• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الزكاة .
              • القسم الفرعي : زكاة الغلات الاربعة / الزكاة (ارشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 68 _زكاة الغلات الأربعة 6 .

الدرس 68 _زكاة الغلات الأربعة 6

وأمَّا أنَّه تسعة أرطال بالعراقيّ، فيدلُّ عليه صحيحة أيوب بن نوح «قال: كتبتُ إلى أبي الحسن (عليه السلام): إنّ قوماً يسألوني عنِ الفطرة، ويسألوني أن يحملوا قيمتها إليك، وقد بعثتُ إليك هذا الرَّجل عام أوَّلٍ، وسألني أن أسألك فأُنسِيت ذلك، وقد بعثتُ إليك العام عن كلِّ رأس من عياله بدرهم على قيمة تسعة أرطال بدرهم، فرأيك ­ جعلني الله فداك ­ في ذلك؟ فكتب (عليه السلام) ­ خلاصته: تقرير المعصوم (عليه السلام) فيه تقرير لما في السؤال ­: الفطرة قد كثر السؤال عنها، وأنا أكره كل ما أدى إلى الشهرة، فاقطعوا ذكر ذلك، واقبض ممن دفع لها وأمسك عمّن لم يدفع»([1]).

والمراد بالأرطال هنا: العراقيَّة خصوصاً، مع كون الرَّاوي عراقيّاً، وهي عبارة عن الصَّاع؛ لأنَّه الواجب في الفطرة.

وتدلُّ على أنَّه تسعة أرطال بالعراقيّ وستَّة بالمدنيّ صريحاً رواية جعفر بن إبراهيم بن محمَّد الهمداني «قال: كتبتُ إلى أبي الحسن (عليه السلام) على يدي أبي: جُعلتُ فداك، إنَّ أصحابنا اختلفوا في الصَّاع، بعضهم يقول: الفِطْرة بصاع المدنيّ، وبعضهم يقول: بصاع العراقيّ، قال: فكتبَ إليَّ: الصَّاع بستَّة أرطال بالمدنيِّ، وتسعة أرطال بالعراقيِّ، قال: وأخبرني أنَّه يكون بالوزن ألفاً ومائة وسبعين وزنة»([2])، والمراد بالوزنة الدِّرهم، وهي ضعيفة بعدم وثاقة جعفر بن إبراهيم بن محمَّد الهمداني.

وتدلّ عليه أيضاً: رواية علي بن بلال «قال: كتب إلى الرجل (عليه السلام) أسأله عن الفطرة وكم يدفع؟ قال: فكتب (عليه السلام): ستة أرطال من تمرٍ بالمدني، وذلك تسعة أرطال بالبغدادي»([3]). والأرطال بحسب الظاهر عبارة عن الصاع؛ لأنَّه الواجب في الفطرة، ولكنها ضعيفة بالإرسال.

ويدل عليه أيضاً ما في تحف العقول «قال: وقال الصادق (عليه السلام): هو تسعة أرطال بالعراقي وستة بالمدني»([4])، وهي ضعيفة بالإرسال.

وأما أنَّ الصَّاع أربعة أمداد، فلا خلاف في ذلك بين الأعلام، بل عن المنتهى: «أنَّه قول العلماء كافَّةً...»، وعن الغنية والخلاف وظاهر التَّذكرة أيضاً: دعوى الإجماع عليه، وعن المعتبر والمنتهى: «أنَّ المُدَّ ربع الصَّاع بإجماع العلماء...».

ويدلُّ على ذلك ­ مضافاً لما ذُكِر ­ جملة من الرِّوايات:

منها: صحيحة الحلبيّ الواردة في الفطرة «قال: سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) عن صدقة الفِطْرة؟ فقال: على كلِّ مَنْ يعول الرَّجل، على الحرِّ والعبد، والصَّغير والكبير، صاع من تمر، أو نصف صاعٍ من بُرٍّ، والصَّاع أربعة أمداد»([5])، ونحوها صحيحة عبد الله بن سنان([6]).

ومنها: صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) المتقدِّمة «قال: كان رسول الله (ص) يتوضَّأ بمُدٍّ، ويغتسل بصاع، والمدُّ رطل ونصف، والصَّاع ستَّة أرطال»([7])، ومقتضاها أنَّ الصَّاع أربعة أمداد، فالمدُّ ربع الصَّاع.

وأمَّا ما في بعض الرِّوايات من كون الصَّاع خمسة أمداد، كما في موثَّقة سماعة «قال: سألته عن الذي يجزي من الماء للغسل، فقال: اغتسل رسول الله (ص) بصاع، وتوضَّأ بمُدٍّ، وكان الصَّاع على عهده خمسة أمداد، وكان المُدُّ قدر رطل وثلاث أواقٍ»([8])، وقد عرفت أنَّ مضمرات سماعة مقبولة.

وكما في رواية سليمان بن حفص المروزيّ «قال: قال أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام): الغسل بصاع من ماء، والوضوء بمُدٍّ من ماء، وصاع النَّبيّ (ص) خمسة أمداد، والمُدّ وزن مائتين وثمانين درهماً، والدِّرهم وزن ستَّة دوانيق، والدَّانق وزن ستّ حبَّات، والحبَّة وزن حبَّتي شعير من أوسط الحبّ، لا من صغاره ولا من كباره»([9])، وهي ضعيفة بالإرسال، وبجهالة سليمان بن حفص المروزيّ وعلي بن محمَّد، فإنَّه مشترك.

ومفاد هاتين الرِّوايتَيْن أنَّ الصَّاع خمسة أمداد.

وقد ذكر جماعة من الأعلام أنَّه يجب طرحهما لمخالفتهما لما اتَّفق عليه الأعلام.

لا سيمَّا رواية المروزيّ، فإنّها مخالفةً من ثلاث جهاتٍ:

الأُولى: في الصَّاع، حيث دلَّت على أنَّه خمسة أمداد، والمعروف بين الأعلام أنَّه أربعة.

الثَّانية: في المُدِّ، فإنَّ المعروف عند الأعلام أنَّه مائتا درهم واثنان وتسعون درهماً ونصف درهم، وبما أنَّ الصَّاع ألف درهم ومائة وسبعون درهماً والصَّاع أربعة أمداد، فيكون المُدِّ بقدر ربع هذا المذكور، وهو ما ذكرناه.

وأمَّا بناءً على هذه الرِّواية من أنَّ الصَّاع خمسة أمداد، فالمُدّ خمس المذكور، وهو مائتان وأربعة وثلاثون درهماً، وهو لا ينطبق على ما هو عند الأعلام.

الثَّالثة: في الدَّانق، والمعروف أنَّ الدَّانق ثماني حبَّات من أوسط حبِّ الشَّعير، فالدِّرهم حينئذٍ ثمان وأربعون شعيرة.

وبناءً على هذه الرِّواية، فإنَّ الدَّانق اثنتا عشرة حبَّة من أوسط حبِّ الشَّعير.

وعليه، فيكون الدِّرهم اثنتين وسبعين حبَّة من الشَّعير، وهذا مخالف لما هو المعروف بينهم.

هذا، وقد أجاب بعض الأعلام بالفرق بين صاع الغسل وصاع الفطرة، وحمل رواية المروزيّ وسماعة على صاع الماء، ورواية الهمدانيّ المتقدِّمة الدالَّة على أنَّه أربعة أمداد على صاع الطَّعام؛ باعتبار أنَّ الأجسام المختلفة يختلف قدرها بالنِّسبة إلى مكيال معين، فلا يمكن أن يكون الصَّاع من الماء موافقاً للصَّاع من الحنطة والشَّعير وشبههما، فلذا كان الصَّاع المعتبر في وزن الماء لأجل الوضوء والغسل أثقل ممّا ورد في الفطرة ونصاب الزَّكاة؛ لكون الماء أثقل من الحبوب مع تساوي الحجم، كما هو معلوم.

وفيه: أنَّ هذا الجواب ينافي صحيحة زرارة المتقدِّمة الدالَّة على أنَّه (ص) كان يتوضَّأ بمُدٍّ ويغتسل بصاع، ثمَّ فسَّر (عليه السلام) المُدّ برطل ونصف والصَّاع بستَّة أرطال، فإنَّها ظاهرة في كون الصَّاع فيها إنَّما هو صاع الماء، مع أنَّه فسَّره بما يرجع إلى الأربعة أمداد؛ لأنَّ الأرطال محمولة على أرطال المدينة، والصَّاع بستَّة أرطال فيها، والمُدّ برطل ونصف، وهو ظاهر في الأربعة أمداد لا الخمسة.

والأَولى في الجواب: هو ردُّ علم هاتَيْن الرِّوايتَيْن المزبورتَيْن إلى أهله (عليهم السلام)، وهم أدرى بها، وأهل البيت أدرى بما فيه.

 

([1]) الوسائل باب 9 من أبواب زكاة الفطرة ح3.

([2]) الوسائل باب 7 من أبواب زكاة الفطرة ح1.

([3]) الوسائل باب 7 من أبواب زكاة الفطرة ح2.

([4]) الوسائل باب 4 من أبواب زكاة الغلاَّت ح10.

([5]) الوسائل باب 6 من أبواب زكاة الفطرة ح12.

([6]) الوسائل باب 6 من أبواب زكاة الفطرة ذيل ح12.

([7]) الوسائل باب 50 من أبواب الوضوء ح1.

([8]) الوسائل باب 50 من أبواب الوضوء ح4.

([9]) الوسائل باب 50 من أبواب الوضوء 3.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3547
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 10-11-2021
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13