ومنها: رواية أبان بن تغلب «قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أيّ ساعةٍ كان رسول الله صلى الله عليه وآله يُوتِر؟ فقال: على مِثْل مغيب الشَّمس إلى صلاة المغرب»[i]f224، وهي دالَّة على انفصال وقت الصَّلاة عن مغيب الشَّمس، وأنَّ الوقت الذي بينهما مماثل للوقت الذي كان النبي صلى الله عليه وآله يُوتِر فيه، فكأنه عليه السلام أراد بذلك الفجر الأوَّل الذي هو أفضل أوقات الوتر، وفي التمثيل إيحاء إلى أنَّ هذا الوقت أي سقوط القرص غروب كاذب، كما أنَّ الفجر الأوَّل فجر كاذب.
وفيه: أنَّه لا يستفاد من الرواية أنَّ وقتَ صلاة المغرب متأخِّر عن استتار القرص، وإنَّما يستفاد منها: أنَّ نفس صلاة المغرب متأخِّرة عن استتار القرص، إذ لم يقل في الرواية: مثل مغيب الشَّمس إلى وقت صلاة المغرب، بل المذكور فيها: مثل مغيب الشمس إلى صلاة المغرب.
ومن المعلوم: أنَّ هناك فصلاً بين المغرب والإتيان بالصلاة، كما هو المتعارف والمعتاد، حيث يذهب الناس إلى المسجد عند الغروب، ويكون هناك صلاة جماعة، وفيها أذان وإقامة، ونحو ذلك.
وبالجملة: فالفاصل متحقِّق غالباً بين الغروب والإتيان بالصَّلاة.
والذي يهوِّن الخطب: أنَّها ضعيفة السند، لعدم وثاقة إسماعيل بن أبي سارة.
ومنها: صحيحة بكرِ بنِ محمَّد عن أبي عبد الله عليه السلام «أنَّه سأله سائل عن وقت المغرب، فقال: إنَّ الله يقول في كتابه لإبراهيم: « فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَـذَا رَبِّي ﴾، فهذا أوَّل الوقت، وآخر ذلك غيبوبة الشَفَق، وأوَّلُ وقت العشاء الآخرة ذهابُ الحُمْرة، وآخر وقتها إلى غسق الليل، يعني: نصف الليل»[ii]f225، حيث دلَّت على الملازمة بين ذهاب الحمرة، ورؤية الكواكب، وذلك أنَّ رؤية الكوكب لا تتحقق عند سقوط القرص، وإنَّما تتحقّق بعد ذهاب الحمرة، فالغروب حينئذٍ بعد ذهاب الحمرة، لأنّه الوقت الذي يرى فيه الكوكب.
وفيه: أنَّ الكواكب قد تُرى قبل ذهاب الحمرة بكثير، بل قد ترى أحياناً قبل سقوط القرص بقليل.
وبالجملة: فإنَّ هذه الرواية، وإن كانت صحيحة السند، إلاَّ أنَّها ضعيفة الدَّلالة.
[i] الوسائل باب 16 من أبواب المواقيت ح5.
[ii] الوسائل باب 16 من أبواب المواقيت ح6.
|