• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : المكاسب المحرّمة .
              • القسم الفرعي : التكسب الحرام وأقسامه / المكاسب (أرشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 131_التكسّب الحرام وأقسامه (126). خامسها: تعلَّق حقّ غير البائع به .

الدرس 131_التكسّب الحرام وأقسامه (126). خامسها: تعلَّق حقّ غير البائع به

الدرس 131 / الاثنين: 25-كانون الثاني-2021

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وكذا لا تباع أمُّ الولد إلاَّ فيما سلف. (انتهى كلامه)

(1) ذكر المصنِّف (رحمه الله) هذه المسألة بالتَّفصيل، وأفرد لها باباً خاصّاً، أسماه كتاب أمّ الولد، ذَكَر ذلك بعد كتاب العِتْق، فمن أراد التَّفصيل، فليراجع.

أضف إلى ذلك: أنَّ هذه المسألة ليس محلِّ ابتلاء اليوم، ولكن مع ذلك لا بأس ببيان أصل المسألة بالجملة، لئلاَّ يخلو كتابنا عنها بالمرَّة.

إذا عرفت ذلك، فنقول: المراد بأمِّ الولد مَنْ حملتْ مِنْ مولاها، وهي في مُلْكه.

والمعروف بين الأعلام عدم جواز بيعها، وإن كانت ما زالتْ حبلى بالولد، سواء أكان الولد ذكراً أم أنثى أم خُنْثى، وألحق بالبيع في عدم الجواز سائر ما يخرجها عن المُلْك، كالهبة والصُّلح، وغيرهما.

وفي الجواهر: «وعلى كلِّ حال، فلا يجوز بيعها، ولا الصَّلح، ولا غيره من وجوه النَّقل إجماعاً بقسمَيْه، ونصوصاً...».

أقول: هناك تسالم على أصل عدم جواز بيعها، مع كون ولدها حيّاً، إلاَّ ما استثني، ممَّا سنذكره، وتدلُّ على ذلك أيضاً الرِّوايات الكثيرة.

وأمَّا ما ورد في بعض الرِّوايات من جواز بيعها، فمحمول على بعض الوجوه، كما في صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال: سألتُه عَنْ أمِّ الولدِ، قَاْل: أَمَةٌ تُبَاعُ وتُوْرَثُ وتُوهَبُ، وحدُّها حدُّ الأَمَةِ»[1]f58، وهي مسندة عن أبي جعفر (عليه السلام) في الكافي، ومضمرة في الفقيه، ولكنَّك عرفت أنَّ مضمرات زرارة مقبولة. كما أنّها صحيحة بطريق الصدوق (رحمه الله) وحسنة بطريق الكليني (رحمه الله).

وحُمِلت هذه الصَّحيحة على أن تباع في ثمن رقبتها، أو أنَّ البَيْع مخصوص بالتي مات ولدها، ونحو ذلك، أو يردُّ علمها إلى أهلها S، وهم أدرى بها.

ثمَّ إنَّه استُثنى من عدم جواز بيعها عدَّة موارد، ونحن نقتصر على موردَيْن:

الأوَّل: إذا مات ولدها، فإنَّها تكون كغيرها مِنَ الإماء، وهذا متَّفق عليه عندنا.

وتدلُّ عليه جملة من الرِّوايات:

منها: رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام): «في رجلٍ اشترى جاريةً يطؤها، فولدتْ له أولاداً، فمات ولدها، قال: إن شاؤوا باعوها في الدَّين الذي يكون على مولاها مِنْ ثمنِها، وإنْ كان لها ولدٌ قوِّمتْ على ولدِها مِنْ نصيبه»[2]f59، ولكنَّها ضعيفة بالإرسال، وإن كان المُرسِل ابن أبي عمير، ولا يخفى أنَّ ذِكْر الدَّين على مولاها إنَّما خرج مخرج التَّمثيل، وكذا غيرها مِنَ الرِّوايات.

المورد الثَّاني: ما إذا كان ثمنها ديناً على مولاها مع إعساره، والمراد بإعساره أن لا يكون له مال زائداً على المستثنيَّات في وفاء الدَّين.

ومن جملة الرِّوايات الورادة في المقام صحيحة عمر بن يزيد «قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) (أَوْ قَالَ لِأَبِي إِبْرَاهِيمَ (عليه السلام): أَسْأَلُكَ؟ قَالَ: سَلْ، قُلْتُ: لِمَ بَاعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ؟ قَالَ: فِي فَكَاكِ رِقَابِهِنَّ، قُلْتُ: وَكَيْفَ ذلِكَ؟ قَالَ: أَيُّمَا رَجُلٍ اشْتَرى جَارِيَةً، فَأَوْلَدَهَا، ثُمَّ لَمْ يُؤَدِّ ثَمَنَهَا، وَلَمْ يَدَعْ مِنَ الْمَالِ مَا يُؤَدّى عنه (عَنْهَا)، أُخِذَ وَلَدُهَا مِنْهَا فبِيعَتْ، فَأُدِّيَ ثَمَنُهَا، قُلْتُ: فَيُبَعْنَ فِيمَا سِوى ذلِكَ مِنْ الدَّيْنِ، قَالَ: لَا»[3]f60.

ومنها: روايته الأخرى عن أبي الحسن (عليه السلام) «قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ أُمِّ الْوَلَدِ، تُبَاعُ فِي الدَّيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فِي ثَمَنِ رَقَبَتِهَا»[4]f61، ولكنَّها ضعيفة لعدم وثاقة معلَّى بن محمَّد. وكذا غيرها مِنَ الرِّوايات، وهناك كثير من الموارد جوَّز الأعلام فيها بَيْع أمِّ الولد، ومَنْ أراد التفصيل فَلْيرجع إلى اللُّمعة، وغيرها مِنَ الكُتُب.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ولا يجوز شراء المشتبه إذا كان أصله التَّحريم، كالذَّبيحة المطروحة أو التي في يد الكافر، وكذا الجلد.  (انتهى كلامه)

(1) أقول: يتَّضح حكم هذه المسألة ممَّا ذكرناه سابقاً عند الكلام عَنِ الميتة، فراجع، بل هي في الواقع قسم مِنَ الميتة.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ويجوز شراؤهما مِنَ المسلم، ومِنَ المجهول حاله إذا كان في بلد الإسلام. (انتهى كلامه)

(2) لأنَّه محكوم بالتَّذكية، وقد ذكرنا في باب الطَّهارة كيفيَّة إحراز كون اللَّحم مذكَّى، فراجع.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وأمَّا المشتبه الذي أصله الإباحة فيجوز شراؤه، كالماء المتغيِّر المشتبه استناد تغيِّره إلى النَّجاسة. (انتهى كلامه)  

(3) بعد الحكم بالإباحة، فلا إشكال حينئذٍ في جواز الشِّراء؛ إذِ المقتضي موجود والمانع مفقود.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والمشتبه الذي لا يعرف له أصل، كما في يد الظَّالم، والمعروف بالخيانة والسَّرقة، فيجوز شراؤه، وتركه أَوْلى. (انتهى كلامه)

(4) أقول: قدِ اتَّضح حكم المشتبه الذي لا يعرف له أصل، كما في يد الظَّالم، وكما في يد المعروف بالخيانة والسَّرقة ممَّا ذكرناه سابقاً عند الكلام عن شراء الخراج والمقاسمة والزَّكاة مِنَ السُّلطان الجائر، فراجع.

وقع الفراغ منه صبيحة يوم الخميس الثَّالث عشر من شهر صفر الخير 1442 للهجرة الموافق لليوم الأوَّل من شهر تشرين الأوَّل سنَّة 2020م.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وسادسها: ما يجب على المكلَّف فِعْله، إمَّا عيناً، كالصَّلاة اليوميَّة، أو كفايةً، كتغسيل الميت وتكفينه والصَّلاة عليه ودفنه. وفي فتاوى المرتضى: هذا واجب على الوليِّ، فإذا استأجر عليه جاز. والوجه: التَّحريم. (انتهى كلامه)

(1) المعروف بين الأعلام أنَّه ممَّا يحرم التَّكسُّب به ما يجب على الإنسان فِعْله عَيْناً، كالصَّلاة والصَّوم، أو كفائيّاً كتغسيل الموتى وتكفينهم ودفنهم.

وفي الجواهر: «بلا خلاف معتدٍّ به أجده فيه، وفي المسالك: أنَّه المشهور وعليه الفتوى، وفي المحكي عن مجمع البرهان كان دليله الإجماع، بل عن غيره أنَّ عليه الإجماع في كلام جماعة، إلاَّ أنِّي لم أجده...».

أقول: قد تعدَّدت الأقوال في المسألة إلى ما يقرب من تسعة، إلاَّ أنَّ المهمَّ منها أربعة:

الأوَّل: ما نسبه الشَّهيد الثَّاني (رحمه الله) في المسالك إلى المشهور، وهو المنع مطلقاً، أي سواء كان عَيْناً أو كفايةً، تعبداً أو توصلاً.

الثَّاني: ما اختاره جماعة مِنَ الأعلام، منهم السّيِّد أبو القاسم الخوئي (رحمه الله)، وهو الجواز مطلقاً.

الثَّالث: ما حكاه في المصابيح عن فخر المحقِّقين (رحمه الله) مِنَ التَّفصيل بين التَّعبُّدي فلا يجوز، وبين التَّوصلِّيِّ فيجوز.

الرَّابع: ما يظهر مِنَ الشَّيخ الأنصاري (رحمه الله) مِنَ التَّفصيل بين العَيْنيِّ التَّعيينيِّ، والكفائيِّ التَّعبُّديِّ، فلا يجوز، وبين الكفائي التَّوصلِّي، والتَّخييري التَّوصلِّي، فيجوز، والتَّردُّد في التَّخييريِّ التعبُّديِّ.

وأمَّا ما حُكِي عَنِ السّيِّد المرتضى (رحمه الله) مِنَ القول بالجواز في الواجب الكفائيِّ لتجهيز الميت، فهو في الواقع ليس تفصيلاً في المسألة، بل السّيِّد مخالف في وجوب تجهيز الميت على غير الوليِّ، لا في حرمة أخذ الأجرة ­ على تقدير الوجوب ­ عليه.

وبعبارة أخرى: أنَّ تجهيز الميت غير واجب على غير الوليِّ حتَّى يحرم عليه أَخْذ الأجرة على الواجب.

ثمَّ إنَّه ينبغي أن يُعلم أنَّ محلَّ الكلام في المقام هو ما كان الوجوب فيه مانعاً من صحَّة التكسُّب، وكذا ما كانت صفة التَّعبُّديَّة فيه مانعةً من صحَّة التَّكسُّب، وإن لم يكن الأمر واجباً.

وعليه، فموضوع هذه المسألة منحصر في مانعيَّة هذَيْن الأمرَيْن من صحَّة الإجارة بعد الفراغ عن إحراز سائر شرائط الإجارة، والتي منها أن لا يكون العمل المستأجر عليه ممَّا اعتبرت فيه المجانيَّة شرعاً، كالأذان والإفتاء، ونحوهما، فإنَّه لا تصحُّ الإجارة على الأذان والإفتاء، ونحوها؛ لأنَّ الشَّارع اعتبر المجانيَّة فيهما.

وقيل: إنَّ من جملة شرائط الإجارة التي لا بدَّ من إحرازها قبل الخوض في هذه المسألة هو أن تكون المنفعة عائدة إلى المستأجر، فلو لم ترجع المنفعة إليه لما صحَّتِ الإجارة، كما في استئجار الشَّخص لصلاة الظُّهر عن نفسه، أو استئجاره لإتيان النَّوافل عن نفسه، فإنَّ المنفعة لا تعود إلى المستأجر.

وقدِ استدلَّ صاحب البُلغة (رحمه الله) على هذا الشَّرط بأنَّ الإجارة بدونه تكون سفهيَّةً، ويكون أكل المال بدون هذا الشَّرط أكلاً للمال بالباطل.

ومن هنا لا تصحُّ الإجارة على الأفعال العبثيَّة، وإبداء الحركات اللاَّغيَّة، كالذَّهاب إلى الأمكنة الموحشة، ورفع الأحجار الثَّقيلة، ونحو ذلك.

 

[1] الوسائل باب 24 من أبواب بَيْع الحيوان ح3.

[2] الوسائل باب 24 من أبواب بيع الحيوان ح4.

[3] الوسائل باب 24 من أبواب بيع الحيوان ح1.

[4] الوسائل باب 24 من أبواب بيع الحيوان ح2.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3679
  • تاريخ إضافة الموضوع : الإثنين: 25-01-2021
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12