قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والرَّقيق، إلاَّ في التِّجارة(3)
(3) كما يُستفاد من موثَّقة سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قَاْل: لَيْس على الرَّقيق زكاةٌ، إلاَّ رقيق تبتغي به التِّجارة، فإنَّه مِنَ المال الَّذي يزُكَّى»([1])، والمراد من زكاة الرَّقيق هو دفع عن كلِّ رأسٍ في كلِّ سنةٍ صاع من تمر.
ولكن يُمكن حَمْلها على إرادة نفي التَّأكيد جمعاً بينها وبين حسنة زرارة ومحمَّد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) «أنَّهما سُئِلا عمَّا في الرَّقيق؟ فقالا: لَيْس في الرَّأسِ شيءٌ أكثر مِنْ صاعٍ مِنْ تمرٍ إذا حال عليه الحَوْل، وليس في ثمنه شيءٌ حتَّى يحُول عليه الحَوْل»([2]).
لكن يُحتمل إرادة زكاة الفطرة من هذه الحسنة، على أن تكون ليلة الفطر مرادة من حول الحَوْل فيها، والله العالم.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والعقار المتَّخذ للنَّماء تستحبّ الزَّكاة في حاصله. قيل: ولا يُشترط فيه النِّصاب ولا الحَوْل، والمخرج ربع العُشر(1)
(1) قال في المدارك: «العقار لغةً: الأرض، والمراد هنا ما يعمّ البساتين والخانات والحمَّامات، ونحو ذلك، على ما صرَّح به الأصحاب. واستحبابُ الزَّكاةِ في حاصلها مقطوعٌ به في كلامهم، ولم أقف له على مستند، وقد ذكره في التَّذكرة والمنتهى مجرَّداً عن الدَّليل، ثمَّ قال في التَّذكرة: ولا يُشترط فيه الحَوْل ولا النِّصاب للعموم، واستقرب الشَّهيد في البيان اعتبارهما، ولا بأس به اقتصاراً فيما خالف الأصل على موضع الوفاق إنْ تمَّ».
وفي المسالك: «العِقار المتَّخذ للنَّماء كالدكان، والخان، والحمّام ملحقٌ بالتِّجارة، غير أنَّ مال التِّجارة معدٌّ للانتقال والتبدل وإن لم يتبدَّل، و هذا قارٌّ، وفي إلحاقه به في اعتبار الحَوْل والنِّصاب قولان، وعدم اشتراطهما متوجِّه، وهو خيرة التَّذكرة...».
أقول: لا يوجد دليل على هذا الاستحباب، نعم هو معروف بينهم، ولا رادّ له، فهو متسالم عليه، وكفى به حجة.
أمّا ما حكي عن العلاّمة (رحمه الله) من أنّه «لا يشترط فيه الحول ولا النصاب».
ففيه: أنَّه لم نعثر على هذا العموم.
ولعلَّ مقصوده من العموم رواية شعيب المتقدِّمة: «كُلُّ شيءٍ جرَّ عليك المال فزكِّه، وكلُّ شيءٍ وَرِثته أو وُهِبَ لك فاسْتَقبِل به»([3])، بناءً على رفع «المال»، حيث إنَّ ظاهرها ثبوت الزَّكاة في مطلق الأرباح المكتسبة بالأموال، خصوصاً إذا كانت الأموال في الأصل متَّخذةً بقصد الاسترباح، كما في العقار المتَّخذ للنَّماء.
وفيه أوَّلاً: أنَّها ضعيفة باشتراك شُعيب بين الثِّقة والضَّعيف.
وثانياً: أنَّه لم يعمل أحد بهذا العموم.
والخلاصة: أنَّه لا يُوجد مستند لأصل هذا الحكم إلاَّ التَّسالم، وينبغي الاقتصار على القدر المتيقَّن منه، والقدر المتيقَّن منه هو اعتبار الحَوْل والنِّصاب فيه.
هذا، وقد ذكر جماعة من الأعلام منهم الماتن والعلاَّمة وأبو العبَّاس والصَّيمري والمحقِّق الثَّاني (رحمهم الله) أنَّ القدر المخرج هنا هو ربع العشر كزكاة التِّجارة، ولا بأس به.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ولا زكاة في الفرش والآنية والأقمشة للقنية(1)
(1) المعروف بينهم عدم استحباب الزَّكاة في تلك الأمور، وفي الجواهر: «بلا خلاف أجده فيه، بل في التَّذكرة: لا تستحبّ الزَّكاة في غير ذلك من الأثاث والأمتعة والأقمشة المتَّخذة للقنية بإجماع العلماء...».
أقول: ويقتضيه أيضاً الأصل.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وروى شُعيب عن الصادق (عليه السلام): «كلُّ شيءٍ جرَّ عليك المال فزكِّه، وما ورثته أو اتهبته فاستقبل به». وروى عبد الحميد عنه (عليه السلام): «إذا ملك مالاً آخر في أثناء حول الأوَّل زكَّاهما عند حول الأوَّل». وفيهما دلالة على أنَّ حول الأصل يستتبع الزَّائد في التِّجارة وغيرها، إلاَّ السِّخال، ففي رواية زرارة عنه (عليه السلام): «حتّى يحول عليها الحَوْل من يوم تنتج»(1)
(1) ذكرنا هذه الرِّوايات الثَّلاث عند قول المصنِّف (رحمه الله) سابقاً: «ولو زاد اعتبر له حول من حين الزِّيادة»، وقلنا: إنَّ رواية شُعيب ورواية عبد الحميد ضعيفتا السَّند.
وقلنا أيضاً: إنَّ رواية عبد الحميد حتى لو قلنا باعتبارها، فإنَّه يردُّ علمها إلى أهله (عليهم السلام)، فراجع ما ذكرناه، ولا حاجة للإعادة.
قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وروى رفاعة عنه (عليه السلام): «لا عشر في الخراجيَّة». وفي إجزاء ما يأخذه الظَّالم زكاة قولان، أحوطهما الإعادة(1)
(1) ذكرنا هذه المسألة بالتَّفصيل في مبحث المكاسب عند الكلام عن شراء المقاسمة والخراج والزَّكاة من الظَّالم، فراجع.
وقع الفراغ منه صبيحة يوم الجمعة في اليوم الحادي عشر من محرَّمٍ الحرام، سنة 1443 للهجرة، الموافق لليوم العشرين من شهر آب سنة 2021 للميلاد، وذلك في مسقط رأسي المجادل، والحمد لله ربِّ العالمين.
([1]) الوسائل باب 17 من أبواب ما تجب فيه الزَّكاة وما تستحب فيه ح2.
([2]) الوسائل باب 17 من أبواب ما تجب فيه الزَّكاة وما تستحب فيه ح1.
([3]) الوسائل باب 16 من أبواب زكاة الذهب والفضة ح1.
|