الدرس 157 / الأربعاء: 24-آذار-2021
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: الثَّانية: لا يجوز بيع المشتركات قبل الحيازة، كالكلأ والماء والنَّار والحجارة والتُّراب، ويجوز بعده، وإنْ كَثُرَ وجودها. (انتهى كلامه)
(2) المعروف بين الأعلام أنَّه لا يصحُّ بيع المشتركات قبل الحيازة، كالكلأ والماء والنَّار والحجارة والتُّراب، والأسماك في البحار والأنهار، والوحوش قبل اصطيادها؛ وذلك لعدم حصول الملكيَّة قبل الحيازة، و«لا بيع إلاَّ في مُلْك».
نعم، ماء البئر في الأرض المباحة هو مُلْك لمن استخرجه، وكذا ماء النَّهر فهو لِمَنْ حفره، كنفس البئر والنَّهر، وذلك لعموم الحيازة والإحياء، مع عدم الخلاف بين الأعلام أصلاً.
فله حينئذٍ بعد الحيازة والإحياء بيعه كما في سائر الأملاك، ولا يجب عليه بَذْله لأحد، وإن كان فاضلاً عنه، وكان الغير يحتاج لشربه وشرب ماشيته، احتياجا لم يُخشَ معه التَّلف.
وأمَّا النَّبوي «النَّاس شركاء في ثلاث: النَّار والماء والكلأ»f145.
فهو أوَّلاًّ: ضعيف بالإرسال، رواه ابن أبي جمهور في درر اللآلئ.
وثانياً: أنَّ المراد منه ما كان مباحاً منها، لا المملوك ولو بالحيازة.
وكذا المراد مما رواه في دعائم الإسلام عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) «أنَّه نهى عن بيع الماء والكلأ والنَّار»[2]f146، مضافاً إلى ضعفه بالإرسال أيضاً.
وقدِ اتَّضح ممَّا ذكرناه في الماء المستخرَج حُكْمُ كلِّ ما يظهر في الأرض المملوكة بالإحياء وغيره مِنَ المعادن، فهي لمالكها تبعا لها كالنبات الكائن فيها ونحوه ممَّا كان من أجزائها؛ ضرورة بطلان الملكيَّة باستحالة العين من حقيقة إلى أخرى؛ لعدم دورانها على الحقيقة الأولى من حيث كونها كذلك، كي تنعدم بانعدامها.
نعم، ما كان فيها، ولم يكن من أجزائها كالمطر ونحوه باقٍ على الإباحة لكلِّ مَنْ يحوزه، بل لا اختصاص للمالك به على الظَّاهر.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ولا يجوز بيع الأرض المفتوحة عنوةً، ولا بيع ما بها من بناء وشجر وقت الفتح. نعم، لو جدَّد فيها شيئاً من ذلك جاز بيعه، وربَّما قيل: يبيعها تبعاً لآثاره. وروى أبو بردة: جواز بيع أرض الخراج من صاحب اليد، والخراج على المشتري. وفي رواية إسماعيل بن الفضل إيماء إليه. (انتهى كلامه)
(1) أقول: لكي يتَّضح الحال، ونكون على بصيرة من أمرنا، لا بدَّ مِنَ التَّكلم في مسائل أربع:
الأُولى: في حكم الأرض الموات بالأصالة، أي التي لم تكن مسبوقةً بعمارة، ومعنى الموات أي الأرض المعطَّلة التي لا ينتفع بها، إمَّا لانقطاع الماء عنها، أو لغير ذلك.
الثَّانية: في حكم الأرض العامرة بالأصالة، أي لا من معمِّر لها، وهي التي ينتفع بها على ما هي عليه، كما إذا كانت بحيث يكثر فيها وقوع الأمطار، وكأطراف الشُّطوط والأنهار والآجام ونحوها، ممَّا تكون عامرةً بالأصالة.
الثَّالثة: في حُكْم الأرض الموات بعد العمارة.
الرَّابعة: في حكم الأرض العامرة بعد الموات.
إذا عرفت ذلك، فنقول:
أمَّا المسألة الأولى: فيقع الكلام فيها في ثلاثة أمور:
الأوَّل: في أنَّ الأراضي الموات بالأصالة، هل هي مُلْك للإمام (عليه السلام) أم لا؟
الثاني: هل تملُّك هذه الأراضي بالإحياء، أم أنَّ الإحياء يوجب الأحقيَّة فقط؟
الثالث: هل التَّملُّك بالإحياء أو الأحقيَّة فقط يختصُّ بالشِّيعة، أم يشمل كلَّ مسلم، أم يعمُّ الكافر؟
أمَّا الأمر الأوَّل: فالمعروف بين الأعلام أنَّ هذه الأراضي هي مُلك للإمام (عليه السلام)، وأنَّها مِنَ الأنفال، بل حُكِي الإجماع على أنَّها مُلْك للإمام (عليه السلام) من جماعة كثيرة مِنَ الأعلام، وفي الواقع أنَّ المسألة متسالم عليها بين الأعلام، بحيث خرجت عن الإجماع المصطلح عليه.
وتدلُّ على ذلك الرِّوايات الكثيرة الواردة في أبواب متفرِّقة، ويأتي بعضها إن شاء الله تعالى في ضمن الأبحاث الآتية.
الأمر الثَّاني: المعروف بين الأعلام أنَّ الإحياء يوجب الملكيَّة، بل عن غير واحد دعوى الإجماع عليه، ولم يظهر مخالف لا مِنَ المتقدِّمين، ولا مِنَ المتأخِّرين.
وذهب السَّيِّد أبو القاسم الخوئي (رحمه الله) إلى أنَّ الإحياء يوجب الأحقيَّة دون الملكيَّة.
أقول: قدِ استدلَّ للمشهور القائل بالملكيَّة بجملة مِنَ الرِّوايات:
منها: حسنة الفضلاء عن أبي جعفر وأبي عبد الله J «قَالا: قَاْل رسول الله (صلّى الله عليه وآله): مَنْ أَحْيَى أَرْضَاً مَوَاتاً فَهِيَ لَهُ»[3]f147.
ومنها: حسنة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) «قَاْل: قَاْل رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله): مَنْ أَحْيَى أرضاً مَوَاتاً فَهُوَ لَهُ»[4]f148.
ومنها: صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَالَ: سُئِلَ وَأَنَا حَاضِرٌ عَنْ رَجُلٍ أَحْيَى أَرْضاً مَوَاتاً، فَكَرَى[5]f149 فِيهَا نَهَراً، وَبَنَى (فيها) بُيُوتاً وَغَرَسَ نَخْلاً وَشَجَراً، فَقَالَ: هِيَ لَهُ، وَلَهُ أَجْرُ بُيُوتِهَا..»[6]f150.
ومنها: معتبرة السَّكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله): مَنْ غَرَسَ شَجَراً، أَوْ حَفَرَ وَادِياً بَدْءاً (بديّاً)، لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهِ أَحَدٌ، وَأَحْيَا أَرْضاً مَيْتَةً، فَهِيَ لَهُ قَضَاءً مِنَ الله وَرَسُولِهِ (صلّى الله عليه وآله)ا[7]f151، وكذا غيرها مِنَ الرِّوايات.
المستدرك باب4 من أبواب إحياء الموات ح2.
المستدرك باب4 من أبواب إحياء الموات ح1.
الوسائل باب 1 من أبواب إحياء الموات ح5.
الوسائل باب 1 من أبواب إحياء الموات ح6.
الوسائل باب 1 من أبواب إحياء الموات ح8.
الوسائل باب 2 من أبواب إحياء الموات ح1.
|