• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الأصول (دورة جديدة) .
              • القسم الفرعي : مبحث العام والخاص / بحث الاصول (2022) .
                    • الموضوع : الدرس 254 _ المقصد الثالث في العام والخاص 29 .

الدرس 254 _ المقصد الثالث في العام والخاص 29

الدرس 254 _ المقصد الرابع في العام والخاص 29

الفصل الثاني: تعريف العام وأقسامه وصيغه / المبحث الثامن: اشتراط حجية العام بالفحص عن المخصص.

·      التفريق بين الأصول اللفظية والعملية العقلية والشرعية.

·      عدم قبول السيد الخوئي (رحمه الله) للتفريق بين الأصول اللفظية والعقلية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أمّا السيد الخوئي R، فلم يقبل بهذا التفريق بين الأصول اللفظية والأصول العملية العقلية والشرعية؛ مدّعياً أنّ في كلٍّ منهما تارةً يكون الفحص عن مقتضي الحجّية، وأخرى يكون عن مزاحمها.

وتوضيحه:

أمّا البحث عن مقتضي الحجية، فبالنسبة إلى الأصول العملية العقلية والشرعية، فقد تقدم بما لا مزيد عليه. وأمّا البحث عنه بالنسبة إلى الأصول اللفظية، فكما لو كان العام في معرِض التخصيص، فإنّ العام في هذه الصورة يكون فاقداً للحجية؛ لأنّ منشأ حجية ظهوره في العموم هو بناء العقلاء، وهم لا يعملون بالعام حينما يكون في معرِض التخصيص، فلا يكون للعام حجّية من أوّل الأمر.

وعليه، يكون الفحص عن المخصِّص فحصاً عن مقتضي الحجية، لا عن مزاحم لها.

وأمّا البحث عن المزاحم للحجية، فبالنسبة إلى الأصول العملية؛ كما في الشبهات الموضوعية؛ إذ لا يجب الفحص في مواردها، فتجري الأصول حينئذٍ بلا فحص. فإذا علمنا بوجود ما ينافي الأصل العملي؛ كما لو علمنا إجمالاً بالمنافي، فهنا يتعيَّن الفحص قبل إجراء الأصل، ويكون البحث حينئذٍ بحثاً عن مزاحم للحجية.

وتوضيحه: مثلاً لو شككنا في نجاسة إناء، فهنا نجري أصالة الطهارة بلا داعٍ إلى الفحص، ولكن إن علمنا إجمالاً بأنّه إمّا هذا الإناء نجس أو إناء آخر، فهنا يتعيَّن الفحص عمّا يزاحم حجية الأصل.

وأمّا البحث عن المزاحم للحجية بالنسبة إلى الأصول اللفظية، فكما لو لم يكن العام في معرِض التخصيص؛ كما في العمومات بين المولى وخادمه، والوكيل وموكّله؛ حيث يكون العام حجة من أوّل الأمر بلا داعٍ إلى الفحص. فإذا علم إجمالاً بوجود مخصِّص، فهنا يجب عليه الفحص؛ ويكون البحث حينئذٍ بحثاً عن مزاحم للحجية لا عن مقتضٍ لها.

هذه خلاصة ما ذهب إليه السيد الخوئي من أنّه لا فرق بين الأصول اللفظية والعملية من هذه الجهة، فإنّ الفحص عن المقتضي للحجية والمزاحم لها جارٍ في كليهما.

والإنصاف: أنّ كلام السيد الخوئي في غير محلّه، فإنّ الفحص في الأصول اللفظية فحص عن مزاحم للحجية دائماً لا عمّا يقتضيها؛ والسرّ فيه هو أنّ ظهور العام منعقد وإن كان في معرِض التخصيص، والحجية تابعة له، فيكون حجة، غايته أنّ كونه في معرِض التخصيص يمنع من العمل به قبل الفحص عن المخصِّص؛ إذ على ذلك قامت سيرة العقلاء.

وهذا بخلاف الفحص في الأصول العملية العقلية، فإنّ الفحص فيها فحص عن مقتضٍ للحجية؛ لما تقدم من أنّ موضوعها عدم البيان، وهو غير متحقق قبل الفحص عن الأحكام الإلزامية، فليس للأصول العملية العقلية مقتضٍ للحجية من أوّل الأمر، لذلك فإنّ الفحص عن الأحكام الإلزامية بالنسبة لها هو فحص عمّا يقتضي حجيتها لا عمّا يزاحمها.

إلى هنا نحن على وفاق مع صاحب الكفاية، لكننا نختلف معه فيما يخصّ الأصول العملية الشرعية، فإنّ الفحص فيها ليس فحصاً عن مقتضٍ للحجية؛ وذلك لأنّ أدلّتها مطلقة، فهي جارية بلا فحص. وأمّا دعوى قيام الإجماع على تقيُّدها بما بعد الفحص، فلو سلمنا به، إلا أنّه يبقى مخصِّصاً منفصلاً عن إطلاقات أدلة الأصول العملية الشرعية، وبالتالي فإطلاق هذه الأدلة منعقد، والحجية تابعة له، ومع كونها ذات حجية من أوّل الأمر، فيكون الفحص عن الأحكام الإلزامية فحصاً عن مزاحم للحجية لا عمّا يقتضيها.

وكذا الحال فيما لو قلنا بأنّ وجه وجوب الفحص هو العلم الإجمالي، أو الآيات؛ كقوله سبحانه وتعالى: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُون ﴾[1]f115، أو الروايات؛ كمعتبرة مسعدة بن زياد، قال: «سمعت جعفر بن محمد J وقد سئل عن قوله تعال: ﴿فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ »[2]f116، فقال: إنّ الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: عبدي أكنت عالماً؟ فإن قال: نعم، قال له: أفلا عملت بما علمت؟ وإن قال: كنت جاهلاً، قال له: أفلا تعلمت حتى تعمل؟ فيخصمه، فتلك الحجة البالغة»[3]f117، فإنّ كلّ ذلك يعدّ من المقيِّدات المنفصلة التي تزاحم حجية إطلاقات أدلّة الأصول العملية الشرعية، لا أنّها تمنع أصل اقتضائها، فتأمل.

النتيجة: أنّ الفحص في الأصول اللفظية والأصول العملية الشرعية فحص عن المزاحم للحجية، بينما الفحص في الأصول العملية العقلية فحص عن مقتضٍ للحجية. والله العالم.



[1] سورة النحل، الآية: 43.

[2] سورة الأنعام، الآية: 149.

[3] الأمالي للشيخ الطوسي، ص10.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3477
  • تاريخ إضافة الموضوع : الأربعاء: 29-05-2024
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12