• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : ما يصح السجود عليه / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس258 _ما يصح السجود عليه 3 .

الدرس258 _ما يصح السجود عليه 3

ومنها: رواية محمَّد بن عمرو بن سعيد عن أبي الحسن الرِّضا N «قال: لَا تَسْجُدْ عَلَى الْقِيرِ، ولا على القفر، وَلَا عَلَى الصَّارُوجِ(*)»[i]f9، ولكنَّها ضعيفة بعليّ بن إسماعيل السِّندي، فإنَّه غير موثَّق.

نعم، وثقه نصر بن الصُّباح، إلاّ أنّه لا يعتمد على توثيقاته، لأنّه نفسه غير موثَّق، والقفر شيء يشبه الزّفت، ورائحته كرائحة القير، والصاروج: النورة، وأخلاطها.

وقد دلت بعض الرّوايات على جواز السّجود عليه:

منها ثلاث صِحاح لمعاوية بن عمار:

الأُولى: «قال: سأل المعلَّى بن خُنيس أبا عبد الله N ­ وأنا عنده ­ عن السُّجود على القفر، وعلى القير، فقال: لا بأس به»[ii]f10.

نعم، هي بطريق الصَّدوق R ضعيفة، لأنّه رواها بإسناده عن معلَّى بن خُنيس، وإسناده إليه، وإن كان صحيحاً، لأن المراد بالمسمعي الواقع في الطريق هو مسمع بن كردين الثقه بحسب الظاهر وليس عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، إلاَّ أنَّ معلَّى بن خُنيس ضعيف.

الثانية: «أنَّه سأل أبا عبد الله N عن الصَّلاة على القارّ «فقال: لا بأس به»[iii]f11.

الثالثة: «قال: سألتُ أبا عبد الله N عن الصَّلاة في السّفينة ­ إلى أن قال: ­ يصلَّى على القير، والقفر، ويسجد عليه»[iv]f12.

ومنها: صحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله N «قال: القير من نبات الأرض»[v]f13، وطريق الشّيخ الصّدوق R إلى منصور بن حازم، وإن كان فيه محمّد بن علي ماجيلويه، وهو لم يوثّق بالخصوص، إلاّ أنّه من المعاريف، وذلك كاشف عن وثاقته.

والمراد أنّه بمنزلة النبات من حيث جواز السّجود عليه، وإلاّ فهو حتماً ليس من النبات.

ومنها: رواية إبراهيم بن ميمون «أنّه قال لأبي عبد الله N ­ في حديث ­: نسجد (فاسجد) على ما في السّفينة، وعلى القير، قال: لا بأس»[vi]f14، ولكنّها ضعيفة، لأنّ إبراهيم بن ميمون غير موثّق.

نعم، قال في حقه ابن حجر المخالف: «أنَّه كوفي صدوق»، ولكنّ كلام ابن حجر غير معتبر.

وإسناد الشّيخ R إلى إبراهيم بن ميمون، وإن كان غير معتبر، حيث لم يذكر طريقه إليه في المشيخة، إلاَّ أنّ طريق الشّيخ الصَّدوق R إليه صحيح.

ثمَّ إنّه اختُلف في كيفية الجمع بين هذه الأخبار، فذهب المشهور، ومنهم الشيخ R في كتاب الأخبار، والمحقِّق R في المعتبر، إلى حمل الأخبار المجوّزة على الضّرورة، وفي المدارك: «ولو قيل: بالجواز، وحَمْل النهي على الكراهة أمكن، إن لم ينعقد إجماع على خلافه».

أقول: إن لم يكن بين الروايات تعارض، فالأقرب حمل الروايات المجوّزة على الضّرورة، للتسالم بين الأعلام على عدم جواز السّجود عليه.

ويؤيِّده: إعراض الأصحاب عنها وإن كان بينها تعارض، كما هو الظاهر، فَلْتحمل الروايات المجوّزة على التقيّة، لاتِّفاق العامَّة على القول بالجواز.

ثمَّ إنّ الزّفت هو القير، كما في حسنة زرارة المتقدّمة، وإنّما الفرق بينهما في الميعان وعدمه، فالمايع يعبّر عنه بالزّفت، والجامد بالقير، والله العالم.

(1) يقع الكلام في أمرَيْن:

الأوَل: في جواز السُّجود عليهما اختياراً، وعدمه.

الثاني: هل يجب الترتيب؟ كما ذكره المصنّف R في حال الاضطرار إلى السُّجود على ما لا يصحّ السّجود عليه.

أمَّا الأمر الأوَّل: فالمعروف بين الأعلام عدم جواز السُّجود عليهما اختياراً.

وفي المدارك: «المشهور بين الأصحاب تحريم السُّجود على القطن والكتّان، سواء قبل النسج، أم بعده...»، وفي الجواهر: «فالمشهور نصّاً وفتوًى المنع، بل عن التذكرة والمهذب البارع والمقتصر نسبته إلى علمائنا، بل عن الخلاف والمختلف والبيان الإجماع عليه...».

وبالمقابل حُكي عن السَّيد المرتضى R أنّه قال في بعض رسائله: «يُكره السُّجود على الثوب المنسوج من قطن، أو كتّان، كراهية تنزّه، وطلب فَضْل، لا أنَّه محظور ومحرَّم»، مع أنّه ذهب في الجمل والانتصار إلى المنع، ونقل إجماع الطائفة، وظاهر المحقِّق R في المعتبر الميل إلى الجواز على كراهية أيضاً، وهو ظاهر المحدِّث الكاشاني R في الوافي.

هذا، وقد استدلّ للقول بالمنع بعدَّةِ أدلةٍ:

منها: الإجماع المحكي.

وفيه: ما عرفت في أكثر من مناسبة من أنّ الإجماع المنقول بخبر الواحد غير حجَّة.

ومنها: النصوص المانعة من السُّجود على ما لبس، فإنّها كالنصّ في القطن والكتّان، لعدم ملبوسيّة غيرهما.

ومنها: خبر الأعمش المتقدَّم عن جعفر بن محمَّد J في حديث شرائع الدِّين «قال: لا يُسجد إلاَّ على الأرض، أو ما أنبتت الأرض، لا المأكول والقطن والكتّان»[vii]f15، ولكنَّه ضعيف، كما تقدَّم، لأنَّ إسناد الصَّدوق R إلى الأعمش ضعيف بجهالة أكثر من شخص.

ومنها: خبر أبي العبّاس الفضل بن عبد الملك «قال أبو عبد الله N: لا يسجد إلاَّ على الأرض، أو ما أنبتت الأرض، إلاَّ القطن والكتّان»[viii]f16، ولكنّه ضعيف لعدم وثاقة القاسم بن عروة.

ومنها: حسنة زرارة المتقدّمة عن أبي جعفر N «قال: قلتُ له: أسجد على الزّفت ­ يعني القير ­؟ فقال: لا، ولا على الثوب الكرسف...»[ix]f17، والكرسف هو القطن، كما في القاموس، والمجمع.

ومنها: خبر عليّ بن جعفر عن أخيه N «قال: سألتُه عن الرّجل يؤذيه حرّ الأرض، وهو في الصّلاة، ولا يقدر على السّجود، هل يصلح له أن يضع ثوبه إذا كان قطناً، أو كتّاناً؟ قال: إذا كان مضطراً فَلْيفعل»[x]f18، ومفهوم الشّرط أنّه إذا لم يضطرّ فلا يفعل، ولكنّه ضعيف بعبد الله بن الحسن، فإنّه مهمل.

وأمّا القول بالجواز فقد يستدلّ له بعدّة رواياتٍ:

منها: معتبرة ياسر الخادم «قال: مرّ بي أبو الحسن N ­ وأنا أصلّي على الطبري ­ وقد ألقيت عليه شيئاً أسجد عليه؟ فقال لي: مالك لا تسجد عليه، أليس هو من نبات الأرض»[xi]f19.

واستشكل أغلب الأعلام بأنّ الرّواية ضعيفة لعدم وثاقة ياسر الخادم.

ولكنّ الإنصاف: أنّه لا إشكال في السّند، لأنّ ياسر الخادم من مشايخ عليّ بن إبرهيم المباشرين، الذين روى عنهم في تفسيره.

ولكنّ الإشكال في الدَّلالة، فإنّ ظاهر كلام بعض اللغويين، كصاحب مجمع البحرين أنّ الطَبَرِيَّ متّخذ من الكتّان، حيث قال في تفسيره: «ولعله كتّان منسوب إلى طبرستان»، ولكن حُكِي عن المولى مراد «أنّه الحصير الذي يعمله أهل طبرستان».

وعليه، فتكون الرّواية مجملة لا يصحّ الاستدلال بها.

 

[i] الوسائل باب 6 من أبواب ما يسجد عليه ح1.

[ii] الوسائل باب 6 من أبواب ما يسجد عليه ح4.

[iii] الوسائل باب 6 من أبواب ما يسجد عليه ح5.

[iv] الوسائل باب 6 من أبواب ما يسجد عليه ح6.

[v] الوسائل باب 6 من أبواب ما يسجد عليه ح8.

[vi] الوسائل باب 6 من أبواب ما يسجد عليه ح7.

[vii] الوسائل باب 1 من أبواب ما يسجد عليه ح3.

[viii] الوسائل باب 1 من أبواب ما يسجد عليه ح6.

[ix] الوسائل باب 2 من أبواب ما يسجد عليه ح1.

[x] الوسائل باب 4 من أبواب ما يسجد عليه ح9.

[xi] الوسائل باب 2 من أبواب ما يسجد عليه ح5.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=368
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 23-12-2015
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12