• الموقع : موقع سماحة اية الله الشيخ حسن الرميتي .
        • القسم الرئيسي : بحث الأصول (دورة جديدة) .
              • القسم الفرعي : مبحث العام والخاص / بحث الاصول (2022) .
                    • الموضوع : الدرس 252 _ المقصد الثالث في العام والخاص 27 .

الدرس 252 _ المقصد الثالث في العام والخاص 27

الدرس 252 _ المقصد الرابع في العام والخاص 27

الفصل الثاني: تعريف العام وأقسامه وصيغه / المبحث الثامن: اشتراط حجية العام بالفحص عن المخصص.

·      الانصاف في مسألة "عدم جواز العمل بالعام قبل الفحص".

·      ما هو مقدار الفحص (على الوجوه الأربعة).

·      التفريق بين المخصص المتصل والمنفصل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بيَّن صاحب الكفاية الوجه الصحيح مفصِّلاً؛ حيث قال R: «فالتحقيق عدم جواز التمسك به قبل الفحص، فيما إذا كان في معرِض التخصيص؛ كما هو الحال في عمومات الكتاب والسنة؛ وذلك لأجل أنّه لولا القطع باستقرار سيرة العقلاء على عدم العمل به قبله، فلا أقل من الشك، كيف؟ وقد ادعي الإجماع على عدم جوازه، فضلاً عن نفي الخلاف عنه، وهو كاف في عدم الجواز، كما لا يخفى. وأما إذا لم يكن العام كذلك؛ كما هو الحال في غالب العمومات الواقعة في السنة أهل المحاورات، فلا شبهة في أن السيرة على العمل به بلا فحص عن مخصص».

حاصل هذا الكلام: إنّ العام على قسمين: تارةً يكون العام في معرِض التخصيص؛ كما هو الحال في عمومات الكتاب الكريم والسنة الشريفة؛ إذ نجد أنّ عادة الشارع ذِكر العام وتأجيل المخصِّص؛ إمّا لمفسدة في تعجيله، أو لمصلحة في تأجيله كمصلحة التدرّج في تبليغ الأحكام. فهنا لا يجوز العمل بالعموم قبل الفحص عن المخصِّص؛ لأنّ مدرك حجية العموم وسائر الظهورات هو بناء العقلاء، وهي غير شاملة قطعاً لهذه الصورة؛ أي فيما لو كان العام في معرِِض التخصيص، بل حتى لو فرضنا الشك في شمول السيرة لها، فبما أنّ السيرة دليل لبّي، ينبغي الاقتصار فيما قامت عليه على القدر المتيقَّن، وهو العمل بالعمومات بعد الفحص.

وأخرى لا يكون العام في معرِض التخصيص؛ كما في المحاورات بين العقلاء، وبين المولى وخادمه، وبين الوكيل وموكِّله، فهنا يجوز العمل بالعمومات قبل الفحص عن المخصِّصات؛ وذلك لقيام السيرة على العمل بها قبل الفحص في هذه الصورة.

هذا هو تمام الكلام في وجوه وجوب الفحص عن المخصِّصات قبل العمل بالعمومات.

والإنصاف هو ما ذهب إليه صاحب الكفاية من أنّ منشأ وجوبه هو كون العام في معرِض التخصيص، كما هو حال عمومات القرآن الكريم والسنة الشريفة.

مقدار الفحص:

قال صاحب الكفاية R: «وقد ظهر لك بذلك أن مقدار الفحص اللازم ما به يخرج عن المعرضية له، كما أن مقداره اللازم منه بحسب سائر الوجوه التي استدل بها من العلم الاجمالي به أو حصول الظن بما هو التكليف، أو غير ذلك رعايتها، فتختلف مقداره بحسبها، كما لا يخفى».

بعد أن ثبت اشتراط حجّية العام بوجوب الفحص عن المخصِّصات، وأنّ وجه وجوبه هو كون العام في معرِض التخصيص، انتقل صاحب الكفاية إلى بيان مقدار ما يجب فحصه. وقد أجاب بأنّ ذلك بحسب الوجه المختار من الوجوه الأربعة.

أمّا بناءً على الوجه الأوّل، وهو أنّ منشأ وجوب الفحص تحصيل الظـنّ الشخصي بكون العموم مراداً واقعاً للمتكلم، فالفحص مغيَّى بحصول الظنّ الشخصي بإرادة المتكلم للعموم.

وأمّا بناءً على الوجه الثاني، وهو أنّ منشأ وجوب الفحص تحصيل القدر المتيقَّن من الظن المطلق الثابت اعتباره بدليل الانسداد، فالفحص مغيَّى بقيام الإجماع على الحجية.

وأمّا بناءً على الوجه الثالث، وهو أنّ منشأ وجوب الفحص هو العلم الإجمالي بوجود مخصِّصات، فالفحص مغيَّى بانحلاله.

وأمّا بناءً على الوجه المختار، وهو أنّ منشأ وجوب الفحص هو كون العام في معرِض التخصيص، فالفحص مغيَّى بحصول الاطمئنان بعدم التخصيص، وهو حجّة عقلائية يكفي لحصوله الفحص في الأبواب المناسبة لموضوع العام؛ فلو كان موضوعه الطهارة، فيكفي البحث في كتابها. ولا يجب تحصيل العلم الوجداني بعدم التخصيص من خلال الفحص عن المخصِّصات في كلّ باب؛ للزومه تعسّر استنباط الأحكام، خصوصاً وأنّ الأعلام من أصحاب مجامع الحديث قد أتعبوا أنفسهم الشريفة في تقطيع الأحاديث وإيراد كلّ جزء منها في الباب المناسب له؛ حيث كثيراً ما جعلوا صدر الحديث في باب وذيله في باب آخر؛ إذ قد يكون ذيل الخبر قرينة على المراد من صدره، فلو اعتبرنا العلم واليقين، للزم الضيق والعسر الشديد في الاستنباط.

وأمّا بالنسبة إلى مصادر الأخبار، فلا إشكال في كفاية مراجعة كتاب الوسائل، وكتاب الحدائق، وكتاب الجواهر، فإنّ الفقيه بعد مراجعة هذه الكتب الثلاث، إن لم يعثر على المخصِّص في الباب المناسب للحالة، يطمئن بعدم المخصِّص حينئذٍ.

التفريق بين المخصِّص المنفصل والمتصل:

قال صاحب الكفاية R: «ثم إن الظاهر عدم لزوم الفحص عن المخصص المتصل باحتمال أنّه كان ولم يصل، بل حاله حال احتمال قرينة المجاز، وقد اتفقت كلماتهم على عدم الاعتناء به مطلقاً، ولو قبل الفحص عنها، كما لا يخفى».

حاصل كلامه: إنّ ما تقدم من أنّ العمل بالعام متوقف على الفحص عن المخصِّص، خاصة فيما إذا احتملنا المخصِّص المنفصل، أمّا المخصِّص المتصل فلا يتوقف العمل بالعام على الفحص عنه فيما إذا احتملنا سقوطه لسبب ما، فإنّ حاله حال احتمال قرينة المجاز؛ فكما أنّه لو قيل مثلاً: (رأيت أسداً)، فاحتمل أنّه لا يريد من (الأسد) معناه الحقيقي وهو الحيوان المفترس، وإنّما يريد به الرجل الشجاع مجازاً، وقد سقطت القرينة على إرادة المجاز لسبب، فكما أنّه في هذه الصورة يصحّ حمل اللفظ على معناه الحقيقي مباشرة قبل الفحص عن قرينة المجاز المحتملة، كذلك الحال في العام فيما لو احتملنا مخصِّصاً متصلاً؛ حيث يصحّ العمل به دون الفحص.

وفيه: أوّلاً: أنّه لا عبرة بالاتفاق في أمثال المقام ما لم يرجع إلى بيان ما عليه سيرة أهل اللسان.

ثانياً: أنّه بالاعتماد على الوجه المختار في وجوب الفحص عن المخصِّص، وهو أن يكون العام في معرِض التخصيص، فلا فرق بين المخصِّص المتصل والمنفصل طالما هذا المناط متحقِّق؛ أي كون العام في معرِض التخصيص.

ثمّ إنّ أصالة العموم من الظهورات التي منشأ حجيتها بناء العقلاء الذين قامت سيرتهم على الفحص في حال احتمال المخصِّص المتصل والمنفصل على حدّ سواء فيما لو كان العام في معرض التخصيص.

وعليه، فما ذهب إليه صاحب الكفاية من التفريق بينهما لم يكتب له التوفيق.


  • المصدر : http://www.al-roumayte.com/subject.php?id=3475
  • تاريخ إضافة الموضوع : الإثنين: 27-05-2024
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12