• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الزكاة .
              • القسم الفرعي : زكاة الفِطرة / الزكاة (ارشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 184 _زكاة الفِطرة 17 .

الدرس 184 _زكاة الفِطرة 17

نعم، الَّذي يرد على دلالة صحيحة الفضلاء المتقدِّمة: أنَّها اشتملت على ما أجمع الأعلام على بطلانه، وهو الاجتزاء بنصف صاع من الحنطة.

والجواب عن ذلك: أنَّه ورد عندنا في جملة من الرِّوايات إعطاء نصف صاع من الحنطة، كما سيأتي بيانها ­ إن شاء الله تعالى ­ عند الكلام عن مقدار الفِطْرة، وسيأتي أيضاً أنَّ هذه الرِّوايات محمولةٌ على التَّقيّة.

وعليه، فيكون هذا المقطع من صحيحة الفضلاء محمولاً على التَّقيّة، ولا مانع من التَّفكيك بين فقرات الرِّواية، كما ذكرنا في أكثر من مناسبة.

قال الشَّيخ (رحمه الله) في الاستبصار: «ووجه التَّقيّة في ذلك: أنَّ السُّنة كانت جاريةً في إخراج الفِطْرة بصاع عن كلِّ شيءٍ، فلمَّا كان زمن عثمان، وبعده من أيام معاوية جعل نصف صاع من حنطة بإزاء صاع من تمر، وتابعهم النَّاس على ذلك، فخرجت هذه الأخبار وفاقاً لهم على جهة التَّقيّة».

وأمَّا ما اشتملت عليه هذه الصَّحيحة من الإجتزاء بنصف صاع من شعير، فهو مخالفٌ لكلِّ المسلمين، ولا يمكن حمله على التَّقيّة، وسيأتي الجواب عنه قريباً ­ إن شاء الله تعالى ­ عند الكلام عن مقدار الفِطْرة.

 

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ولو خرج وقتها، فالأقرب: وجوب قضائها، سواء عزلها أو لا. وقال ابن إدريس: تكون أداءً(1)

(1) يقع الكلام في خمسة أمور:

الأوَّل: كيف يتحقَّق عزل الزَّكاة؟

الثَّاني: في دليل على جواز العزل.

الثَّالث: في جواز دفع الزكاة المعزولة إلى المستحقّ بعد خروج الوقت بعنوان زكاة الفِطْرة، وذلك على القول بجواز العزل.

الرَّابع: إذا لم يخرجها، ولم يعزلها، وخرج الوقت، فهل يسقط الوجوب بخروج الوقت، أم لابُدّ من إخراجها خارج الوقت ولو قضاءً؟

الخامس: في جواز نقلها إلى بلد آخر، مع وجود المستحقّ أو عدمه؟

أمَّا الأمر الأوَّل: فالمعروف بينهم أنَّ العزل يتحقَّق في تعيينها في مال بقدرها، إمَّا من نفس جنسها أو بقيمتها.

وعليه، فيعزل الحنطة مثلاً أو يعزل قيمتها، فتكون حينئذٍ في يده أمانةً؛ إذِ المكلَّف يكون كالوليّ عن المستحقّ، فيقوم قبضه واستيلاؤه مقام قبضه، ولذا ينوي التّقرُّب بالعزل.

قال في المسالك: «المراد بالعزل: تعيينها في مال خاصّ بقدرها في وقتها بالنِّيّة، وفي تحقُّق العزل مع زيادته عنها احتمال، ويضعف بتحقُّق الشرَّكة، وأنَّ ذلك يُوجب جواز عزلها في جميع ماله، وهو غير المعروف من العزل، ولو عزل أقلّ منها اختصّ الحكم به».

قال صاحب الجواهر ­ بعد نقله لكلام الشَّهيد الثَّاني في المسالك ­: «قلتُ: ينبغي أن يكون المدار على صِدْق العزل عرفاً، ولا ريب في عدم صدقه بالعزل في جميع المال ونحوه، أمَّا اعتبار عدم الزِّيادة فيه أصلاً فمحلّ منع، خصوصاً مع رفع اليد عن الزِّيادة، ودعوى اعتبار التَّشخيص في المعزول على معنى اعتبار عدم الشَّركة فيه أصلاً واضحة المنع، ضرورة صِدْق العزل بالمال المشترك بينه وبين غيره، فالأَولى تعليق الحكم على ما ذكرنا...».

والإنصاف في المسألة: أنَّ العزل لا يتحقَّق في المال المشترك؛ لأنَّ معنى العزل هو التَّعيين والتَّشخيص، وكيف يتشخَّص مع الاشتراك؟!

نعم، إذا رفع يده عن الزِّيادة، وجعلها صدقةً مستحبَّةً، فيصدق العزل؛ لأنّ المجموع يصبح للفقير.

ولعلَّ العزل مع الزِّيادة القليلة هو الغالب؛ لنُدْرة عزل المساوي تحقيقاً، لاسيَّما إذا كان من جنسه.

الأمر الثَّاني: لا إشكال في جواز العزل، كما تقدَّم ذلك في زكاة المال، فإنَّ العزل، وإن كان على خلاف القاعدة، إلاَّ أنَّ الرِّوايات الكثيرة دلَّت على جوازه:

منها: موثقة إسحاق بن عمَّار المتقدِّمة عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَاْل: سألتُه عن الفِطرْة، فقال: إذا عزلتها فلا يضرُّك متى أعطيتها، قبل الصَّلاة أو بعد الصَّلاة»([1])، وهي مسندة إلى الإمام الصَّادق (عليه السلام) في الفقيه، ومضمرة في التَّهذيب.

ومنها: صحيحة زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) «في رجلٍ أخرج فطرته فعزلها حتَّى يجد لها أهلاً، فقال: إذا أخرجها من ضمانه فقد برئ، وإلاَّ فهو ضامن لها حتَّى يُؤدِّيها إلى أربابها»([2]).

ومنها: مرسلة ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام): «قَاْل: في الفِطْرة إذا عزلتها وأنت تطلب بها الموضع، أو تنتظر بها رجلاً، فلا بأس به»([3])، ولكنَّها ضعيفة بالإرسال.

ولا يخفى عليك: أنَّ مقتضى إطلاق هذه الرِّوايات عدم الفرق بين وجود المستحقّ وعدمه.

وأمَّا ما يُتوهّم من صحيحة زرارة: من أنَّ العزل مشروطٌ أو مقيّدٌ بعدم وجود المستحق، فلا يخفى ضعفه.

الأمر الثَّالث: المعروف بين الأعلام أنَّه إذا عزلها، وخرج وقت الفطرة، جاز دفعها إلى المستحقّ بعد خروج الوقت بعنوان زكاة الفِطْرة.

ويدلُّ على ذلك: الرِّوايات المتقدِّمة في الأمر الثَّاني المستدلّ بها على جواز العزل، فإنَّها دالَّةٌ بوضوح على جواز الدَّفع، بل وجوبه، مع العزل مطلقاً.

الأمر الرَّابع: فيما إذا لم يخرجها، ولم يعزلها حتَّى خرج الوقت، فهنا ثلاثة أقوال:

الأوَّل: أنَّها سقطت ولا شيء عليه، ذهب إلى ذلك جماعة من الأعلام، منهم الشَّيخ المفيد، وابنا بابويه، وأبو الصَّلاح، وابن البرَّاج، وابن زهرة، والسّيِّد أبو القاسم الخوئيّ (رحمهما الله). وهو مقتضى الإنصاف عندنا، كما سيتَّضح لك.

الثَّاني: أنَّها لا تسقط، ولكن يأتي بها قضاءً بعد خروج الوقت، ذهب إلى ذلك جماعة من الأعلام: منهم الشَّيخ (رحمه الله) في الخلاف، والشَّهيد الثَّاني (رحمه الله) في المسالك، والمصنِّف (رحمه الله) هنا ­ أي في الدُّروس ­ حيث قال: «ولو خرج وقتها، فالأقرب: وجوب قضائها، سواء عزلها أو لا...».

الثَّالث: ما ذهب إليه ابن إدريس (رحمه الله) من أنَّها لا تسقط، ويأتي بها أداءً.

 

([1]) الوسائل باب 13 من أبواب زكاة الفطرة ح4.

([2]) الوسائل باب 13 من أبواب زكاة الفطرة ح2.

([3]) الوسائل باب 13 من أبواب زكاة الفطرة ح5.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3666
  • تاريخ إضافة الموضوع : الخميس: 29-09-2022
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12