• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : مبحث القِبلة / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس283 _القِبلة 11 .

الدرس283 _القِبلة 11

(1) قال المصنِّف R في الذكرى: «لا يجوز الاجتهاد للقادر على العلم، لأنَّه عدول عن اليقين...» لأنَّ المجتهد هنا عبارة عن العارف بأدلّة القِبلة الموجبة للظنِّ بها من غير الأمارات الشرعيّة، ومع إمكان تحصيل العلم بها، أو ما هو بحكمه كالأمارة الشرعيّة، فكيف يعمل بالظنّ الناشِئ من اجتهاده؟ إذ الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني.

ثمَّ العلم بها يحصل بإخبار المعصوم N، وبصلاته التي يعلم خلوّها عن التقيّة، بناء على ما عرفت سابقاً من عدم احتمال الخطأ في جهة القِبلة في حق المعصوم.

ويُعلم أيضاً بنصبه N محراباً، ولذلك ذكر غير واحد من الأعلام، بل ظاهرهم الاتّفاق عليه، أنّ المحراب الذي نصبه المعصوم N، أو صلَّى فيه، ممّا يفيد العلم بذلك، لكن بشرط القطع بصلاته فيه من غير تيامن، ولا تياسر، ولا تقيّة.

نعم، يصعب ثبوت محراب عندنا الآن كذلك، إذ أقربها إلى ذلك محراب النبي C لكونه مأخوذاً يداً بيد، مع أنّ المحكي عن الشيخ نجيب الدين R أنّه قال: «وقع في محرابه C بالمدينة بعض تغيير».

وأمَّا مسجد الكوفة فإنَّه، وإن ذكر جماعة معلوميّة نصب أمير المؤمنين N له، وصلاة الحسن والحسين J فيه، وأنّه لا يجوز الاجتهاد فيه يميناً ويساراً، بل في المحكي عن آيات الأردبيلي R أنَّ الأصحاب يقولون: إنَّ قِبلة الكوفة يقينيّة، كما أنّ المحكي عن مجمعه: نقل حكاية التواتر أيضاً.

ولكن ذكرنا سابقاً أنّ المجلسي R قال: «الوجه في استحباب التياسر أو وجوبه لأهل العراق أنّ قِبلة مسجد الكوفة متيامنة، وبقية المساجد تابعة له، والتقيّة منعت عن التصريح بذلك فورد الأمر بالتياسر لأهل العراق على ذلك بأحسن وجه.

والإنصاف: عدم وصوله إلينا بطريق قطعي، بل أقصاه الطريق الظني باعتبار نقل جماعة من أجلاء الأصحاب.

ثمَّ إنَّه قد ذكرنا سابقاً: أنَّ الأمارة الشرعيَّة المفيدة للظنّ بمنزلة العلم، فيجوز التعويل عليها، وإن أمكن تحصيل العلم، إذ لا يشترط في جواز العمل بها عدم التمكُّن من العلم،كما حُرِّر في علم الأصول.

نعم، الذي يهوِّن الخطب في المقام: أنَّه لا يوجد في الرِّوايات ما يدلّ على استعلام القِبلة إلاّ روايتا الجدي، وقد عرفت أنَّهما ضعيفتان سنداً.

أضف إلى ذلك: أنَّ هذه العلامة لا تطرد في جميع الأمكنة، بل هي مختصّة بالعراق، وما والاه، ممّا تكون قبلته نقطة الجنوب أو ما يقرب منها، وإلاّ فقد يكون الجدي في يمين المصلّي، أو يساره، أو قبال وجهه حسب اختلاف البلاد من كونها في شرق مكة أو غربها أوجنوبها.

ثمَّ إنَّ الظَّاهر أنَّ هذه الأمارة الشرعيَّة من الأمارات التي تفيد القطع لا الظنّ، باعتبار أنّ الجدي واقع في البلاد الشماليّة، ففي البلدان التي تكون شمالي مكة التي تكون قبلتها نقطة الجنوب متى جعل الجدي فيها على الكيفيّة الخاصّة أفادت القطع بالاستقبال من غير حاجة إلى النصّ.

وعليه، فلا تكون هذه الأمارة في طول العلم حتّى يُقال: إنّه لا يصحّ التعويل عليها، إلاَّ بعد فقد العلم.

والخلاصة: أنّه لو فرض وجود أمارة شرعيّة مفيدة للظنّ فهي بمنزلة العلم، وفي عرضه، لا في طوله، والله العالم.

(1) قد عرفت أنَّ المراد بالاجتهاد هو معرفة أدلّة القِبلة من غير الأمارات الشرعّية بحيث يحصل له ظنّ منها.

والمراد من التقليد: هو قبول قول غيره المستند إلى الاجتهاد.

وينبغي أن ننبّه على أمر مهم، تتضح من خلاله كثير من المسائل المذكورة في هذا المقام، لأنّ المسائل المذكورة في كلام الأعلام لا تخلو من تشويش واضطراب.

وحاصل هذا الأمر: هو أنّه لا توجد في تحصيل القِبلة إلاَّ مرتبتان:

الأولى: العلم، وما يقوم مقامه، كالأمارة الشرعيّة كالبينة، أو خبر العدل أو الثقة المستند إلى الحسّ، كما إذا شهدوا بأنّهم رأوا الجَدْي على صفة كذا مثلاً.

الثانية: الاجتهاد بالمعنى المتقدَّم، أي معرفة أدلّة القِبلة من غير الأمارات الشرعيَّة، بحيث يحصل له ظنّ منها.

ومنه تعرف أنّ التقليد الذي هو قبول قول غيره المستند إلى الاجتهاد هو اجتهاد أيضاً، وإن عبّر عنه بالتقليد، لأنّه مع حصول الظنّ له من قول غيره يكون هو التحرّي المقدور له، فيندرج في قوله N الآتي: «ويجزي التحرّي».

وعليه، فمع فقدان هاتين المرتبتين ­ أي: العلم وما يقوم مقامه من الأمارات الشرعية، والظنّ الحاصل له من غير الأمارات الشرعية ­ يصلِّي إلى أربع جهات، أو إلى جهة واحدة على الخلاف الآتي.

إذا عرفت ذلك فنقول: إنّ قول المصنِّف R: «إنَّ القادر على الاجتهاد ليس له التقليد» يُراد منه أنّ الظنّ الحاصل له بعد التحرّي مقدَّم على الظنّ الحاصل له من غيره.

ولكنَّ الإنصاف ­ بعد صدق التحرّي على الظن الحاصل له من غيره ­: أنّه لا فرق بينهما من حيث الحجيّة، إذ كلّ منهما اجتهاد.

هذا، والمعروف أنّه مع حصول الظنّ بالقِبلة لا يصلِّي إلى أربع جهات، بل يصلِّي إلى الجهة المظنونة أنّها القِبلة.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=393
  • تاريخ إضافة الموضوع : الخميس: 04-02-2016
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12