• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الزكاة .
              • القسم الفرعي : زكاة مال التجارة / الزكاة (ارشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 91 _زكاة مال التجارة 4 .

الدرس 91 _زكاة مال التجارة 4

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ولا بدّ من بقاء النِّصاب(1)

(1) المعروف بين الأعلام أنَّه يعتبر بقاء النِّصاب في الحَوْل كلِّه، فلو نقص في أثناء الحَوْل، ولو يوماً سقط الاستحباب، كما سقط الوجوب في زكاة النَّقدَيْن، وغيرهما ممَّا اعتُبر فيه النِّصاب والحَوْل.

وفي المدارك: «وأمَّا اعتبار وجوده في الحَوْل كلِّه، فهو مذهب علمائنا وأكثر العامَّة...»، وفي الجواهر: «بلا خلاف أجده فيه...».

وبالجملة فالمسألة متسالم عليها.

وحُكِي عن بعض العامَّة الخلاف في ذلك، حيث ذهب بعضهم إلى اعتبار النِّصاب في أوَّل الحَوْل وآخره، لا في وسطه، وقال بعضهم: ينعقد الحَوْل على ما دون النِّصاب، فإنَّ تمَّ الحَوْل وقد كمل النِّصاب وجبت الزَّكاة. ولا ريب في بطلان هذَيْن القولَيْن؛ إذ هو خلاف المتسالم عليه بيننا وبين أكثر العامَّة.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: وسلامة رأس المال طول الحَوْل(2)

(2) المراد أنَّه يُشترط في زكاة التِّجارة وجود رأس المال طول الحَوْل، فلو نقص رأس ماله في الحَوْل كلِّه، أو في بعضه لم يُستحبّ.

والخلاصة: أنَّه يُشترط أن لا تنقص قيمته السُّوقيّة عن رأس ماله طول الحَوْل، وهذا الشَّرط متَّفق عليه بين الأعلام، وفي المعتبر: «وعلى ذلك فقهاؤنا أجمع»، وفي الجواهر: «بلا خلاف أجده فيه...».

أقول: تدلُّ على هذا الشَّرط ­ مضافاً لما تقدَّم ­ جملة من الرِّوايات بلغت حدَّ الاستفاضة:

منها: حسنة محمَّد بن مسلم المتقدِّمة «قال: سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلٍ اشترى متاعاً، فكسد عليه متاعه، وقد زكَّى ماله قبل أن يشتري المتاع، متى يزكِّيه؟ فقال: إن كان أمسك متاعه يبتغي به رأس ماله فليس عليه زكاة، وإن كان حبسه بعدما يجد رأس ماله فعليه الزَّكاة بعدما أمسكه بعد رأس المال...»([1]).

ومنها: صحيحة إسماعيل بن عبد الخالق «قال: سأله سعيد الأعرج ­ وأنا أسمع ­ فقال: إنَّا نكبس الزَّيت والسَّمن نطلب به التِّجارة، فربَّما مكث عندنا السَّنة والسَّنتَيْن، هل عليه زكاة؟ قال: إن كنت تربح فيه شيئاً أو تجد رأس مالك فعليك زكاته، وإن كنت إنَّما تربص به لأنَّك لا تجد إلاَّ وضيعة، فليس عليك زكاة حتى يصير ذهباً أو فضَّة، فإذا صار ذهباً أو فضّة فزكِّه للسَّنة التي اتَّجرت فيها»([2])، وهي، وإن كانت مضمرةً، إلاَّ أنَّه لقرائن فيها يعلم أنَّ المسؤول هو الإمام (عليه السلام).

ومنها: رواية أبي الربيع الشَّامي عن أبي عبد الله (عليه السلام) «في رجل اشترى متاعاً، فكسد عليه متاعه، وقد كان زكَّى ماله قبل أن يشتري به، هل عليه زكاة، أو حتى يبيعه؟ فقال: إن كان أمسكه التماس الفضل على رأس المال فعليه الزكاة»([3])، ولكنَّها ضعيفة بعدم وثاقة أبي الرَّبيع الشَّامي، وجهالة محمَّد بن إسماعيل، فإنَّ الظَّاهر أنَّه البندقيّ النيشابوريّ المجهول.

ومنها: مفهوم رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) ­ في حديث ­ «قال: إن كان عندك متاع في البيت موضوع، فأعطيت به رأس مالك، فرغبت عنه، فعليك زكاته»([4])، ولكنَّها ضعيفة بعليِّ بن أبي حمزة البطائنيّ، وعدم وثاقة القاسم بن محمَّد، وكذا غيرها من الرِّوايات.

والخلاصة: أنَّه لو كان رأس ماله مائة دينار فنقصت قيمته السُّوقيّة في الحَوْل كلِّه أو بعضه ولو حبَّة من قيراط لم تستحبّ الزَّكاة، والله العالم.

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ولو زاد اعتُبر له حول من حين الزِّيادة(1)

(1) المعروف بين الأعلام أنَّ حول الزِّيادة من حين ظهورها، ولا يبنى حولها على حول الأصل.

وفي الجواهر: «بلا خلاف أجده بين مَنْ تعرَّض له منَّا، لمنافاته لما دلَّ على اعتبار الحَوْل، ضرورة أنَّ الزِّيادة مال مستقلّ يشمله ما دلَّ على اعتبار الحَوْل، وإلغاء ما مضى من حول الأصل واستئنافه للجميع من حين ظهور الرَّبح منافٍ لحقِّ الفقراء، وتكرار الزَّكاة للأصل من تمام حوله وعند تمام حول الزِّيادة منافٍ لمراعاة حقِّ المالك، ولما دلَّ على أنَّ المال لا يُزكَّى في الحَوْل مرتَيْن ، فلم يبقَ إلاَّ مراعاة الحَوْل لكلٍّ منهما...».

أقول: إنَّ الزِّيادة الحاصلة في أثناء الحَوْل إن عدَّت عرفاً مالاً مستقلاًّ أجنبيّاً عن ماله الأصليّ، كما في مثل الثَّمرة والنِّتاج، دون الزِّيادة القيميَّة أو المتَّصلة كسُمن الدَّابّة، فلا دليل على تعلُّق الزَّكاة بها ما لم تكن هي بنفسها من الأجناس الزَّكويّة؛ لأنَّها مالٌ ملكه لا بعقدِ معاوضةٍ، بل بالنَّماء والولادة والتّكوُّن في ملكه، ولا ينطبق عليه ما ذكروه شرطاً لتعلُّق الزَّكاة من سلامة رأس المال طول الحول؛ إذ ليس له رأس مال حتى يتحقَّق فيه هذا الشَّرط ­ لأنَّ رأس المال هو المال المستعمل في التِّجارة بالفعل، ولا يكفي في صدقه إعداد السِّلعة لطلب الرِّبح إذا لم يتَّجر به فعلاً ­ وإن عُدَّت تابعةً لما انتقل إليه بعقد معاوضة، بحيث يكون جزءاً من المال الذي يحوّل ماله إليه، كما هو الحقُّ، فمقتضاه حينئذٍ عدم استقلال أبعاضه بالحَوْل، بل المدار في الحَوْل على حول الأصل.

وقد أشار المصنِّف (قد) في البيان إلى ما ذكرناه ، حيث قال: «ونتاج مال التجارة منها على الأقرب؛ لأنَّه جزء منها...».

 

([1]) الوسائل باب 13 من أبواب ما تجب فيه الزكاة وما تستحب فيه ح3.

([2]) الوسائل باب 13 من أبواب ما تجب فيه الزكاة وما تستحب فيه ح1.

([3]) الوسائل باب 13 من أبواب ما تجب فيه الزكاة وما تستحب فيه ح4.

([4]) الوسائل باب 13 من أبواب ما تجب فيه الزكاة وما تستحب فيه ح7.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3570
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء: 21-12-2021
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12