• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : المكاسب المحرّمة .
              • القسم الفرعي : التكسب الحرام وأقسامه / المكاسب (أرشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 145_التكسّب الحرام وأقسامه (140). سادسها: ما يجب على المكلّف فعله .

الدرس 145_التكسّب الحرام وأقسامه (140). سادسها: ما يجب على المكلّف فعله

 

الدرس 145 / الأربعاء: 17-شباط-2021

ومنها: مرسلة الفقيه «قال: نهى رَسُوْلُ الله (صلّى الله عليه وآله) عَنْ أُجْرةِ القَارِئ الَّذِي لَاْ يُقرئ (يَقْرَأُ) إلاَّْ عَلَى أَجْرٍ مَشْرُوْطٍ»[1]f100، وهي ضعيفة بالإرسال.

ومنها: ما في الفِقْه الرَّضَويِّ «أنَّه رُوِيَ عَنِ ابنِ عبَّاسٍ في قوله «أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ »، قَاْلَ: أُجْرةُ المعلِّمِينَ الَّذِينَ يُشَارِطُونَ في تعليمِ القُرْآنِ»[2]f101، وهي ضعيفة بالإرسال.

ومنها: ما في الفِقْه الرَّضَوي أيضاً «ورُوِيَ أنَّ عبد الله بن مَسْعود جَاءَ إلى النَّبيِّ (صلّى الله عليه وآله)، فقال: يا رسول الله، أَعْطَاني فلانٌ الأعرابيُّ ناقةً بوَلَدِها، فقال النبي (صلّى الله عليه وآله): لِمَ يابن مسعود؟ فقال: أنِّي كنتُ علَّمْتُه أَرْبَعَ سُوَرٍ مِنْ كِتَابِ الله، فقال: رُدَّ عَلَيْه ­ يا بن مسعود! ­ فإنَّ الأُجْرة عَلَى القُرْآنِ حَرَامٌ»[3]f102، وهي ­ مضافاً إلى ضعفها بالإرسال ­ تدلُّ على الحرمة مطلقاً، ولو بدون الاشتراط.

الطَّائفة الرَّابعة: ما دلَّ على المنع من قبول الهديَّة، كما في رواية قُتَيْبة الأَعْشى «قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): إِنِّي أُقرئ (أَقْرَأُ) الْقُرْآنَ فَتُهْدَى إِلَيَّ الْهَدِيَّةُ، فَأَقْبَلُهَا؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: إِنّي لَمْ أُشَارِطْهُ، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ تُقرئ (تَقْرَأْهُ) (أ)كَانَ يُهْدِي لَكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَلَا تَقْبَلْهُ»[4]f103، ولكنَّها ضعيفة بعدم وثاقة الحكم بن مسكين.

وأمَّا الرِّواية التي أشار إليها المصنِّف (رحمه الله)، وهي «أنَّ رسولَ الله (صلّى الله عليه وآله) لَعَنَ مِنِ احتَاجَ النَّاسُ إليه لتفقّهه (لِتَفَقُهِهمْ) فَسَأَلهُمُ الرِّشْوَةَ»[5]f104، فقد تقدَّم أنَّها ضعيفة بجهالة عبد الرَّحمان، ويوسف بن جابر، وبينَّا المراد منها عند الكلام عن أنَّ الرِّشوة تكون في غير الأحكام، فراجع.

إذا عرفت ذلك، فنقول: إنَّ الرِّوايات الواردة في الطَّوائف الأربع المتقدِّمة كلُّها ضعيفة السَّند، ومقتضى القاعدة هو جواز أَخْذ الأجرة؛ لأنَّ إطلاقات أدلَّة الإجارة تشمل هذا المورد.

أضف إلى ذلك: أنَّ مقتضى الأصل هو الجواز، وأيضاً يجوز جَعْل تعليم القرآن الكريم مَهْراً، ويلازمه جواز أَخْذ الأُجْرة عليه؛ إذ لو حرمت الأُجْرة لحرم جَعْله مَهْراً، كما أشار العلاَّمة (رحمه الله) في المختلف، وكذا غيره مِنَ الأعلام، ومنهم المصنِّف (رحمه الله) هنا، كما سيأتي ­ إن شاء الله تعالى ­.

ثمَّ إننا لو قطعنا النَّظر عن ضعف السَّند في الرِّوايات المتقدِّمة، فإنَّ مقتضى الجمع العرفي هو حَمْل روايات المنع على الكراهة؛ جمعاً بينها وبين ما دلَّ على الجواز، كالطَّائفة الأُولى.

كما أنَّ الرِّوايات الدَّالَّة على المنع مَعَ الاشتراط تُحمَل على أشديَّة الكراهة؛ جمعاً بينها وبين ما دلَّ على الجواز مطلقاً، سواء أشترط أم لا، وأيضاً تحمل رواية قتيبة الأعشى على كراهة قبول الهديَّة؛ جمعاً بينها وبين رواية المدائني الأولى، حيث ورد في الذَّيل. «ويقبل الهديَّة إذا أهدي إليه»، والله العالم بحقائق أحكامه.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ويجوز الاستئجار على عَقْد النِّكاح وغيره مِنَ العقود، وأمَّا على تعليم الصِّيغة وإلقائها على المتعاقدين فلا. (انتهى كلامه)

(1) المعروف بين الأعلام أنَّه يجوز أَخْذ الأُجْرة على إجراء عقد النِّكاح، وغيره من العقود والإيقاعات التي تجري فيها الوكالة، فيُؤخَذ عليها الأُجْرة؛ إذ تشملها إطلاقات أدلَّة الإجارة.

وكذا يجوز أَخْذ الجُعْل عليه؛ لإطلاق أدلَّته، وفي الواقع أنَّه لا خلاف في ذلك، وإنَّما وقع الخِلاف في أَخْذ الأُجْرة على تعليم نفس الصِّيغة، أي بيان أنَّ الصَّيغة الشَّرعيَّة هي كذا، وأيضاً وقع الخلاف في أَخْذ الأُجْرة على إلقاء الصِّيغة على المتعاقدين، وهما اللَّذان يُجريَان العقد.

فقد ذهب جماعة مِنَ الأعلام إلى عدم الجواز؛ لكونه واجباً كفائيّاً، وعَنِ المحقِّق الكركي (رحمه الله) الإجماع عليه.

ولكنَّ الإنصاف: أنَّ وجوب التَّعليم كفايةً إنَّما يكون إذا وجب النِّكاح.

أضف إلى ذلك: أنَّه لو فُرِض وجوب التَّعليم، فالوجوب حينئذٍ ليس تعييناً، بل هو تخييري؛ لأنَّ الواجب إمَّا التَّعليم أو الإجراء وكالةً، وقد عرفت أنَّ الواجب التَّخييري خارج عن محلِّ النِّزاع، لأنَّ الواجب هو أحد الأفراد تخييراً، ولم تقع الإجارة عليه، وما وقعت عليه الإجارة، وهو التَّعليم، ليس بواجب.

اللَّهمَّ إلاَّ أنْ يُقال: هو من باب بيان الحكم الشَّرعيِّ، أي هو وظيفة المفتي، وقد عرفت أنَّ عمل المفتي عمله مجانيٌّ « قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ...﴾ ]الأنعام: 90[، وهو لا يخلو من قوَّة، والله العالم.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وكذا تجوز الأُجرة على الخطبة، والخطبة في الإملاك. (انتهى كلامه)

(1) هذا هو المعروف بين الأعلام، والإملاك هو التزويج، وأملكوه زوجوه، قال الشهيد الثاني (رحمه الله) في المسالك: «وأمّا الخطبة ­ بالضم ­ بمعنى حمد ﷲ تعالى، والصلاة على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وذكر ما يناسب مقام العقد عنده. ­ وبالكسر ­ بمعنى طلب الزوجة من نفسها أو وليها، أو أقاربها، ومحاورتهم في ذلك، فيجوز أخذ الأجرة عليه أيضاً، لأنه ليس بواجب».

أقول: حتى لو كان واجباً فإنَّ الوجوب لا ينافي أخذ الأجرة، كما عرفت.



[1] الوسائل باب 29 من أبواب ما يكتسب به ح7.

[2] المستدرك باب 26 من أبواب ما يكتسب به ح2.

[3] المستدرك باب 26 من أبواب ما يكتسب به ح3.

[4] الوسائل باب 29 من أبواب ما يكتسب به ح4.

[5] الوسائل باب 8 من أبواب آداب القاضي ح5.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3693
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 17-02-2021
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12