• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الزكاة .
              • القسم الفرعي : زكاة الفِطرة / الزكاة (ارشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 188 _زكاة الفِطرة 21 .

الدرس 188 _زكاة الفِطرة 21

 

أقول: إنَّ منشأ هذه الأقوال هو اختلاف الرِّوايات الواردة في المقام. ولا يخفى عليك أنَّ أكثر الرِّوايات تضمَّنت الأربعة الأُولى ­ أي الحِنطة والشَّعير والتَّمر والزَّبيب ­ فهذه مجزية قطعاً، بلا خلاف بين الأعلام.

وبعضُ الرِّوايات تضمَّنت الأَقِط، كرواية عبد الله بن المغيرة عن أبي الحسن الرِّضا (عليه السلام) «في الفِطْرة، قال: تُعطى من الحِنطة صاع، ومن الشَّعير، ومن الأَقِط صاع»([1]).

وهي ضعيفة بجهالة جعفر بن محمد بن يحيى فإنَّه مجهول.

واقتصرت بعض الرِّوايات على الأَقِط لأصحاب الإبل والبقر والغنم، كصحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال: يُعطِي أصحاب الإبل والغنم والبقر في الفِطْرة من الأَقِط صاعاً»([2])، والأَقِط هو لبن جاف مستحجر غير منزوع الزَّبد.

وتضمَّن بعضها الذُّرة، كصحيحة أبي عبد الرَّحمان الحذَّاء، حيث ورد في ذيلها: «أو صاع من ذرة...»([3])، وأبو عبد الرَّحمان الحذَّاء هو أيوب بن عطية الثِّقة.

نعم، روى الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) في العِلل هذه الرِّواية عن الحسن الحذَّاء([4])، وهو مجهول الحال، ولا يُوجد ما يدلّ على أنَّ الحسن الحذَّاء مكنَّى بأبي عبد الرَّحمان، حتَّى يُقال: إنَّ هذه الكُنية مشتركة بين اثنين، أحدهما ثقة، والآخر مجهول.

ولا مانع أيضاً من تعدُّد الرِّواية، فتكون رواية التَّهذيب صحيحة، ورواية الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) في العلل ضعيفة.

وبعض الرِّوايات تضمَّنت اللَّبن، كصحيحة زرارة وابن مسكان الآتية([5])، وبعضها تضمَّن الأرز لأهل طبرستان، كما في مكاتبة إبراهيم بن محمَّد الهمدانيّ «قَاْل: اختلفتِ الرِّوايات في الفِطْرة، فكتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر (عليه السلام) أسأله عن ذلك، فكتب: إنّ الفِطْرة صاعٌ من قوت بلدك، على أهل مكة واليمن والطَّائف وأطراف الشَّام واليمامة والبحرين والعراقين وفارس والأهواز وكرمان تمرٌ، وعلى أهل أوساط الشَّام زبيبٌ، وعلى أهل الجزيرة والموصل والجبال كلّها برّ أو شعيرٌ، وعلى أهل طبرستان الأرزّ، وعلى أهل خراسان البرّ، إلاَّ أهل مَرُو والرَّي فعليهم الزَّبيب، وعلى أهل مصر البرّ، ومن سوى ذلك فعليهم ما غلب قوتهم، ومن سكن البوادي من الأعراب فعليهم الأقط...»([6])، ولكنَّها ضعيفة بجهالة بعض الأشخاص، وعدم وثاقة إبراهيم بن محمَّد الهمداني.

ثمَّ إنَّ هناك ثلاث روايات تضمَّنت القوت الغالب:

الأُولى ­ وهي العمدة ­: صحيحة زرارة وابن مسكان عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَاْل: الفِطْرة على كلِّ قومٍ ممَّا يغذون عيالهم لبنٌ أو زبيبٌ أو غيره»([7])، وهي واضحة الدلالة في كون المناط هو القوت الغالب، سواء أكان من الأصناف المتقدِّمة أم من غيرها، كالعدس ونحوه.

الثَّانية: مرسلة يونس عمّن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَاْل: قلتُ له: جعلت فداك! هل على أهل البوادي الفِطْرة؟ قَاْل: فقال: الفِطْرة على كلِّ مَنِ اقتات قوتاً، فعليه أن يُؤدِّي من ذلك القوت»([8])، وهي واضحة جدّاً في كون المناط القوت الغالب، إلاَّ أنَّها ضعيفة بالإرسال.

الثالثة: مكاتبة إبراهيم بن محمد الهمداني المتقدِّمة عن أبي الحسن العسكري (عليه السلام)، حيث ورد في ذيلها: «ومن سوى ذلك فعليهم ما غلب قوتهم...»([9])، وقد عرفت أنَّها ضعيفة بجهالة البعض، وعدم وثاقة إبراهيم بن محمَّد الهمدانيّ.

والمراد من القوت الغالب: ما كان قوتاً في الجملة، وإن لم يقتصر عليه في القوت، كاللَّبن والزَّبيب، فإنَّه لا يقتصر عليه في القوت إلاَّ نادراً لبعض النَّاس، وإن كان هو قوتاً يكثر استعماله.

ثمَّ إنَّه مع قطع النَّظر عن ضعف مرسلة يونس ومكاتبة إبراهيم بن محمد الهمدانيّ، فإنَّ بين هذه الرِّوايات الثَّلاث، والتي عمدتها صحيحة زرارة وابن مسكان، وبين الرِّوايات المتقدِّمة المتضمنة للأصناف السَّبعة ­ أي: الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، والأقط، والذرة، والرز ­ عموماً من وجه، فإنَّ القوت الغالب في هذه الرِّوايات الثلاث بالمعنى الَّذي ذكرناه، قد لا يكون من السَّبعة كالعدس والحمص والتِّين، ونحوها.

كما أنَّ الأصناف السَّبعة الواردة في الرِّوايات المتقدِّمة قد لا تكون قوتاً غالباً، كالزَّبيب في كثير من البلدان، والشَّعير في غالب البلدان، وقد يجتمعان كما في الحِنطة والتَّمر، ونحوهما.

وعليه، فيقع التَّعارض بين الرِّوايات الثَّلاث وبين الرِّوايات المتقدِّمة المتضمّنة للأصناف السَّبعة؛ لأنَّ المناط في الرِّوايات الثلاث هو القوت الغالب ­ بالمعنى الَّذي ذكرناه ­ سواء أكان من الأصناف السَّبعة أم من غيرها، كما أنَّ المناط في الرِّوايات المتقدِّمة هو الأصناف السبعة، سواء أكانت من القوت الغالب أم لا.

وبما أنَّه لا يمكن الأخذ بإطلاق كلٍّ منهما للتَّنافي، فيدور الأمر بين الأخذ بإطلاق الرِّوايات الثَّلاث، بحيث يكون المدار على القوت الغالب، وإن لم يكن من الأصناف السَّبعة، وبين الأخذ بإطلاق الرِّوايات المتقدِّمة، بحيث يكون المدار على الأصناف السَّبعة، وإن لم تكن من القوت الغالب، وبين تقييد كلٍّ منهما بالآخر، بحيث يكون المدار على الأصناف السَّبعة، بشرط كونها من القوت الغالب، أو بحيث يكون المدار على القوت الغالب، بشرط كونه من الأصناف السَّبعة.

والإنصاف: هو الأخذ بإطلاق الرِّوايات الثلاث، وحمل الأصناف السَّبعة المذكورة في الرِّوايات المتقدِّمة على المثال لا الحصر.

وعليه، فيكون المدار على القوت الغالب ­ بالمعنى الَّذي ذكرناه ­ سواء أكان من الأصناف السَّبعة أم لا.

 

([1]) الوسائل باب 6 من أبواب زكاة الفطرة ح3.

([2]) الوسائل باب 6 من أبواب زكاة الفطرة ح2.

([3]) الوسائل باب 6 من أبواب زكاة الفطرة ح10.

([4]) الوسائل باب 6 من أبواب زكاة الفطرة ذيل ح10.

([5]) الوسائل باب 8 من أبواب زكاة الفطرة ح1.

([6]) الوسائل باب 8 من أبواب زكاة الفطرة ح2.

([7]) الوسائل باب  8 من أبواب زكاة الفطرة ح1.

([8]) الوسائل باب  8 من أبواب زكاة الفطرة ح4.

([9]) الوسائل باب  8 من أبواب زكاة الفطرة ح2.

 


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3670
  • تاريخ إضافة الموضوع : الخميس: 06-10-2022
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12