• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الزكاة .
              • القسم الفرعي : زكاة النقدين / الزكاة (ارشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 61 _زكاة النقدين 7 .

الدرس 61 _زكاة النقدين 7

قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والمغشوش يشترط بلوغ خالصه نصاباً(1)

(1) الدِّينار المغشوش هو ما يخرج عن اسم الذَّهب الخالص، أي ما يخرج عن كونه مصداقاً لما يقال عليه في العرف على سبيل الحقيقة أنَّه ذهب، لا على جهة المسامحة والتَّغليب.

وكذلك الحال بالنِّسبة للدِّرهم المغشوش، فهو الَّذي يخرج عن كونه مصداقاً لما يقال عليه في العرف على سبيل الحقيقة أنَّه فِضَّة.

إذا عرفت ذلك، فالمعروف بين الأعلام أنَّه لا زكاة في المغشوشة حتى يبلغ خالصها النِّصاب، والظَّاهر أنَّه لا خلاف بينهم، وعن غير واحد من الأعلام نسبته إلى الأصحاب، فإذا بلغ النِّصاب فتجب الزَّكاة حينئذٍ.

ولكنَّ الإنصاف: ما ذكرنا سابقاً من أنَّ الموضوع لوجوب الزَّكاة في النَّقدين هو ما صدق عليه الدِّينار والدِّرهم بالحمل الشَّايع، أي ما كان مصداقاً للذَّهب والفضَّة المسكوكَيْن بسكَّة المعاملة.

وعليه، فإذا كان الغشُّ فيهما قليلاً لا يخرج الدِّينار والدِّرهم عن كونهما مصداقَيْن للذَّهب والفضَّة المسكوكَيْن، فتجب الزَّكاة إذا بلغ المجموع حدَّ النِّصاب، وإن لم يبلغ خالصهما النِّصاب؛ لأنَّ الموضوع كما عرفت هو ما صدق عليه الدِّينار، والدِّرهم خارجاً، أي ما كان مصداقاً للذَّهب والفضَّة المسكوكَيْن، وإن اشتملا على الغشّ والخليط.

وأمَّا إذا كان الغشّ كثيراً، بحيث لا يصدق عليهما الدّينار والدّرهم بالحمل الشّايع، ولا يقال عرفاً على سبيل الحقيقة أنّهما ذهب وفضة، كما لو كان الخليط بمقدار النِّصف، ففي هذه الحالة لا تجب الزَّكاة فيهما وإن بلغ خالصهما النِّصاب؛ لما عرفت من أنَّ موضوع الوجوب هو الدّينار من الذَّهب والدِّرهم من الفضَّة، والفرض أنَّه لا يصدق عليهما هذا العنوان.

نعم، يظهر من رواية زيد الصَّائغ وجوب الزَّكاة على الدِّرهم الَّذي ثلثه من فضَّة وثلثاه من المسِّ ­ أي النُّحاس ­ والرَّصاص، مع أنَّه في الواقع لا يسمَّى درهماً من فضَّة «قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنِّي كنتُ في قرية من قرى خراسان يقال لها: بخارى، فرأيتُ فيها دراهم تعمل ثلث فضَّة، وثلث مساً، وثلث رصاصاً، وكانت تجوز عندهم، وكنت أعملها وأنفقها، قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): لا بأس بذلك إذا كان تجوز عندهم، فقلتُ: أرأيت إن حال عليها الحول وهي عندي، وفيها ما يجب عليّ فيه الزكاة، أُزكِّيها؟ قال: نعم، إنَّما هو مالك، قلتُ: فإن أخرجتها إلى بلدة لا ينفق فيها مثلها، فبقيت عندي حتى حال عليها الحول، أُزكّيها؟ قال: إن كنت تعرف أنَّ فيها من الفضَّة الخالصة ما يجب عليك فيه الزَّكاة فزكِ ما كان لك فيها من الفضَّة الخالصة (من فضَّة)، ودع ما سوى ذلك من الخبيث، قلتُ: وإن كنتُ لا أعلم ما فيها من الفضَّة الخالصة إلاَّ أنِّي أعلم أنَّ فيها ما يجب فيه الزَّكاة؟ قال: فاسبكها حتى تخلص الفضَّة، ويحترق الخبيث، ثمَّ تزكِّي ما خلص من الفضَّة لسنة واحدة»([1]).

وقوله (عليه السلام): «لسنة واحدة»، أي السَّنة التي بقيت عنده حتى حال عليها الحَوْل قبل أن يسبكها دون ما بعدها ممَّا جُعِلت فيه سبائك.

وجه الاستدلال بهذه الرِّواية: أنَّه (عليه السلام) أوجب الزَّكاة على الدِّرهم المغشوش كثيراً، بحيث كان مقدار الفضَّة فيه أقلّ من النِّصف، وهو الثُّلث.

ومن المعلوم أنَّه في الواقع لا يكون مصداقاً للدِّرهم من فضَّة، أي لا يقال له في العرف: إنَّه فضَّة على سبيل الحقيقة؛ نعم يقال له ذلك من باب المسامحة.

والجواب عن ذلك أوَّلاً: أنَّ الرِّواية ضعيفة بجهالة كلٍّ من محمَّد بن عبد الله بن هلال، وزيد الصَّائغ.

وأمَّا القول: بأنَّ عمل المشهور جابرٌ لضعف السَّند، فهو غير ثابت كبروياً وصغروياً.

وثانياً: أنَّ فيها مخالفة لبعض القواعد من جهتَيْن:

الأُولى: قال (عليه السلام): «إن كنت تعرف أنَّ فيها من الفضَّة الخالصة...»، حيث جعل (عليه السلام) المناط في وجوب الزَّكاة هو بلوغ خالصها النِّصاب، مع أنَّك عرفت أنَّ القاعدة في الوجوب هو ما صدق عليه الدِّرهم من فضَّة عرفاً على سبيل الحقيقة، وذلك منتفٍ هنا؛ لكون مقدار الفضَّة هنا هو الثُّلث وثلثاه من نحاس ورصاص.

والثَّانية: حيث أوجب (عليه السلام) الفحص في الشُّبهة الموضوعيَّة، حيث قال (عليه السلام): «فاسبكها حتَّى تخلص الفضَّة ويحترق الخبيث...»، مع أنَّه من المتَّفق عليه عدم وجوب الفحص في الشُّبهات الموضوعيَّة.

نعم، قد يقال: إنَّ ما ورد في هذه الرِّواية هو استثناء من القاعدة وتخصيص لها، ولا عيب في ذلك؛ إذ ما من عامٍّ وإلاَّ وقد خصّ.

أقول: يبقى حينئذٍ الإشكال الأوَّل، وهو ضعف السَّند، ولولا ضعفها سنداً لأمكن العمل بمضمونها.

 

([1]) الوسائل باب 7 من أبواب زكاة الذهب والفضة ح1.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3540
  • تاريخ إضافة الموضوع : الخميس: 28-10-2021
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12