• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : مبحث الاذان والاقامة / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس306 _الاذان والاقامة 8 .

الدرس306 _الاذان والاقامة 8

(1) قال المصنِّف R في الذكرى: «الترتيب شرط في صحَّة الأَذان والإِقامة بينهما وبين كلماتهما تأسيّاً بمؤذِّنِ رسول الله C، وبما علَّمه جبرائيل N...».

أقول: يقع الكلام في أمرين:

الأوَّل: في اشتراط الترتيب بين فصول الأَذان والإِقامة.

الثاني: في اشتراط الترتيب بين الأَذان والإِقامة نفسهما.

أمَّا الأمر الأوَّل: فالمعروف بين الأعلام قديماً وحديثاً اشتراط الترتيب بين فصولهما، وفي الجواهر: «إجماعاً بقسمَيْه...».

والظاهر أنَّ المسألة متسالم عليها بين الأعلام، بحيث خرجت عن الإجماع المصطلح عليه، ومع ذلك يدلّ عليه بعض الأخبار:

منها: صحيحة زرارة عن أبي عبد الله N «قال: مَنْ سها في الأَذان فقدَّم أو أخّر أعاد على الأوَّل الذي أخَّره حتَّى يمضي على آخره»[i]f287.

ومنها: مرسلة الفقيه «قال: قال أبو جعفر N: تابع بين الوضوء ­ إلى أن قال: ­ وكذلك في الأَذان والإِقامة فابدأ بالأوَّل فالأوَّل، فإن قلت: حي على الصَّلاة قبل الشَّهادتين، تشهَّدت، ثمَّ قلت: حيَّ على الصَّلاة»[ii]f288، ولكنَّها ضعيفة بالإرسال.

ومنها: النصوص المتعرِّضة لكيفيَّة الأَذان والإِقامة، وقد تقدّمت.

ثمَّ إنَّ الأَذان والإِقامة كما يفسدان بمخالفة الترتيب كذلك يفسدان بترك شيء من فصولهما من غير فرق بين العمد والسّهو، فإنَّ المركب ينتفي بانتفاء شرطه أو جزئه، سواء أكان عمداً أم سهواً.

ويدلّ عليه: موثَّقة عمَّار السَّاباطي «أنَّه قال: سُئِل أبو عبد الله N عن رجلٍ نسي من الأَذان حرفاً، فذكره حين فرغ من الأَذان والإِقامة، قال: يرجع إلى الحرف الذي نسيه فَلْيقله، وليقل من ذلك الحرف إلى آخره، ولا يعيد الأَذان كلّه، ولا الإِقامة»[iii]f289.

ولكن قد تنافيها موثَّقته الأخرى «قال: سألتُ أبا عبد الله N أو سمعته يقول: إن نسي الرَّجل حرفاً من الأَذان حتَّى يأخذ في الإِقامة فَلْيمض في الإِقامة، وليس عليه شيء، فإن نسي حرفاً من الإِقامة عاد إلى الحرف الذي نسيه، ثمَّ يقول: مَنْ ذلك الموضع إلى آخر الإِقامة...»[iv]f290 وهي ظاهرة في الاجتزاء بذلك وعدم الحاجة إلى تدارك المنسي فضلاً عن الاتيان به مع ما بعده على وجه يحصل معه الترتب. ولكن يمكن الجمع بين الموثَّقتين بحمل الثانية على عدم أهميَّة الأَذان، فتجزي الإِقامة وحدها، أو حمل الأمر في الأُولى ­ أي: الأمر بالرجوع وتدارك الأَذان ­ على الاستحباب.

وقد يشهد للحمل الأوَّل ­ أي: كون الإِقامة مجزية وحدها ­ رواية عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر N «قال: سألتُه عن الرَّجل يخطئ في أذانه وإقامته، فذكر قبل أن يقوم إلى (في) الصَّلاة ما حاله؟ قال: إن كان أخطأ في أَذانه مضى على صلاته، وإن كان في إقامته انصرف فأعادها وحدها، وإن ذكر بعد الفراغ من ركعة أو ركعتين مضى على صلاته، وأجزأه ذلك»[v]f291، ولكنَّها ضعيفة بعبد الله بن الحسن، فإنَّه مهمل.

الأمر الثاني: لا إشكال في اعتبار الترتيب بين الأَذان والإِقامة، وفي المدارك: «لا ريب في اشتراط الترتيب بينهما...»، وفي الحدائق: «الظاهر أنه لا خلاف ولا إشكال في اشتراط الترتيب بين الأذان والإقامة» وفي الجواهر: «وكذا يشترط الترتيب بين الأَذان والإِقامة نفسهما، فمع نسيان حرف من الأَذان يعيد من ذلك الحرف إلى الآخر للإجماع بقسمَيْه أيضاً، والأصل، والتأسي، إذ هو الثابت من الأدلَّة، بل يمكن دعوى القطع باستفادته من تصفُّح النصوص...».

أقول: لم يخالف أحد من الأعلام في ذلك ممَّن تضر مخالفته بالتسالم، فتكون المسألة متسالماً عليها، ومع ذلك تدلّ عليه بعض الرِّوايات:

منها: صحيحة زرارة «قلتُ لأبي عبد الله N: رجل شكَّ في الأَذان وقد دخل في الإِقامة، قال: يمضي، قلتُ: رجل شكَّ في الأَذان والإِقامة وقد كبَّر، قال: يمضي...»[vi]f292، وهي ظاهرة جدّاً في عدم الاعتناء بالشكّ في الأَذان وهو في الإِقامة، ولولا اعتبار تقدُّم الأَذان على الإِقامة لَمَا كان معنى لهذا الكلام.

ثمَّ اعلم أنَّ استحباب كلٍّ من الأَذان والإِقامة ليس ارتباطيّاً بالإضافة إلى الآخر، كعُمْرة التمتع وحجّه، حيث إنَّهما ارتباطيَّان، فلا يصحّ أحدهما دون الآخر، ولا يصحّ حجّ التمتّع إلاَّ مع تقدَّم العمرة، بل له الاقتصار على كلٍّ من الأَذان والإِقامة، فمع فرض عدم إرادة الإتيان بالوظيفتَيْن لا يلزم التدارك، وسلم له أحدهما.

وعليه، فاشتراط الترتيب بين الأَذان والإِقامة يختصّ بحال الجمع بينهما.

هذا، وذكر صاحب الجواهر R: «أنَّ من أقام عازماً على الاقتصار عليها، ثمَّ بدا له بعد فراغها الإِتيان بالأَذان وجب عليه إعادة الإقامة أيضاً إن كان قد أراد حوز الفضيلتَيْن، وإلاَّ اقتصر على الأَذان وكان كالمصلّي به ابتداءً بلا إقامة، كما هو واضح...».

 

[i] الوسائل باب 33 من أبواب الأَذان والإِقامة ح1.

[ii] الوسائل باب 33 من أبواب الأَذان والإِقامة ح3.

[iii] الوسائل باب 33 من أبواب الأَذان والإِقامة ح4.

[iv] الوسائل باب 33 من أبواب الأَذان والإِقامة ح2.

[v] الوسائل باب 33 من أبواب الأَذان والإِقامة ح5.

[vi] الوسائل باب 23 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح1.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=416
  • تاريخ إضافة الموضوع : الخميس: 17-03-2016
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12