• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : كتاب الزكاة .
              • القسم الفرعي : تعريف الزكاة، ووجوبها وجملة من فوائدها / الزكاة (ارشيف صوتي) .
                    • الموضوع : الدرس 3 _تعريف الزكاة، ووجوبها وجملة من فوائدها 3 .

الدرس 3 _تعريف الزكاة، ووجوبها وجملة من فوائدها 3

ومنها: رواية مبارك العقرقوفي عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) «قَاْل: إنَّمَا وُضِعَتِ الزَّكاة قُوْتاً للفُقَرَاءِ، وتَوْفِيْراً لأموالهم»([1])، وهي ضعيفة بجهالة مبارك العقرقوفي، وبمحمَّد بن سنان الواقع في طريق الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) في الفقيه إليه.

نعم، رواها الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) في العِلَل، كما رواها البرقي في المحاسن، وهي ضعيفة فيهما بمبارك العقرقوفي فقط.

ومنها: رواية معتب مولى الصَّادق (عليه السلام) «قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ (عليه السلام): إِنَّمَا وُضِعَتِ الزَّكاة اخْتِبَاراً لِلْأَغْنِيَاءِ، وَمَعُونَةً لِلْفُقَرَاءِ، وَلَوْ أَنَّ النَّاسَ أَدَّوْا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ مَا بَقِيَ مُسْلِمٌ فَقِيراً مُحْتَاجاً، وَلَاسْتَغْنَى بِمَا فَرَضَ الله (عز وجل)  لَهُ، وَإِنَّ النَّاسَ مَا افْتَقَرُوا، وَلَا احْتَاجُوا، وَلَا جَاعُوا، وَلَا عَرُوا، إِلاَّ بِذُنُوبِ الْأَغْنِيَاءِ، وَحَقِيقٌ عَلَى الله (عز وجل)  أَنْ يَمْنَعَ رَحْمَتَهُ مَنْ مَنَعَ حَقَّ الله فِي مَالِهِ، وَأُقْسِمُ بِالَّذِي خَلَقَ الْخَلْقَ، وَبَسَطَ الرِّزْقَ أَنَّهُ مَا ضَاعَ مَالٌ فِي بَرٍّ وَلَا بَحْرٍ إِلاَّ بِتَرْكِ الزَّكاة، وَمَا صِيدَ صَيْدٌ فِي بَرٍّ وَلَا بَحْرٍ، إِلاَّ بِتَرْكِهِ التَّسْبِيحَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَإِنَّ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَى الله (عز وجل)  أَسْخَاهُمْ كَفّاً، وَأَسْخَى النَّاسِ مَنْ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ، وَلَمْ يَبْخَلْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِمَا افْتَرَضَ الله (عز وجل)  لَهُمْ فِي مَالِهِ»([2])، وهي ضعيفة بعدة أشخاص، وكذا غيرها مِنَ الرِّوايات الكثيرة.

الفائدة الرَّابعة: في كفر منكر وجوب الزَّكاة، قال العلاَّمة (رحمه الله) في التَّذكرة: «وأجمع المسلمون كافَّة على وجوبها في جميع الأعصار، وهي أحد أركان الإسلام الخمسة، إذا عرفت هذا، فمَنْ أنكر وجوبها ممَّنْ ولد على الفطرة، ونشأ بين المسلمين، فهو مرتدٌّ يُقْتل من غير أن يستتاب؛ وإن لم يكن عن فطرة، بل أسلم عقيب كفر، استتيب ­ مع علم وجوبها ­ ثلاثاً، فإنْ تاب، وإلاَّ فهو مرتدٌّ وجب قتله؛ وإنْ كان ممَّن يخفى وجوبها عليه، لأنَّه نشأ بالبادية، أو كان قريب العهد بالإسلام عُرِّف وجوبها ولم يحكم بكفره».

قال صاحب المدارك ­ بعد نقله عنه ­: «وهو جيِّد...».

أقول: الحكم بكفر منكر وجوبها إنَّما هو لإنكاره ضرورةً من ضروريَّات الدِّين، وقد عرفت سابقاً أنَّ وجوبَ الزَّكاة في الجملة مِنَ الضَّروريات.

ولكن وقع الكلام بين الأعلام في أنَّ إنكار الضَّروريِّ مِنَ الدِّين، هل هو بنفسه موجب للكفر، أو أنَّه إنَّما يوجبه إذا استلزم تكذيب النَّبيِّ (ص)، وإنكار رسالته، والمشهور بين الأعلام هو الأوَّل، ومن هنا لو احتملتِ الشُّبهة في حقِّه لم يحكم بكفره.

وذهب جماعة مِنَ الأعلام إلى الثَّاني، منهم السَّيِّد محسن الحكيم والسَّيِّد أبو القاسم الخوئي (رحمهما الله) فهو إنَّما يُوجِب الكُفْر إذا استلزم تكذيب النَّبيِّ (ص) وإنكار رسالته.

والإنصاف: هو ما ذكرناه سابقاً مِنَ موافقة المشهور بالجملة، فإنَّ مَنْ عاش في بلاد الإسلام حتَّى شاب، وعرف الضَّروريَّ مِنَ الإسلام، بحيث لا يمكن خفاؤه عليه ­ لوضوحه ­، فإذا أنكره مع ذلك صدق عليه أنَّه أنكر الدِّين للملازمة بينهما، وإن لم يلتفت إلى أنَّ ذلك تكذيب منه للنَّبيِّ (ص) وإنكار لنبوته.

ومن هنا يتضح الوجه في تمثيل الفقهاء لمنكري بعض الضَّروريَّات بالخارجيِّ والنَّاصبيِّ ونحوهما، والحكم بكفرهم ونجاستهم، مع العلم بأنَّ كثيراً مِنَ الخوراج والنَّواصب لم يداخلهم شكٌّ في ربِّهم أو نبيِّهم، فضلاً عن إنكارهم لهما بقلوبهم، ومع ذلك حكم الفقهاء بكفرهم ونجاستهم؛ لإنكارهم جملة مِنَ الضَّروريَّات، كاستحلالهم قَتْل أمير المؤمنين (عليه السلام)، ومَنْ معه مِنَ المسلمين، وحكمهم بتكفيرهم بمجرد التَّحكيم، وكذا استحلالهم لقتل الحسين (عليه السلام)، ومَنْ معه مِنَ الأصحاب.

نعم، لو كان المنكر لبعض الضَّروريات ممَّنْ يمكن خفاء الضَّرورة عليه، كما لو عاش بعيداً عنِ الإسلام، أو دخل في الإسلام حديثاً، ولم يعرف أنَّ وجوب الزَّكاة مثلاً من ضروريَّات الدِّين، فإنكاره حينئذٍ لا يكون للدِّين والشَّريعة، ولا يحكم بكفره بمجرد ذلك، وإنَّما يحكم بكفره إذا حصل له العلم، ثمَّ أنكر.

ولعلَّ ما اشتهر بين الأعلام مِنِ استثناء صورة الشُّبهة من الحكم بكفر منكر الضرروي منزَّلٌ على ما ذكرناه، والله العالم.

ثمَّ إنَّ هذا فيما لو أنكر وجوب الزَّكاة، وأمَّا إذا لم ينكر وجوبها، وإنَّما امتنع من إعطائها، فلا إشكال بين الأعلام أنَّه لا يكفر، ولا يخرج بذلك عن ربقه الإسلام.

نعم، المعروف بينهم أنَّه يقاتل حتَّى يدفعها، قال العلاَّمة (رحمه الله) في المنتهى: «ويقاتل مانع الزَّكاة حتَّى يؤدِّيَها، وهو قول العلماء...».

وممَّن ذهب إلى ذلك أيضاً المصنِّف (رحمه الله) هنا ­ أي في الدُّروس ­ كما سيأتي قريباً إن شاء الله.

وبالجملة، فلا إشكال في قتال مانعي الزَّكاة مع وجودها عندهم؛ لأنَّهم من غاصبي الأموال، بناءً على أنَّ الزَّكاة في العين، وكذلك لو أنها في الذمة، ولكن من باب الأمر بالمعروف والنَّهي عنِ المنكر.

لكنَّ الأقوى: أنْ يكون ذلك بمباشرة الحاكم الشَّرعي، أو إذنه.

وأمَّا احتمال مباشرة غيره له من دون إذنه من باب الأمر بالمعروف، مع توقفه على القتال، فبعيد.

ويؤيِّد ما ذكرناه ما رواه أبان بن تغلب عن أبي عبد الله (عليه السلام) «أَنَّهُ قَالَ: دَمّانِ فِي الْإِسْلَامِ حَلَالٌ مِنَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، لَا يَقْضِي فِيهِمَا أَحَدٌ حَتَّى يَبْعَثَ الله (عز وجل)  قَائِمَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، فَإِذَا بَعَثَ الله (عز وجل) قَائِمَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ حَكَمَ فِيهِمَا بِحُكْمِ الله (عز وجل) : الزَّانِي الْمُحْصَنُ يَرْجُمُهُ، وَمَانِعُ الزَّكاة يَضْرِبُ عُنُقَهُ »([3])، وهي واضحة في أنَّ المتولِّي لذلك الإمام (عليه السلام) أو نائبه، لأنَّه بمنزلته.

وإنَّما جعلناها مؤيِّدة، وليست دليلاً؛ لأنَّها ضعيفة بجميع الطُّرق الواردة فيها:

أمَّا طريق الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) في الفقيه؛ فلأنَّ في إسناده إلى أبان بن تغلب أبو عليٍّ صاحب الكلل، وهو مجهول.

وأمَّا طريقه في عقاب الأعمال، فضعيف بمحمَّد بن عليٍّ الكوفي، وموسى بن سعدان، وجهالة عبد الله بن القاسم.

وأمَّا الكليني، فله طريقان:

أحدهما: ضعيف بسهل بن زياد، ومحمَّد بن الحسن بن شمون، وجهالة عبد الله بن عبد الرَّحمان.

وأمَّا طريقه الثَّاني: فضعيف بمحمَّد بن عليٍّ الكوفي، وموسى بن سعدان، وجهالة عبد الله بن القاسم.

وأمَّا طريق البرقي في المحاسن، فهو أيضاً ضعيف بنفس ما في الطَّريق الثَّاني للكليني.

بقي شيء في المقام، وحاصله: أنَّ مانع الزَّكاة، وإن كان يقاتل حتَّى يؤدِّيها أو يُؤخَذ من ماله ما يؤدَّى به عنه، إلاَّ أنَّه لا تُسبَى أطفاله، ولا نساؤه؛ لعدم الدَّليل عليه، بل السِّيرة قائمة على المنع، والله العالم.

 

([1]) الوسائل باب 1 من أبواب ما تجب فيه الزَّكاة، وما تستحبُّ فيه ح4.

([2]) الوسائل باب 1 من أبواب ما تجب فيه الزَّكاة، وما تستحبُّ فيه ح6.

([3]) الوسائل باب 4 من أبواب ما يجب فيه الزَّكاة، وما تستحبُّ فيه ح6.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3481
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 24-03-2021
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12