابن مسلم المتقدِّمة.

ومنها: حَمْل أخبار الجواز على الاضطرار.

وفيه: ما لا يخفى، فإنَّه خلاف رواية ابن شهاب، حيث ورد فيها «وبعدما يقيم إنْ شاء»، وكذا غيرها من وجوه الجمع.

والخلاصة: أنَّ الأقوى حَمْل الأخبار المانعة على الكراهة، وتشتدُّ بعد قول المقيم: (قد قامتِ الصَّلاة).

ثمَّ لا يخفى أنَّ كراهة الكلام في أثناء الأَذان إنَّما هي للمؤذِّن، و لا تتعدّى إلى غيره، كما أنَّ كراهة الكلام في الإقامة قبل (قد قامتِ الصَّلاة) للمقيم فقط، وأمَّا بعدها فله ولغيره ممَّن يصلِّي بإِقامته.

هذا، وقد ذكر جماعة من الأعلام، منهم صاحب الجواهر R: أنَّه يكره الكلام أيضاً فيما بين الأَذان والإقامة في صلاة الغداة.

وقد يستدلّ لذلك بالمرويّ في المجالس والخِصال، بسنده عن عبد الله بن الحسين بن زيد، عن أبيه، عن الصَّادق N عن آبائه S «قال: قال رسول الله C: إنَّ الله كره الكلام بين الأَذان والإقامة في صلاة الغَداة حتَّى تقضى الصَّلاة (ونهى عنه)»[vi]f365، ولكنَّها ضعيفة بجهالة كلٍّ من سليمان بن جعفر البصريّ، وعبد الله بن الحسين وأبيه.

واستُدلّ أيضاً: بما رواه الشَّيخ الصَّدوق R بإسناده عن حمَّاد بن عَمْرو وأَنَس بن محمَّد عن أبيه جميعاً، عن جعفر بن محمَّد عن آبائه (في وصيَّةٍ النبي C لعليٍّ N أنَّه قال: وكره الكلام بين الأَذان والإقامة في صلاة الغداة»[vii]f366، ولكن ذكرنا في أكثر من مناسبة أنَّ إسناد الصَّدوق R إلى حمَّاد بن عَمْرو، وأنس بن محمَّد، فيه عدَّة من المجاهيل مضافاً إلى جهالة حمَّاد وأَنَس وأبيه.

(1) قال المصنِّف R في الذكرى: «يكره أن يكون المؤذِّن لحّاناً، حذراً من إحالة المعنى، كما لو نصب رسول الله C...»، وفي الروض: «أمَّا اللحن ففي بطلانهما به وجهان، وقد اختلف كلام المصنِّف فيه فحرّمه في بعض كتبه، وأبطل به، والمشهور العدم.

نعم لو أخلَّ بالمعنى ­ كما لو نصب لفظ رسول الله C الموجب لكونه وصفاً، وتفسيراً لجملة خالية عن الخبر، أو مدّ لفظ «أكبر»، بحيث صار على صيغة «أكبار» جمع «كبر»، وهو الطبل له وجه واحد ­ اتَّجه البطلان...».

ولكنَّ الإنصاف: هو اشتراط عدم اللحن، لأنَّ ظاهر الأمر بالأَذان والإقامة هو الإتيان بهما على النهج العربي الصَّحيح.

وعليه، فلا يتحقَّق ذلك باللحن.

وأمَّا استحباب كونه فصيحاً، فقد يستدلّ له بمرسلة الفقيه «قال: وقال عليّ N: قال رسول الله C: يؤمكم أقرؤكم، ويؤذِّن لكم خياركم»[viii]f367، وفي مرسلته الأخرى: «يؤذِّن لكم أفصحكم»[ix]f368، ولكنَّهما ضعيفتان بالإرسال.

(1) قال المصنِّف R في الذكرى: «يستحبّ أن يكون مبصراً لمكان المعرفة بالأوقات، ولو أذَّن الأعمى جاز واعتدَّ به، كما كان ابن أُم مكتومW، وكرهه بغير مسدد الشَّيخ وابن إدريس...»، وهنا أيضاً عبَّر بالكراهة بغير مسدد.

وأغلب الأعلام ذكروا أنَّه يستحبّ أن يكون مبصراً، ولا يمكن الجمع بين الكراهة بغير مسدد، وبين استحباب كونه مبصراً، بل إما الكراهة، أو الاستحباب، وتمييز ذلك إنَّما هو بالمدرك.

ومهما يكن، فقدِ ادَّعى العلاَّمة R في التذكرة الإجماع على الاستحباب.

ثمَّ لا يخفى عليك أنَّه لا يشترط في صحَّة الأَذان كونه مبصراً، فلو أذَّن الأعمى جاز بلا إشكال، ولقد كان ابن أُم مكتوم مؤذِّناً لرسول الله C، وهو أعمى، إلاَّ أنَّه كان لا ينادي إلاَّ أن يقال له: أصبحت أصبحت.

والنتيجة إلى هنا: أنَّ الأعمى بما أنَّه غالباً لا يتمكّن من معرفة الوقت فيحتاج إلى مسدِّد، والله العالم.

 

[i] الوسائل باب 10 من أبواب الأَذان والإقامة ح9.

[ii] الوسائل باب 10 من أبواب الأَذان والإقامة ح13.

[iii] الوسائل باب 10 من أبواب الأَذان والإقامة ح8.

[iv] الوسائل باب 10 من أبواب الأَذان والإقامة ح10.

[v] الوسائل باب 10 من أبواب الأَذان والإقامة ح7.

[vi] المستدرك باب 9 من أبواب الأَذان والإقامة ح4.

[vii] الوسائل باب 10 من أبواب الأَذان والإقامة ح2

[viii] الوسائل باب 16 من أبواب الأَذان والإقامة ح3.

[ix] الوسائل باب 16 من أبواب الأَذان والإقامة ح4.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=424
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 06-04-2016
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28