• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الزكاة .
              • القسم الفرعي : اصناف المستحقين للزكاة / الزكاة (ارشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 109 _اصناف المستحقين للزكاة 10 .

الدرس 109 _اصناف المستحقين للزكاة 10

 

وبالجملة، فإنَّ القدرة على التّكسُّب لا تمنع من أخذ الزَّكاة لطالب العلم، وإن كان طلب العلم على نحو الاستحباب، فضلاً عن الوجوب؛ لأنَّ عمدة ما يصحّ الاستدلال به للمنع من أخذ الزَّكاة للقادر على الاكتساب هي صحيحة زرارة المتقدِّمة الواردة في تفسير الخبر النَّافي لحلّ الصَّدقة على المحترف والقويّ وذي المرَّة السَّويّ عن أبي جعفر (عليه السلام) «قَاْل: قَاْل رسول الله (ص): لا تحلّ الصَّدقة لغنيّ ولا لذي مرَّة سويّ ولا لمحترف ولا لقويّ، قلنا: ما معنى هذا؟ قَاْل: لا يحلّ له أن يأخذها وهو يقدر على أن يكفَّ نفسه عنها»([1])، وهذه الصَّحيحة، وإن كان ظاهرها يُوهم المنع من أخذ الزَّكاة للقادر على الاكتساب حتى في مورد طلب العلم، إلاَّ أنَّ الظَّاهر عدم إرادة مطلق القدرة منها، بل كونه بالفعل عند العرف متمكناً من القيام بنفقته ونفقة عياله، بحيث يراه العرف بحكم صاحب المال في كفايته بمؤونته.

وعليه، فمثل طلبة العلم الذين جعلوا شغلهم التَّحصيل إذا قصر مالهم عن مؤونتهم غير مندرج في موضوع تلك القضية عرفاً.

وأمَّا قدرتهم على أن يكفّوا أنفسهم عن الزَّكاة باشتغالهم بالكسب بعد أن اتّخذوا تحصيل العلم حرفةً لهم، هي كقدرة أرباب الحرف والصَّنائع ­ الذين يقصر ربحهم عن مؤونتهم ­ على كسب آخر وافٍ بمؤونتهم، فهي غير ملحوظة عند العرف في ما هو ملاك الفقر والغنى وليس للشَّارع اصطلاح خاصّ في هذا الباب.

وعليه، فالرِّوايات النَّافية لحلّ الصَّدقة على المحترف وذي المرَّة السوي هي مسوقة لبيان عدم الفرق في الغنى المانع من حليّة الصَّدقة بين كونه بالفعل غنياً أو بالقوَّة القريبة منه، مثل أرباب الصَّنائع الذين وظيفتهم التَّعيش بكسبهم، لا مثل طلبة العلم الذين لا يراهم العرف كذلك.

فالإنصاف: هو جواز أخذ الزَّكاة لهم، وإن كان طلب العلم مستحبّاً، فضلاً عن كونه واجباً كفائيّاً أو عينيّاً، ولذا يجوز للسَّادة الكرام المشتغلين بطلب العلم الفقراء القادرين على التّكسُّب ولو بعمل لائقٍ بهم أن يأخذوا من سهم السَّادة؛ لما ذكرناه، والله العالم بحقائق أحكامه.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ولو تعفَّف المستحقّ، ففي رواية: هو كمَنْ يمتنع من أداء ما يجب عليه. وتُحمَل على الكراهيّة، إلاَّ أن يخاف التَّلف، فيحرم الامتناع (1)

(1) روى عبد الله بن هلال بن خاقان «قَاْل: سمعتُ أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: تارك الزَّكاة، وقد وجبت له، مثل مانعها، وقد وجبت له»([2])، ولكنَّها ضعيفة بجهالة عبد الله بن هلال بن خاقان (جابان).

ومثلها مرسلة الحسن بن علي عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال: تارك الزَّكاة، وقد وجبت له، كمانعها وقَدْ وجبتْ عليه»([3])، وهي ضعيفة أيضاً بالإرسال.

ولو تمَّتا سنداً لحملتا على الكراهة؛ إذ لا موجب للتَّحريم إلاَّ أن يخاف تلف النَّفس من عدم أخذ الزَّكاة؛ لعدم وجود ما يتقوَّت به، والله العالم.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والعاملون: وهم السُّعاة في تحصيلها جبايةً وكتابةً وحساباً وحفظاً ودلالةً(2)

(2) من أصناف المستحقِّين للزَّكاة العاملون عليها بنصِّ الكتاب المجيد والرِّوايات الكثيرة.

ثمَّ إنَّه يقع الكلام في ثلاثة أمور:

الأوَّل: مَنْ هم العاملون عليها؟

الثَّاني: هل ما يُعطى للعامل من الزَّكاة يكون من باب الاستحقاق لها كاستحقاق الفقير والمسكين، فيكون العامل مستحقّاً لها مجاناً، أم أنَّ ما يُعطى له هو من باب الإجارة على عمله أو من باب الجعالة، فيعيّن له مقداراً.

الثَّالث: في شروط العاملين عليها.

أمَّا الأمر الأوَّل: فالعاملون عليها هم عمَّال الصَّدقات السَّاعون في تحصيلها وتحصينها بأَخْذٍ وكتابة وحساب وحفظ، ونحو ذلك، ولا بدَّ أن يكونوا منصوبين من قِبل الإمام (عليه السلام)، أو نائبه الخاصّ، أو العامّ، وليس لهم أن يتصدّوا من دون إذن الإمام (عليه السلام) أو نائبه الخاصّ أو العامّ؛ لأنَّه تصرُّفٌ في ملك الغير من دون إذنه.

وعليه، في مثل هذه الأزمنة يكون الإذن في التّصدِّي لجمع الَّزكاة وتحصينها من الحاكم الشَّرعيّ النَّائب العامّ للإمام (عليه السلام)، فلو كان الحاكم الشَّرعيّ مبسوط اليد ­ ولو في بعض الأمكنة ­ وقد تمكَّن من جباية الزَّكاة فينصب أشخاصاً لتحصيلها وتحصينها، ونحو ذلك.

ثمَّ إنَّ قسمة الزَّكاة تكون داخلةً في عمل العاملين عليها، إلاَّ أنَّها خارجة عن عملها، قال صاحب الجواهر (رحمه الله): «وفي شرح الفاضل: والقسمة ممَّا لها مدخليَّة في ذلك، لأنَّها تحصيل الزَّكاة لمستحقِّيها، وتحصين لها عن غيره، وعن استبداد البعض بجميعها»، ثمَّ استشكل صاحب الجواهر (رحمه الله) بعد نقله لهذا الكلام، بقوله: «قلتُ: لكن قال العالم (عليه السلام) في المروي عنه في تفسير عليّ بن إبراهيم: «﴿ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ]التوبة: 60[ هم السُّعاة والجباة في أخذها وجمعها وحفظها حتى يؤدّوها إلى مَنْ يقسمها...»([4])، وظاهره خروج القسمة عن العمل، ويمكن إرادة أوَّل الشَّهيدَيْن وغيره من القسمة المذكورة في العمل القسمة مع المالك».

أقول: إنَّ ظاهر الرِّواية، وإن كان خروج القسمة عن عمل العاملين عليها، إلاَّ أنَّ هذه الرِّواية المرويَّة في تفسير عليِّ بن إبراهيم ضعيفة بالإرسال.

وعليه، فإطلاق الآية الشَّريفة شامل للقسمة، حيث لم يقيّد « وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا بعمل مخصوص، والله العالم.

 

([1]) الوسائل باب 8 من أبواب المستحقين للزكاة ح8.

([2]) الوسائل باب 57 من أبواب المستحقين للزكاة ح2.

([3]) الوسائل باب 57 من أبواب المستحقين للزكاة ح3.

([4]) الوسائل باب 1 من أبواب المستحقين للزكاة ح7.

 


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3588
  • تاريخ إضافة الموضوع : الإثنين: 31-01-2022
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12