• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الزكاة .
              • القسم الفرعي : اصناف المستحقين للزكاة / الزكاة (ارشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 112 _اصناف المستحقين للزكاة 13 .

الدرس 112 _اصناف المستحقين للزكاة 13

 

وأمَّا القول الأوَّل: وهو اختصاص المؤلَّفة قلوبهم بالكفَّار، فقدِ استدلّ له بما في حاشية الإرشاد لولد الكركيّ: «والمرويّ أنَّهم قوم كفَّار»، وهي ضعيفة بالإرسال.

وقدِ استدلّ أيضاً بمرسل دعائم الإسلام عن أبي جعفر بن علي (عليه السلام) «أنَّه قال في قول الله (عز وجل) : « وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ قال: هم قوم يتألَّفون على الإِسلام من رؤساء القبائل، كان رسول الله (ص)، يُعطيهم ليتألّفهم، ويكون ذلك في كلِّ زمانٍ، إذا احتاج إلى ذلك الإِمام فعله»([1])، وهي ضعيفة أيضاً بالإرسال.

مضافاً إلى احتمال أن يكون المراد من قوله: «يتألَّفهم على الإسلام»، أي يثبتهم على إسلامهم ويقوّيهم عليه.

والخلاصة: أنَّ هذا القول الأوَّل ­ أي الاختصاص بالكفّار ­ ليس تامّاً.

وأمَّا القول الثَّاني ­ وهو أنَّ المؤلَّفة قلوبهم قسمان كفَّار ومسلمون ­: فقدِ اختاره جملة من الأعلام، منهم المحقِّق الهمدانيّ وصاحب الجواهر (رحمهما الله)، حيث قال: «والتَّحقيق بعد التّأمُّل التَّامّ في كلمات الأصحاب والأخبار المزبورة ومعقد الإجماع ونفي الخلاف أن « وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ عامّ للكافرين الذين يُراد ألفتهم للجهاد أو الإسلام، والمسلمين الضُّعفاء (الضَّعيفي خ ل) العقائد، لا أنَّهم خاصّون بأحد القسمَيْن، وإن أطنب في الحدائق في الإنكار على من أدرج الكافرين عملا بظاهر النصوص المزبورة».

وخلاصة ما ذكره صاحب الجواهر (رحمه الله): أنَّ ظهور النُّصوص منافٍ:

أوَّلاً: لإطلاق الآية.

وثانياً: أنَّ العمل بالنُّصوص فيه طرحٌ لمعقد الإجماع، ونفي الخلاف.

وثالثاً: أنَّه معارضٌ بمرسلة حاشية الإرشاد ومرسلة دعائم الإسلام المتقدِّمتَيْن.

ورابعاً: أنَّ هذا الظُّهور منافٍ للصَّحيح أو الحسن عن زرارة ومحمَد بن مسلم «أنَّهما قالا لأبي عبد الله (عليه السلام): أرأيت قول الله تبارك وتعالى: «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ ]التوبة: 60[، أكلُّ هؤلاء يُعطى وإن (كان لا يعرف)؟ فقال: إنَّ الإِمام يُعطي هؤلاء جميعاً لأنَّهم يُقرِّون له بالطَّاعة، قال زرارة: قلتُ: فإن كانوا لا يعرفون؟ فقال: يا زرارة، لو كان يُعطى مَنْ يعرف دون مَنْ لا يعرف لم يُوجد لها موضع، وإنَّما يُعطى مَنْ لا يعرف ليرغب في الدِّين فيثبت عليه، فأمَّا اليوم فلا تعطِها أنت وأصحابك إلاَّ مَنْ يعرف، فمَنْ وجدت من هؤلاء المسلمين عارفاً فأعطه دون النَّاس، ثمَّ قال: سهم المؤلّفة قلوبهم وسهم الرِقاب عامّ، والباقي خاص...»([2]).

قال صاحب الجواهر (رحمه الله) ­ بعد ذكر هذه الصَّحيحة ­: «فإنَّ الظَّاهر أنَّ مراده بالعموم ما ذكرنا...».

أقول: أمَّا ما ذكره أوَّلاً ­ من أنَّ ظاهر النُّصوص منافٍ لإطلاق الآية ­ ففيه: أنَّ ظاهر النُّصوص مقيِّدٌ لإطلاق الآية أو حاكم عليه.

وأمَّا قوله ثانياً: أنَّ العمل بظاهر النُّصوص فيه طرح لمعقد الإجماع ونفي الخلاف.

ففيه: أنَّ الإجماع غير حُجَّة وكذا عدم الخلاف؛ إذ ليس هذا تسالم بين الأعلام كي يكون حُجَّةً، وكيف يتحصّل التَّسالم مع وضوح الخلاف، وتعدُّد الأقوال.

وأمَّا قوله ثالثاً: بأنَّه معارض للمرسلتَيْن.

ففيه: أنَّهما غير حُجَّتَيْن لا قيمة لهما.

وأمَّا قوله رابعاً: «أنَّ هذا الظُّهور منافٍ للصَّحيح...».

ففيه: أنَّ الذي يظهر من صحيحة زرارة ومحمَّد بن مسلم أنَّ فقراتها مختصَّة بالمسلم، لا سيَّما قوله (عليه السلام): «لأنَّهم يُقرِّون له بالطَّاعة»، ولا سيَّما قوله (عليه السلام) أيضاً: «وإنَّما يُعطى مَنْ لا يعرف ليرغب في الدِّين فيثبت عليه».

وأمَّا قوله (عليه السلام): «سهم المؤلفة قلوبهم وسهم الرّقاب عامّ»، فغيرُ ظاهرٍ في العموم للكافر، بل لعلَّه ظاهر في العموم للمسلم غير العارف، وإن لم يكن ظاهراً فيه، فيُحمل عليه بقرينة غيره من النُّصوص.

والخلاصة: أنَّ القول الثَّالث ­ وهو الذي ذهب إليه ابن الجنيد وصاحب الحدائق (رحمهما الله) وبعض الأعلام ­ هو الصحيح عندنا، والله العالم.

والذي يهوِّن الخطب: أنَّه لا يترتَّب على تحقيق ذلك ثمرة مهمَّة بعدما علم أنَّه يجوز للوالي أن يصرف من الزكَّاة في مثل هذه الأمور التي فيها تشييد الدَّين وأنَّه لا يجب التَّوزيع والبسط على الأصناف.

غاية ما في الأمر: أنَّه لو لم يكن الكافر الذي يتألَّف قلبه إلى الإسلام أو إلى الجهاد مندرجاً في موضوع المؤلَّفة قلوبهم ­ كما هو الصحيح عندنا ­ فيندرج ما يصرف إليه بهذا الوجه في سهم سبيل الله، والله العالم بحقائق أحكامه.

 

([1]) مستدرك الوسائل باب 1 من أبواب المستحقين للزكاة ح11.

([2]) الوسائل باب 1 من أبواب المستحقين للزكاة ح1.

 


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3591
  • تاريخ إضافة الموضوع : الخميس: 03-02-2022
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12