• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الزكاة .
              • القسم الفرعي : بقية احكام الزكاة / الزكاة (ارشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 155 _بقيّة أحكام الزكاة 5 .

الدرس 155 _بقيّة أحكام الزكاة 5

 

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: فتُحتَسَب عند الوجوب بشرط بقائه على صفة الاستحقاق(1)

(1) المعروف بين الأعلام أنَّه لو دفع له مالاً على جهة القرض فحضر وقت الوجوب جاز احتسابه من الزَّكاة إن شاء كغيره من الدَّين على الفقير، بشرط بقاء القابض على صفة الاستحقاق، وبقاء الوجوب في المال.

وأمَّا لو دفع بعنوان الزَّكاة، وقلنا: بعدم جواز التَّعجيل ­ كما هو الصَّحيح ­ فالمتَّجه بقاء المال على ملك الدَّافع مع وجود عينه؛ ضرورة عدم كونه قرضاً، لعدم قصده، وعدم كونه زكاة؛ لأنَّ الفرض عدم جواز التَّعجيل، ويكون مضموناً على القابض بالمثل أو القيمة مع التَّلف إن كان عالماً بالمال.

وأمَّا لو كان مغرّراً به من المالك ­ كما إذا لم يعلم بالحال، ودفعها إليه على أنَّها زكاة ­ وتلفت في يده، فمقتضى الإنصاف: عدم الرُّجوع عليه؛ لكونه مغروراً.

ثمَّ لا يخفى عليك: أنَّ معنى الاحتساب هو أن يجعل ماله في ذمَّة المديون بدلاً عمَّا عليه من الزَّكاة، فيحتسب أحدهما مكان الآخر، والدَّليل على جواز الاحتساب هو الرِّوايات الدَّالّة على جواز احتساب الدَّين من الزَّكاة، والتي منها: صحيحة عبد الرَّحمان بن الحجَّاج «قال: سألتُ أبا الحسن الأوَّل (عليه السلام) عن دَين لي على قوم قد طال حبسه عندهم لا يقدرون على قضائه وهم مستوجبون للزَّكاة، هل لي أن أدعه فأحتسب به عليهم من الزَّكاة؟ قال: نعم»([1])، وكذا غيرها.

وأمَّا الرِّوايات الخاصَّة الدَّالّة على جواز الإقراض ثمَّ الاحتساب بعد حلول الحول، فهي ضعيفة السَّند:

منها: رواية يونس بن عمَّار «قال: سمعتُ أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قرض المؤمن غنيمة، وتعجيل أجر، إن أيسر قضاك، وإن مات قبل ذلك احتسبتَ به من الزَّكاة»([2])، وهي ضعيفة بجهالة إبراهيم بن السّنديّ ويونس بن عمَّار.

ومنها: رواية عقبة بن خالد عن أبي عبد الله (عليه السلام) ­ في حديث ­ «إنَّ عثمان بن بهرام (عمران) قال له: إنِّي رجل موسر، ويجيئني الرَّجل، ويسألني الشَّيء، وليس هو إبّان زكاتي؟ فقال له أبو عبد الله: القرض عندنا بثمانية عشر والصَّدقة بعشرة، وماذا عليك إذا كنت كما تقول مُوسراً أعطيته، فإذا كان إبَّان زكاتك احتسبت بها من الزَّكاة، يا عثمان لا تردّه، فإنَّ ردّه عند الله عظيم»([3])، وهي ضعيفة بسهل بن زياد، وبعدم وثاقة عقبة بن خالد.

ومنها: رواية هيثم الصيرفي وغيره عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال: القرض الواحد بثمانية عشر، وإن مات احتسب بها من الزَّكاة»([4])، وهي ضعيفة بجهالة هيثم الصَّيرفي.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ولوِ استغنى بها احتسبت (احتسب) وأجزأت وإن لم ينتزعها منه، ثمَّ يعيدها إليه(1)

(1) المعروف بين الأعلام أنَّه إذا استغنى المقترض بعين المال، ثمَّ حال الحول جاز احتسابه عليه، ولا يكلَّف المالك أخذه وإعادته؛ لبقائه على صفة الفقر بسبب هذا الدَّين، ولما ذكرناه سابقاً من اعتبار ما يقابل الدَّين من مؤونة السَّنة التي يحصل بها وصف الغنى المانع من الاحتساب.

وبالجملة، فقد ذكرنا في مبحث الغارمين أنَّ المراد من الفقير ليس خصوص مَنْ لا يملك مؤونة السَّنة فعلاً أو قوَّةً، بل مَنْ لا يتمكَّن من قضاء الدَّين يكون فقيراً أيضاً؛ لأنَّ وفاء الدَّين من جملة مؤونة السَّنة، بل قد يكون أهمّ من بقيَّة المؤن، فإذا لم يكن عنده ما يفي به الدَّين كان فقيراً.

وعليه، فالغني هو مَنْ كان يملك مؤونة السَّنة فعلاً أو قوَّةً مع قدرته على قضاء الدَّين، وإلاَّ فهو فقير.

واستدلّ العلاَّمة (رحمه الله) في المنتهى على جواز الاحتساب في هذه الصَّورة: «بأنَّ العين إنَّما دفعت إليه ليستغني بها وترتفع حاجته، وقد حصل الغرض، فلا يمنع الإجزاء، وبأنَّا لو استرجعناها منه لصار فقيراً فجاز دفعها إليه بعد ذلك، وذلك لا معنى له»، وهو جيِّد؛ إذ هو كالفقير الَّذي يدفع إليه ما يغنيه.

وهذا خلافاً لابن إدريس (رحمه الله) في السَّرائر، حيث منع من جواز الاحتساب عليه، قال: «وعندنا أنَّ مَنْ عليه دين، وله من المال الذَّهب والفضَّة بقدر الدَّين، وكان ذلك المال الذي معه نصاباً، فلا يُعطى من الزَّكاة، ولا يُقال: إنَّه فقير يستحقّ الزَّكاة، بل يجب عليه إخراج الزَّكاة ممَّا معه، لأنَّ الدَّين عندنا لا يمنع من وجوب الزَّكاة، لأنّ الدَّين في الذِّمّة، والزَّكاة في العين».

وفيه: ما لا يخفى، فإنَّ ما ذكره أخيراً لا ربط له فيما نحن فيه، وما ذكره أوَّلاً يندفع بما ذكرناه، والله العالم.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ولوِ استغنى بغيرها لم يجزئ، وإن كان بنمائها أو ارتفاع قيمتها(1)

(1) قال صاحب المدارك (رحمه الله): «أمَّا استعادة القرض على تقدير استغناء المقترض بغيره فظاهر؛ لتحقق الغنى المانع من الاستحقاق، وتتحقّق المغايرة باستغنائه بنماء المدفوع أو ربحه أو زيادة قيمته على قيمته حين القبض، بحيث يبقى الغنى مع أخذ تلك القيمة».

أقول: إذا كان الاستغناء بنماء المدفوع أو ربحه فحكمه واضح، وهو عدم جواز الاحتساب عليه؛ لخروجه عن حدّ الفقر، حيث يبقى الغنى إذا أخذ المالك قيمة المدفوع.

وأمَّا إذا كان الاستغناء بارتفاع قيمة المدفوع، فإن قلنا: إنَّ المدفوع إليه يضمن قيمة القرض أو مثله يوم قبض القرض ­ كما هو الصَّحيح ­ فلا يجوز الاحتساب حينئذٍ، لكونه غنيّاً عند نهاية السَّنة، فلو أقرضه عشرة من الغنم قبل حلول وقت الزَّكاة، وكانت قيمتها حين القرض عشرة دنانير، ثمَّ ارتفعت قيمتها وأصبحت مائة دينار حين حلول وقت الزَّكاة، وكان يحتاج في مؤونته ومؤونة عياله في السَّنة ما يقارب الثَّمانين ديناراً إلى التِّسعين، ففي هذه الصُّورة لا يجوز الاحتساب عليه من الزَّكاة لكونه غنيّاً بعد أدائه الدَّين.

وأمَّا إذا قلنا: بأنَّه يضمن قيمة القرض أو مثله يوم الأداء ­ الَّذي هو زمان الاحتساب ­ فيصحّ الاحتساب حينئذٍ؛ لأنَّ ارتفاع القيمة في ذلك اليوم يُوجب زيادة الدَّين، فلا يصير به غنيّاً.

وبالجملة، فإنَّ اشتغال الذّمة في يوم الأداء ­ الَّذي هو يوم الاحتساب ­ كانت بتمام الزِّيادة، فلا يكون غنيّاً.

 

([1]) الوسائل باب 46 من أبواب المستحقين للزكاة ح2.

([2]) الوسائل باب 49 من أبواب المستحقين للزكاة ح1.

([3]) الوسائل باب 49 من أبواب المستحقين للزكاة ح2.

([4]) الوسائل باب 49 من أبواب المستحقين للزكاة ح8.

 


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3636
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 11-05-2022
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12