• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الصلاة .
              • القسم الفرعي : مكان المصلي / بحث الفقه .
                    • الموضوع : الدرس255 _مكان المصلي 48 .

الدرس255 _مكان المصلي 48

(1) قال المصنّف R في الذكرى: «يستحبّ الوقف على المساجد، بل هو من أعظم المثوبات، لتوقّف بقاء عمارتها غالباً عليه التي هي من أعظم مراد الشارع...».

أقول: ذهب المشهور إلى جواز الوقف على المساجد، وقد روى الشّيخ R في التهذيب، والشّيح الصّدوق R في كتاب العِلل، وكذا في كتاب من لا يحضره الفقيه عن أبي الصحارى عن أبي عبد الله N «قال: قلتُ: رجل اشترى داراً، (فبناها) فبقيت عَرْصةً، فبناها بيت غلّة، أيُوقفه على المسجد؟ قال: إنّ المجوس أوقفوا (وقفوا) على بيت النار»[i]f837، ولكنّها ضعيفة بجهالة أبي الصحارى، وبعدم وثاقة جعفر بن علي، وأبيه.

ثمّ إنّه ما المراد من هذه الرواية؟ هل المراد منها الجواز، باعتبار أنّ المجوس وقفوا على بيت النار، فأنتم أَولى بذلك على مساجدكم؟ أو أنّ المراد المنع، بمعنى أنّ هذا من فِعْل المجوس، فليس لكم الاقتداء بهم، والمتابعة لهم؟

هذا، وقد ذكر صاحب الوسائل R: «أنّ بعض نسخ العِلل تضمنت «لا» بعد قوله: «أيُوقفه على المسجد» قال: «لا، إنّ المجوس...»، وبناءً على هذه النسخة تفيد الرّواية المنع من الوقف على المساجد.

وعلى هذا المعنى بنى الشّيخ الصّدوق R في كتاب الصّلاة من كتاب مَنْ لا يحضره الفقيه «قال: سُئِل الصّادق N عن الوقوف على المساجد، فقال: لا يجوز، فإنّ المجوس وقفوا على بيوت النار»[ii]f838.

ذهب أكثر العلماء إلى أنّ هذه الرّواية غير الرّواية السّابقة، وإن كانت ضعيفة بالإرسال، قال المصنّف R في الذكرى: «وروى ابن بابويه أنّ الصّادق N سُئِل عن الوقف، ­ إلى أن قال ­ وأجاب بعض الأصحاب بأنّ الرّواية مرسلة، وبالإمكان حملها على ما هو محرّم فيها، كالزخرفة والتصوير».

هذا، وذهب صاحب الحدائق R إلى أنّها ليست روايةً ثانيةً، بل هي نفس الرواية الأُولى، إلاّ أنّ الشّيخ الصّدوق R نقلها بالمعنى ثمّ قال: «وهذا أحد المفاسد في نقل الخبر بالمعنى».

أقول: سواء أكانت روايةً مستقلةً، أم لا، لا يهمّنا كثيراً، بعد كونهما ضعيفتين.

ومن هنا كان الإنصاف: هو استحباب الوقف عليها لِما ذكره المصنّف R في الذكرى، ويشمله أيضاً عموم ما دلّ على استحباب الوقف، والصدقة الجارية، والله العالم.

(1) هل يُعتبر في تحقّق المسجديّة صيغةُ الوقف، كأن يقول: وقفت، وشبهها، ولو بأنْ يقول: جعلتُه مسجداً، ويأذن في الصّلاة فيه، فيصلّى فيه ولو واحداً، أو يكفي مجرّد النية وإن لم يتلفظ.

قال المصنِّف R في الذكرى: «إنَّما تصير البقعة مسجداً بالوقف، إمَّا بصيغة (وقفت) وشبهها، وإمَّا بقوله: (جعلتُه مسجداً)، ويأذن بالصّلاة فيه، فإذا صلّى فيه واحد تمّ الوقف.

ولو قبضه الحاكم أو أذن في قبضه، فالأقرب أنّه كذلك، لأنّ له الولاية العامّة؛ ولو صلّى فيه الواقف فالأقرب الاكتفاء بعد العقد.

ولو بناه بنية المسجد لم يصرْ مسجداً.

نعم، لو أَذِن للنّاس بالصّلاة فيه بنية المسجديّة، ثمّ صلّوا، أمكن صيرورته مسجداً، لأنّ معظم المساجد في الإسلام على هذه الصّورة.

وقال الشّيخ R في المبسوط «إذا بنى مسجداً خارج داره في ملكه، فإن نوى به أن يكون مسجداً يصلّي فيه كلّ مَنْ أراد زال ملكه عنه، وإن لم ينوِ ذلك فمُلْكه باقٍ عليه، سواء صلّي فيه أو لم يصلَّ»، فظاهره الاكتفاء بالنيّة.

وأَوْلى منه إذا صلّى فيه، وليس في كلامه دلالة على التلفّظ، ولعلّه الأقرب، وقال ابن إدريس R: «إن وقفه، ونوى القربة، وصلّى فيه النّاس، ودخلوه، زال ملكه عنه» انتهى كلامه رفع مقامه.

أقول: ظاهر كلام المصنّف R في الذكرى موافقة الشّيخ في المبسوط، ولكنّه اعتبر فيه على الظاهر الصّلاة فيه، ولو من الواقف، لأنّه قال: «ولو بناه بنية المسجد لم يصرْ مسجداً ؛ نعم لو أذن للنّاس...»، كما أنّ صاحب الحدائق R استقرب ما ذكره الشّيخ R في المبسوط.

هذا، واختار صاحب الجواهر R القول الأوَّل، أي اشتراط الصيغة، قال: «ويقوى في النّظر الأوّل، للأصل، وظهور إطباقهم في باب الوقف على الافتقار فيه إلى اللفظ، بل حُكِي عن المبسوط نفسه هناك التصريح بأنّه لا بدّ من التلفّظ بالوقف في خصوص ما نحن فيه من غير تردّد، ولا ذُكِر خلاف، إلاَّ من أبي حنيفة، ولم يُعلم كون معظم المساجد في الإسلام بدون تلفظ، ويكفينا في جواز الصّلاة فيها اشتهارها في المسجديّة، ولا حاجة إلى الفحص عن كيفيّة الوقف، كما في غيره من العقود من النكاح، وغيره...».

أقول: لا دليل على اعتبار الصّيغة في الوقف، بل يكفي فيه المعاطاة، فلو بنى المكان بنيّة كونه مسجداً، وأذن بالصّلاة فيه، وصلّى فيه، ولو واحداً، كفى في صيروته مسجداً.

ويشير إلى ذلك ما تقدّم من روايتي أبي عبيدة الدَّالتَيْن على جمعه الأحجار في الطريق بين المدينة ومكّة ليَبني مسجداً، فإنّ الإمامَيْن J قد أقرَّاه على ذلك، ولم يتعرض فيهما لحكاية الوقف في تحقّق المسجديّة.

ويشير إلى ذلك أيضاً ما تقدّم من صحيحة عبد الله بن سنان الواردة في بناء مسجد الرّسول C، حيث لم يتعرّض فيها لحكاية الوقف في أصل المسجد، ولا في هذه الزّيادات في كلّ مرّة، ولو كان ذلك شرطاً في المسجديّة لكان أَوْلى بالحكاية والنقل من تلك الأمور المذكورة فيها.

وممَّا ذكرنا يتضح لك عدم صحّة قول صاحب الجواهر R من إطباقهم في باب الوقف على الافتقار فيه إلى اللفظ.

إن قلتَ: إذا كان يكفي في صحة الوقف المعاطاة، والمعاطاة من العقود الجائزة، فيلزم منه إمكان رجوع الواقف في العين الموقوفة، مع أنّه لا يصحّ الرّجوع في الوقف، وهذا يدلّ على أنّ الوقف يحتاج إلى صيغة، ولا يكفي فيه مجرد المعاطاة.

قلت: هذا الإشكال في غير محلّه، لأنّ المعاطاة من العقود اللازمة، فيشملها قوله تعالى «أوفوا بالعقود».

 

[i]


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=365
  • تاريخ إضافة الموضوع : الخميس: 17-12-2015
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12