• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : ما يصح السجود عليه / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس270 _ما يصح السجود عليه 15 .

الدرس270 _ما يصح السجود عليه 15

(1) المشهور بين الأعلام عدم اعتبار ذلك في باقي المساجد، لا بعضها مع بعض، ولا بالنسبة إلى الجبهة، فلا يقدح ارتفاع مكانها، أو انخفاضه، ما لم يخرج به السُّجود عن مسمَّاه.

ولكنَّ المصنِّف R هنا اعتبر ذلك في باقي المساجد، بل ربّما استظهره بعضهم من نهاية الأحكام أيضاً، بل اختاره في المحكي عن الجعفريّة وشرحيها، والميسيّة والمقاصد العليّة، قال صاحب الجواهر R: «ولا ريب في أنّه أحوط».

وقد يُستدلّ للمشهور بإطلاق الأدلّة، إلاَّ إذا خرج به عن مسمَّى الساجد، أو شكّ في الصِّدق معه، ولو فرض عدم وجود الدليل، أو إجماله فإنَّ الأصل يقتضي عدم الاعتبار.

هذا، وقد يستدلّ لما ذهب إليه المصنِّف R هنا بحسنة عبد الله بن سنان المتقدِّمة التي هي الأصل في التحديد بالّلَبِنة، نظراً إلى أنَّ موضع البدن حال السّجود إنَّما هو مواضع المساجد، فيُعتبر بمقتضى ظاهر الحسنة أنْ لا تكون الجبهة أرفع من شيءٍ منها بأكثر من الّلَبِنة.

وفيه أوَّلاً: أنّ الظَّاهر من موضع البدن المذكور في الحسنة هو المقام والموقف الذي هو محلّ البدن عند القِيام والجلوس، فلا يشمل موضع اليدين والركبتين.

وثانياً: لو قطعنا النظر عن ذلك، بأنْ قلنا: إنّ المراد من موضع البدن هو المساجد الستّة، فغاية ما يفهم من الحسنة باعتبار عدم ارتفاع موضع الجبهة عن موضع بدنه، أي عن مجموع ما تقع عليه مساجده، وهي المساجد الستّة على نحو العموم المجموعي، فارتفاع موضع الجبهة عن موضع بدنه لا يكون إلاّ بارتفاعه عن مجموع المواضع الستة التي يستقرّ عليها بدنه، لا عن كلّ موضع منها، فإنّ كلاًّ منها بعض من موضع البدن، فالمرتفع عن بعض دون بعض خارج عن مفهوم الحسنة، حتى بالنسبة إلى المرتفع عن محلّ الرّجلين خاصّة، فلا يُفهم من الحسنة حينئذٍ المنع عمّا لو ساوى موضع جبهته ركبتيه، وكان موقفه أخفض منه بأكثر من لَبِنة.

والخُلاصة: أنَّ القول باعتباره في بقيّة المساجد ضعيف، وإن كان هو أحوط استحباباً.

ثمَّ إنَّ المفهوم من حسنة عبد الله بن سنان المتقدّمة إنّما هو إرادة المساواة بين موضع جبهته وموقفه حال السجود، فلو كان موقفه حال القِيام أسفل من موضع الجبهة بأكثر من لبنة، أو أعلى كذلك، ثمَّ انتقل حين السجود إلى موضع يساوي موضع جبهته، صحَّ بلا إشكال، والله العالم بحقائق أحكامه.

(1) كما هو معروف بين الأعلام، وفي المنتهى: «ذهب إليه علماؤنا...».

أقول: يدلّ عليه جملة من الأخبار:

منها: صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي عبد الله N «قال: قلتُ له: الرّجل ينفخ في الصّلاة موضع جبهته؟ فقال: لا»[i]f75، وهي، وإن كانت ضعيفة بطريق الكليني بجهالة محمّد بن إسماعيل النيشابوري البندقي، وكذا بطريق الشّيخ R بإسناده عن محمّد عن الفضل، ولكنّها صحيحة بالطريق الثاني للشّيخ R، حيث يرويها بإسناده عن محمّد بن عليّ بن محبوب عن الفضل.

ومنها: حديث المناهي «قال: ونهى أن ينفخ في طعام أو شراب، وأن ينفخ في موضع السُّجود»[ii]f76.

ولكنَّك عرفت في أكثر من مناسبة أنَّ حديث المناهي ضعيف.

ومنها: رواية الحسين بن مصعب «قال: قال أبو عبد الله N: يُكره النفخ في الرقّيّ والطعام، وموضع السُّجود»[iii]f77، وهي ضعيفة بجهالة أكثر من شخص، و «الرُقي» ­ بالضم ­: من الرُّقيّة، وهي العُوذَة التي يرقى بها المريض، ونحوه، جمع رُقى.

ومنها: حديث الأربعمائة «قال: لا يتفل المؤمن في القِبلة، فإن فعل ذلك ناسياً يستغفر الله، ولا ينفخ الرّجل في موضع سجوده، ولا ينفخ في طعامه، ولا في شرابه، ولا في تعويذة»[iv]f78، وقد عرفت أيضاً أنّ حديث الأربعمائة ­ والذي تكرّر في أكثر من مناسبة ­ أنّه ضعيفة جدّاً.

وبالمقابل فإنّ هناك جملة من الأخبار يُستفاد منها عدم الكراهة من جهة الصّلاة، وإنّما هي من حيث استلزام إيذاء أحد من المؤمنين:

منها: صحيحة ليث المرادي «قال: قلت لأبي عبد الله N: الرّجل يصلِّي فينفخ في موضع جبهته، قال: ليس به بأس، إنّما يُكره ذلك أن يؤذي مَنْ إلى جانبه»[v]f79.

ومنها: مرسلة الشّيخ الصّدوق R في الفقيه «قال: ورُوي عن الصّادق N أنّه قال: إنّما يُكره ذلك خشية أن يؤذي مَنْ إلى جانبه»[vi]f80، وهي ضعيفة بالإرسال.

ومنها: رواية أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله N «قال: لا بأس بالنفخ في الصّلاة في موضع السُّجود، ما لم يؤذِ أحداً»[vii]f81، وهي ضعيفة لاشتراك أبي إسحاق الوارد في السّند بين عدّة أشخاص فيهم الثقة وغيره.

ولا منافاة بين الأخبار، إذ يمكن القول بأنّه مكروه من جهة الصّلاة مع الالتزام بالكراهيّة الشديدة، باعتبار الإيذاء، وأمّا نفي البأس في باقي الأخبار فيُحمل على أصل الجواز، وهو غير منافٍ للكراهة، والله العالم.

 

[i] الوسائل باب 7 من أبواب السّجود ح1.

[ii] الوسائل باب 7 من أبواب السّجود ح5.

[iii] الوسائل باب 7 من أبواب السّجود ح8.

[iv] الوسائل باب 7 من أبواب السّجود ح9.

[v] الوسائل باب 7 من أبواب السّجود ح6.

[vi] الوسائل باب 7 من أبواب السّجود ح4.

[vii] الوسائل باب 7 من أبواب السّجود ح2.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=380
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 13-01-2016
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12