• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الزكاة .
              • القسم الفرعي : زكاة الفِطرة / الزكاة (ارشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 182 _زكاة الفِطرة 15 .

الدرس 182 _زكاة الفِطرة 15

الثَّالث: صحيحة عبد الله بن سنان المتقدِّمة، حيث ورد فيها «وإعطاء الفِطْرة قبل الصَّلاة أفضل، وبعد الصَّلاة صدقة»([1])، فقوله: «قبل الصَّلاة أفضل» معناه أنَّه يجوز بعد الصَّلاة ­ الَّذي هو إلى الزَّوال، وهو انتهاء وقتها ­ لأنَّ الأفضليّة تقتضي المشاركة في الفَضْل، إلاَّ أنه قبل الصَّلاة أفضل.

ولكنَّك عرفت سابقاً أنَّ الأفضليّة هنا محمولةٌ على الوجوب والتّعيُّن، أي يتعيّن الإعطاء قبل الصَّلاة؛ بقرينة قوله: «وبعد الصَّلاة صدقة»؛ إذِ المراد من الصَّدقة هو الصَّدقة المستحبَّة في مقابل زكاة الفطرة الواجبة، فكونها صدقةً مستحبّةً بعد الصَّلاة معناه انتهاء الوقت بأداء الصَّلاة.

ثمَّ إنَّه يمكن أن يكون قوله (عليه السلام): «وإعطاء الفِطْرة قبل الصَّلاة أفضل»، أي أفضل من إعطائها من أوَّل يوم يدخل من شهر رمضان؛ لما سيأتي ­ إن شاء الله تعالى ­ من القول بالجواز؛ لصحيحة الفضلاء، وعليه فيبقى هذا اللفظ على ظاهره.

والخلاصة إلى هنا: أنَّه يُفهم من موثَّقة إسحاق بن عمَّار المتقدِّمة، وصحيحة عبد الله بن سنان المتقدِّمة أيضاً: أنَّ مَنْ يُصلِّي صلاة العيد يكون آخر وقت الإعطاء هو قبل الصَّلاة، فينتهي الوقت بالصَّلاة، وإن صلاَّها أوَّل الوقت.

وأمَّا مَنْ لم يصلِّ صلاة العيد، فلا إشكال أنّ وقته يمتد إلى الزَّوال، وإنَّما الكلام في امتداده إلى آخر النَّهار، أي الغروب، وهو القول الثَّالث من الأقوال المتقدِّمة.

وقد يستدل للامتداد إلى الزَّوال فقط بما رواه ابن طاووس في الإقبال نقلاً من كتاب عبد الله بن حمَّاد الأنصاريّ عن أبي الحسن الأحمسيّ عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَاْل: أدِّ الفِطْرة عن كلِّ حرٍّ ومملوك، فإن لم تفعل خفتُ عليك الفوت، قلتُ: وما الفوت؟ قَاْل: الموت، قلتُ: أقبل الصَّلاة أو بعدها؟ قَاْل: إن أخرجتها قبل الظُّهر فهي فطرة، وإن أخرجتها بعد الظُّهر فهي صدقة، ولا تجزيك، قلتُ: فأُصلِّي الفجر وأعزلها، فيمكث يوماً أو بعض يوم آخر، ثمَّ أتصدَّق بها؟ قَاْل: لا بأس، هي فطرة إذا أخرجتها قبل الصَّلاة...»([2])، فقوله: «وإن أخرجتها بعد الظُّهر فهي صدقة»، يدلُّ بوضوح على انتهاء وقتها بالزَّوال. ولكنَّها ضعيفة: أوَّلاً: بالإرسال؛ لعدم ذكر ابن طاووس (رحمه الله) طريقه إلى كتاب ابن حمَّاد الأنصاريّ.

وثانياً: بعدم وثاقة الأحمسيّ.

أضف إلى ذلك: أنَّ متنها لا يخلو من تشويش، حيث قال في صدرها: «إن أخرجتها قبل الظُّهر فهي فطرة»، والمتبادر من الظُّهر: صلاة الظُّهر.

وقال في ذيلها: «هي فطرة إذا أخرجتها قبل الصَّلاة»،

والمتبادر من الصَّلاة: صلاة العيد.

وعليه، فالمناط في الصدر هو صلاة الظُّهر، وفي الذَّيل صلاة العيد، ولا يخفى ما فيه من تهافت واضطراب في الدَّلالة.

قال صاحب الحدائق (رحمه الله): «والأقرب عندي: أنَّ لفظ «الظُّهر» في الخبر وقع سهواً من الرَّاوي، أو غلطاً في النَّسخ، وإنَّما «الصَّلاة»...».

وفيه: أنَّ ما ذكره صاحب الحدائق (رحمه الله)، وإن كان هو المظنون، إلاَّ أنَّ الظَّنّ لا يُغني من الحقّ شيئاً، ولا يجوز التَّعويل على هذه الاحتمالات في الرِّوايات.

ولكنَّ الَّذي يهوِّن الخطب: أنَّ الرِّواية ضعيفة.

والحاصل: أنَّه لا إشكال في امتداد الوقت إلى الزَّوال لمَنْ لم يصلِّ صلاة العيد.

وقد يستدلّ للقول الثَّالث القائل بالامتداد إلى الغروب: بالاستصحاب، حيث إنَّ عندنا يقينٌ بامتداد الوجوب إلى الزَّوال، وشكٌّ في البقاء إلى الغروب، فيُستصحب بقاؤه.

وفيه: أنَّ الاستصحاب لا يجري في الشُّبهات الحكميّة الكُليّة على ما ذهبنا إليه.

وعليه، فتصل النَّوبة إلى البراءة من وجوب إعطاء الفِطْرة بعد الزَّوال، حيث إنّ مقتضى أصل البراءة هو العدم، ومن هنا قلنا: سقط الوجوب بالزوال.

نعم، الأحوط أن يدفع بقصد الأعمّ من الفِطْرة والصَّدقة المستحبّة.

والنَّتيجة في نهاية المطاف: أنَّ مَنْ يُصلِّي صلاة العيد ينتهي وقت الفِطْرة عنده بأداء الصَّلاة.

وأمَّا مَنْ لم يصلِّ صلاة العيد، فيمتدّ الوقت عنده إلى الزَّوال، وبعده يسقط الوجوب، والله العالم بحقائق أحكامه.

 

([1]) الوسائل باب 12 من أبواب زكاة الفطرة ح1.

([2]) الوسائل باب 5 من أبواب زكاة الفطرة ح16.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3664
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 27-09-2022
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12