• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : المكاسب المحرّمة .
              • القسم الفرعي : التكسب الحرام وأقسامه / المكاسب (أرشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 146_التكسّب الحرام وأقسامه (141). سادسها: ما يجب على المكلّف فعله .

الدرس 146_التكسّب الحرام وأقسامه (141). سادسها: ما يجب على المكلّف فعله

 

الدرس 146 / الخميس: 18-شباط-2021

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ويجوز الاستئجار على نَسْخ القرآن والفِقه، وتعليمه، وإنْ تعيَّن. ونقل ابن إدريس إجماعنا على جواز أَخْذ الأُجْرة على نَسْخ القرآن وتعليمه، وحرَّمهما في الاستبصار مَعَ الشَّرط. والرِّواية بالنَّهي ضعيفة السَّند. والإجماع على جَعْله مَهْراً يلزم منه حِلُّ الأُجْرة. ولو سُلِّمتِ الرِّواية حُمِلت على الكراهيَّة. (انتهى كلامه)

(2) المعروف بين الأعلام جواز الاستئجار على نَسْخ القرآن الكريم والفقه، وتعليمه، قال ابن إدريس (رحمه الله) في السَّرائر: «فأمّا المكروه ­ إلى أن قال: ­ والأَجْر على تعليم القرآن، ونسخ المصاحف، مَعَ الشَّرط في ذلك، ومَعَ ارتفاعه فهو حلال طلق، وهذا مذهب جميع أصحابنا، وعليه إجماعهم منعقد، ومذهب شيخنا أبي جعفر، في نهايته وفي جميع كتبه، إلاَّ في استبصاره، فإنّه ذهب إلى حَظْره مَعَ الشَّرط، وإلى كراهته مَعَ ارتفاع الشَّرط، معتمداً على خبر روته رجال الزَّيديَّة، فأراد أن يجمع بينه، وبين ما رواه أصحابنا منَ الأخبار الواردة بالكراهة مَعَ الشَّرط، وليس في أخبارنا التي أوردها (رحمه الله) في استبصاره، ما يدلُّ على الحظر والتَّحريم، ولا يلتفت إلى خبر شاذٍّ، يرويه رجال الزَّيديَّة، ­ إلى أن قال: ­ ولا خلاف بيننا في أنَّ تعليم القرآن يجعل مهوراً للنِّساء، ويستباح به الفروج، فكيف يصحُّ أن يجعل الأجرة المحرمة مَهْراً؟!...».

أقول: تقدَّم الكلام بالتَّفصيل حول جواز الأُجْرة على تعليم القرآن، وذكرنا أنَّ الرِّوايات الواردة في المقام كلُّها ضعيفة السَّند.

ومقتضى القاعدة: هو الجواز، ولو صحَّت هذه الرِّوايات لكان النَّهي محمولاً على الكراهة؛ جمعاً بين الرِّوايات.

وأمَّا بالنسبة لجواز أخذ الأُجْرة والتَّكسُّب بكتابة القرآن الكريم، أي نسخه، فهو المعروف بين الأعلام، أيضاً؛ لِكونه عملاً محترماً.

وتدلُّ عليه جملة مِنَ الرِّوايات:

منها: موثقة روح بن عبد الرحيم عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ شِرَاءِ الْمَصَاحِفِ وَبَيْعِهَا، فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ يُوضَعُ الْوَرَقُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، وَكَانَ مَا بَيْنَ الْمِنْبَرِ وَالْحَائِطِ قَدْرَ مَا تَمُرُّ الشَّاةُ أَوْ رَجُلٌ مُنْحَرِفٌ، قَالَ: فَكَانَ الرَّجُلُ يَأْتِي، فَيَكْتُبُ مِنْ ذلِكَ، ثُمَّ إِنَّهُمُ اشْتَرَوْا بَعْدَ ذلِكَ، قُلْتُ: فَمَا تَرى فِي ذلِكَ؟ قَالَ لِي: أَشْتَرِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَبِيعَهُ، قُلْتُ: فَمَا تَرى أَنْ أُعْطِيَ عَلى كِتَابَتِهِ أَجْراً؟ قَالَ: لَا بَأْسَ، وَلكِنْ هكَذَا كَانُوا يَصْنَعُونَ»[1]f105.

وهي ظاهرة في جواز أخذ الأجرة على الكتابة من دون كراهة، لأنَّ قوله (عليه السلام): «ولَكِنْ هكَذا كانوا يَصْنَعُونَ»، يعني يُوضَع الوَرَق عند المنبر ويكتبون، فهذا هو المتعارف عندهم، ولم يكنِ المتعارف أَخْذ الأُجْرة على الكتابة.

ومنها: رواية عليِّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) «قَاْل: سَأَلْتُه عَنِ الرَّجُلِ يَكْتُبُ المِصْحَفَ بالأَجْرِ؟ قَاْلَ: لَاْ بَأْسَ»[2]f106.

ومنها: روايته الأخرى عن أخيه (عليه السلام) «قَاْلَ: وَسَأَلْتُه عَنِ الرَّجُلِ، هَلْ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ المِصْحَفَ بالأَجْرِ؟ قَاْلَ: لَاْ بَأْسَ»[3]f107، ولكنَّهما ضعيفتان بعبد الله بن الحسن، فإنَّه مهمل.

ورواهما ابن إدريس (رحمه الله) في آخر السَّرائر نقلاً عن جامع البزنطي صاحب الرِّضا (عليه السلام)، ولكنَّهما أيضاً ضعيفتان بالإرسال؛ لعدم ذِكْر ابن إدريس (رحمه الله) طريقه إلى جامع البزنطي، وكذا غيرهما مِنَ الرِّوايات.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والولاية عَنِ العادل جائزة، بل مستحبَّة. وتجب مَعَ الإلزام، أو عدم وجود غيره. (انتهى كلامه)

(1) الولاية مِنَ السُّلطان العادل ­ أي المعصوم (عليه السلام) ­ قد تكون للقضاء أو النِّظام والسِّياسة، أو على جباية الخراج، أو على القاصرين مِنَ الأطفال، أو غير ذلك، وقد تكون على الجميع.

والمعروف بين جميع الأعلام أنَّها جائزة، بل هو متسالم عليه، بل لا إشكال في استحبابها؛ لما فيها مِنَ المعاونة على البرِّ والتَّقوى، والخِدْمة للإمام (عليه السلام)، بل هي شرف يعتزُّ به المؤمن.

ثم إنها قد تجب عَيْناً، كما إذا عيَّنه الإمام المعصوم (عليه السلام)، أو لم يمكن دَفْع المنكر أو الأمر بالمعروف إلا بها، مع فرض الانحصار في شخص معين، فإنَّه يجب عليه قبولها، بل يجب عليه السَّعي في مقدِّمات تحصيلها فيما إذا انحصر الأمر فيه؛ كلُّ ذلك لإطلاق ما دلَّ على الأمر بالمعروف والنَّهي عَنِ المنكر، فتجب مقدِّماته، كما أنَّه يجب السَّعي فيها إلى أنْ يحصل العجز؛ هذا كلُّه في الولاية مِنَ السُّلطان العادل، أي المعصوم (عليه السلام)، وقد يلحق به نائبه العام، أي الفقيه الجامع للشرائط في عصر الغيبة إذا فرض كونه مبسوط اليد، ولو في بعض البلدان.

ولكن ذكرنا في بعض المناسبات أنَّ الفقيه الجامع للشرائط ليس له الولاية المطلقة من قبل المعصوم (عليه السلام).

نعم، يستطيع إقامة النِّظام العام، ولكن يقتصر على الأمور الضَّروريَّة التي لا بدَّ منها، على تفصيل يأتي في محلِّه ­ إن شاء الله تعالى ­.

ولو نَصَّب الفقيه سلطاناً، أو حاكماً لأهل الإسلام، فهل يصحُّ ذلك ­ ولا يكون هذا السُّلطان حينئذٍ من حكّام الجور ­ أم أنَّ الفقيه ليس له ذلك؟ نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفِّقنا لتحرير هذه المسألة في الأزمنة الآتية ­ إن شاء الله تعالى ­، فإنَّه سميع مجيب.



[1] الوسائل باب 31 من أبواب ما يكتسب به ح4.

[2] الوسائل باب 31 من أبواب ما يكتسب به ح12.

[3] الوسائل باب 31 من أبواب ما يكتسب به ح13.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3694
  • تاريخ إضافة الموضوع : الخميس: 18-02-2021
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12