قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ولا يجوز تقديمها على وقت الوجوب. ورُوي جوازه: بأربعة أشهر، وبسبعة أشهر، وفي أوَّل السّنة. وقال الحسن: تُقدّم من ثلث السّنة. وحُمِل على القرض(1)
(1) كان الكلام فيما سبق في تأخير الزَّكاة، وقد عرفت ما هو مقتضى الإنصاف. وأمَّا بالنِّسبة إلى تعجيلها، فالمشهور بين الأعلام أنَّه لا يجوز تقديمها قبل وقت الوجوب، وفي المدارك: «هذا هو المشهور بين الأصحاب، ذهب إليه الشَّيخان والمرتضى وأبو الصَّلاح وابنا بابويه وابن إدريس، وغيرهم...».
ونُقل عن ظاهر ابن أبي عقيل وسلاَّر (رحمهما الله) جواز التَّعجيل، قال ابن أبي عقيل (رحمه الله): «ومَنْ أتاه مستحقّ فأعطاه شيئاً قبل حلول الحَوْل، وأراد أن يحتسب به من زكاته أجزأه إذا كان قد مضى من السَّنة ثلثها إلى ما فوق ذلك، وإن كان قد مضى من السَّنة أقلّ من ثُلثها فاحتسب به من زكاته لم يجزئه، بذلك تواترت الأخبار عنهم (عليهم السلام)...»، وقال سلاّر (رحمه الله): «وقد ورد الرسم بجواز تقديم الزكاة عند حصول المستحق...».
أقول: لابدّ من ذكر أدلَّة الطّرفَيْن حتَّى نكون على بيّنة من أمرنا:
أمَّا ما ذهب إليه المشهور، بل جُلّ العلماء من عدم جواز التَّعجيل، فقد استدلّ له بعدَّة أدلَّةٍ:
منها: الرِّوايات المتقدِّمة الدّالَّة على أنَّ حول الحول شرط في الوجوب فلا يجوز تقديم الواجب عليه، كما لا يقدّم على النّصاب.
إن قلت: إنَّ القائل بالتَّعجيل يدَّعي كونه رخصةً يسقط به الواجب، لا أنَّه واجب من أوَّل السَّنة، كالخمس عند ظهور الرِّبح.
قلتُ: لو كان الأمر كذلك لما استعيدت العين من المدفوع إليه إن خرج الدَّافع أو المال عن صفة الوجوب؛ ضرورة كونه حينئذٍ كتقديم الغسل يوم الخميس، وكتقديم صلاة اللَّيل على وقتها، مع أنَّ المعروف بينهم هو استعادة العين من المدفوع إليه إن خرج الدَّافع أو المال عن صفة الوجوب.
ومنها: حسنة عمر بن يزيد «قال: قلتُ لأبي عبد الله (عليه السلام): الرجل يكون عنده المال، أيزكّيه إذا مضى نصف السَّنة؟ فقال: لا، ولكن حتَّى يحول عليه الحول ويحلّ عليه، إنَّه ليس لأحد أن يصلِّي صلاة إلاَّ لوقتها، وكذلك الزَّكاة، ولا يصوم أحد شهر رمضان إلاَّ في شهره، إلاَّ قضاءً، وكلّ فريضةٍ إنَّما تُؤدَّى إذا حلَّت»([1]).
ومنها: حسنة زرارة «قال: قلتُ لأبي جعفر (عليه السلام): أيزكّي الرَّجل ماله إذا مضى ثُلث السَّنة؟ قال: لا، تُصلَّى الأُولى قبل الزَّوال؟!»([2]).
([1]) الوسائل باب 51 من أبواب المستحقين للزكاة ح2.
([2]) الوسائل باب 51 من أبواب المستحقين للزكاة ح3.
|