الدرس 201 / الثلاثاء: 05-تشرين الأول-2021
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والإقالة، (انتهى كلامه)
(1) المعروف بين الأعلام أنَّه يستحبّ أن يقيل مَنِ استقاله.
ويدلُّ على ذلك جملة من الرِّوايات:
منها: رواية عبد الله بن القاسم الجعفري عن بعض أهل بيته «قال: إنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لم يأذن لحكيم بن حزام في تجارته حتَّى ضَمِن له إقالة النَّادم، وإنظار المعسر، وأَخْذ الحقِّ وافياً أو غير وافٍ»[1]f390، وهي ضعيفة بالإرسال، وبجهالة عبد الله بن القاسم الجعفري.
ومنها: رواية هارون بن حمزة عن أبي عبد الله (عليه السلام) «أيَّما عَبْدٍ أَقَاْل مُسْلِماً في بَيْعٍ أقالَه الله عثرتَه يَوْمَ القِيَامَة»[2]f391، وهي ضعيفة بجهالة محمَّد بن عليٍّ، ورواها الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) في الفقيه مرسلة، إلاَّ أنَّه قال: «أيًّما مسلم أقال مسلماً ندامةً في البيع»، وهي ضعيفة بالإرسال، وروى الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) في كتاب الإخوان بسنده عن أبي حمزة مثلها.
هذا، وقد ذكر صاحب الوسائل (رحمه الله) في الخاتمة في الفائدة الرَّابعة أنَّ من جملة الكتب التي نقل منها الرِّوايات كتاب الإخوان للشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله)، ثمَّ قال: «والنُّسخة التي وصلت إلينا محذوفة الأسانيد في أكثر الأحاديث، وربَّما نُسبِت إلى أبيه علي بن بابويه».
أقول: ومن هنا يغلب الظنِّ أنَّها مرسلة، والله العالم.
ومنها: مرسلة المقنع عن أبي عبد الله (عليه السلام) «أيُّما مسلمٍ أقال مسلماً بيعَ ندامةٍ أقاله الله عزّ وجلّعَثْرَتَه يومَ القيامةِ»[3]f392، وهي ضعيفة بالإرسال.
ومنها: رواية سماعة بن مهران عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال: أربعة ينظر الله عزّ وجلّéليهم يوم القيامة: مَنْ أقالَ نادِماً، أو أغاثَ لهفان، أو أَعْتقَ نسَمةً، أو زوَّجَ عَزْباً»[4]f393، وهي ضعيفة بعدم وثاقة حمزة بن محمَّد العلوي، وترضِّي الصَّدوق (رحمه الله) عليه لا يدلُّ على التَّوثيق.
والخلاصة إلى هنا: أنَّ الرِّوايات الواردة في المقام كلّها ضعيفة السَّند.
واعلم أنَّ كلَّ مَنْ تعرَّض للمسألة ذكر أنَّه يستحبُّ الإقالة.
ومن هنا، صحَّ القول: إنَّه متسالم عليه عند كلِّ مَنْ ذكرها.
قيل: وممَّا يؤكِّد أنَّ الإقالة على جهة الاستحباب لا الوجوب رواية هذيل بن صدقة الطَّحان «قَاْل: سألتُ أبا عبدالله (عليه السلام) عنِ الرَّجلِ يشْتري المتاعَ، أو الثَّوبَ، فينطلق به إلى منزله، ولم ينفذ شيئاً، فيبدو له فيردُّه، هل ينبغي ذلك له؟ قَاْل: لَاْ، إلاَّ أن تطيب نفس صاحبِه»[5]f394، ولكنَّها ضعيفة بجهالة هذيل بن صدقة الطحَّان.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والتَّسامح في البيع والشِّراء، (انتهى كلامه)
(1) يستفاد ذلك من جملة من الروايات:
منها: معتبرة السَّكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): السَّماحَة منَ الرِّباح، قَاْل ذلك لرجل يوصيه ومَعَه سلعةٌ يبيعها»[6]f395، يعني السَّماحة مكسب.
ومنها: موثَّقته الأخرى عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) «قال: أَوْحى الله تعالى إلى بعضِ أنبيائِه S: لِلْكريم فكارِم، وللسَّمْح فسَامِحْ، وعند الشّكِسِ فالتوِ»[7]f396، قوله: «وعند الشَّكِس»، أي عند العَسِر في المعاملة.
ومنها: مرسلة الفقيه «قال: وقال عليٌّ (عليه السلام): سمعتُ رسولَ الله (صلّى الله عليه وآله) يقولُ: السَّماح وجه منَ الرَّباح، قال عليٌّ (عليه السلام) ذلك لرجل يوصِيه ومعه سلعةٌ يبيعها»[8]f397، وهي ضعيفة بالإرسال.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والاقتضاء، والقضاء. (انتهى كلامه)
(2) المعروف بين الأعلام أنَّه يستحبُّ أن يكون سهل البيع والشِّراء والقضاء والاقتضاء، ويستفاد ذلك من جملة من الرِّوايات:
منها: رواية حنان عن أبيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال: سمعته يقول: قَاْلَ رسولُ الله (صلّى الله عليه وآله): باركَ الله على سَهْلِ البيعِ، سَهْلِ الشِّراءِ، سَهْلِ القضاءِ، سَهْلِ الاقتضاءِ»[9]f398، وهي ضعيفة بعدم وثاقة الحسن بن أيوب وسدير الصَّيرفي والد حنان؛ لأنَّ الرِّوايات الواردة في مدحه كلّها ضعيفة السَّند، وبجهالة جعفر.
والمراد من سهل القضاء: هو أن يدفع المشتري مثلاً الثَّمن بلا مماطلة ولا تأخير، والمراد من سهل الاقتضاء: أنَّه إذا تأخَّر المشتري مثلاً عن دَفْع الثَّمن فلا يلحّ عليه البائع، بل يأخذه بالتي هي أحسن.
ومنها: مرسلة الفقيه «قال: قَاْل رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله): إنَّ الله تبارك وتعالى يحبُّ العبد يكون سهلَ البيعِ، سَهْلَ الشِّراء، سَهْل القَضَاء، سَهْل الاقتضاءِ»[10]f399، وهي ضعيفة بالإرسال.
ومنها: رواية جابر «قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): غفر الله لرجلٍ كان قبلكم، كان سَهْلاً إذا باع، سَهْلاً إذا اشترى، سَهْلاً إذا قَضَى، سَهْلاً إذا استقضى»[11]f400، وهي ضعيفة بجملة من المجاهيل وبعض المذمومين.
ومنها: رواية حمَّاد بن عثمان «قَالَ: دَخَلَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَشَكَا إِلَيْهِ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ الْمَشْكُوُّ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): مَا لِأَخِيكَ فُلَانٍ يَشْكُوكَ؟! فَقَالَ لَهُ: يَشْكُونِي أَنِ اسْتَقْضَيْتُ (استقصيت) حَقِّي، قَالَ: فَجَلَسَ مُغْضَباً، فَقَالَ: كَأَنَّكَ إِذَا اسْتَقْضَيْتَ حَقَّكَ لَمْ تُسِئْ، أَرَأَيْتَكَ مَا حَكَاهُ الله تَعَالَى، فَقَالَ: « وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَاب ﴾ ]الرعد: 21[، إِنَّمَا خَافُوا أَنْ يَجُورَ الله عَلَيْهِمْ، لَا وَالله! مَا خَافُوا إِلاَّ الِاسْتِقْضَاءَ (الاستقصاء)، فَسَمَّاهُ الله سُوءَ الْحِسَابِ، فَمَنِ اسْتَقْضَى (استقصى) فَقَدْ أَسَاءَ»[12]f401، بناءً على كون الاستقضاء بالضَّاد المعجمة لا الصَّاد المهملة، وقد تقدَّمت هذه الرِّواية، وقلنا: إنَّها ضعيفة بطريق الشَّيخ الطُّوسي (رحمه الله) بعدم وثاقة محمَّد بن يحيى الصَّيرفي، كما أنَّها ضعيفة في الكافي بعدم وثاقة معلَّى بن محمَّد.
والخلاصة: أن الروايات، وإن كانت ضعيفة السند، إلاّ أنّها مستفيضة مع عدم وجود المخالف في البين فيُطمأن حينئذٍ للمسألة.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وروي في التَّقاضي من الغريم: «أطلِ الجلوس، والزم السُّكوت». (انتهى كلامه)
(1) كما في مرفوعة محمَّد بن يحيى إلى أبي عبد الله (عليه السلام) «قال: قال له رجلٌ: إنَّ لي على بعض الحسنيِّين مالاً، وقَدْ أَعْيَاني أَخْذُه، وقَدْ جرى بيني وبينه كلامٌ، ولا آمنُ أنْ يجري بيني وبينه في ذلك ما أغتمُّ له، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): لَيْسَ هَذَا طَرِيقُ التَّقاضي، ولَكِنْ إذا أتيتَه أطلِ الجلوسَ والزمِ السُّكوت، قال الرَّجلُ: فما فعلت ذلك إلاَّ يسيراً حتَّى أَخَذْتُ مالي»[13]f402، وهي ضعيفة بالرَّفع.
الوسائل باب 3 من أبواب آداب التِّجارة ح1.
الوسائل باب 3 من أبواب آداب التِّجارة ح2.
الوسائل باب 3 من أبواب آداب التِّجارة ح4.
الوسائل باب 3 من أبواب آداب التِّجارة ح5.
الوسائل باب 3 من أبواب آداب التِّجارة ح3.
الوسائل باب 4 من أبواب آداب التِّجارة ح2.
الوسائل باب 4 من أبواب آداب التِّجارة ح3.
الوسائل باب 4 من أبواب آداب التِّجارة ح4.
الوسائل باب 42 من أبواب آداب التِّجارة ح1.
الوسائل باب 42 من أبواب آداب التِّجارة ح2.
الوسائل باب 42 من أبواب آداب التِّجارة ح3.
التَّهذيب ج6 باب الدُّيون وأحكامها، ص194، ح50؛ والكافي: ج5 باب آداب اقتضاء الدَّين ص100، ح1.
الوسائل باب 16 من أبواب الدين والقرض ح2.
|